نتنياهو في حسابات الأردن
الشريط الإخباري :
ماهر ابو طير
ظهرت نتائج الانتخابات الإسرائيلية، والكل هنا في عمان، يتحدث عن تأثيرات تشكيل بنيامين نتنياهو لحكومته على الأردن، او عدم قدرته على ذلك.
في الحالتين هناك من يحلل المشهد، ويقرأ الاحتمالات، خصوصا ان برنامج نتنياهو موجه بشكل واضح ضد الفلسطينيين، ومن حيث النتائج ضد الأردنيين، لكنه أيضا لا يختلف عن بقية المرشحين، من حيث تهديد الكل لمصالح الفلسطينيين والاردنيين، على حد سواء، حتى لا نتورط في لعبة المفاضلة الغبية بين إسرائيلي وآخر، فالكل سواء.
من المؤسف اليوم ان تترصد عواصم عربية عديدة نتائج الانتخابات الإسرائيلية، وكأنها باتت طرفا فيها، بسبب عدة أمور، أولها العلاقات السياسية الناعمة التي أقيمت في فترة نتنياهو السابقة، وثانيها الموقف من ايران، وثالثها ترتيبات الإقليم، المرتبطة بصفقة القرن، وإعلان واشنطن نيتها الإعلان عن هذه الصفقة قريبا، وهو اعلان قد يتأجل مجددا، اذا لم ينجح نتنياهو هذه المرة بتشكيل الحكومة، بما يعني ان كل المشروع الأميركي بات قيد الفشل، ولن يكون سهلا تمريره، او التعامل معه، وفقا للتغيرات في كيان الاحتلال.
الاستغراق في تحديد الفروقات بين نتنياهو او رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي السابق، الذي قد يشكل الحكومة الإسرائيلية، يضلل الرأي العام، لأن الفروقات تبدو شكلية، واذا شكل الحكومة الإسرائيلية شخص آخر، فقد حدد له نتنياهو السقف مسبقا، ولا يمكن له العودة عن هذا السقف، أي إكمال مشروع تهويد الضفة الغربية، وضم الخليل، وغور الأردن، وصولا إلى الموقف من غزة، والشكل الذي سيتم التعامل به مع صفقة القرن.
قد يتنفس الأردن الصعداء قليلا اذا لم يشكل نتنياهو الحكومة الإسرائيلية، والسبب الذي لا تعلنه عمان يعود إلى وجود مثلث يحبس الأردن هذه الأيام، بطريقة مرهقة جدا، على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وبرغم كل العلاقات الأردنية مع واشنطن، وكل ما تقدمه عمان من اجل مصالح واشنطن في المنطقة، إلا ان عهد الرئيس الحالي، يعتبر ان كل هذا مدفوع الثمن مسبقا، ويريد المزيد التي لا يمكن لعمان تقديمها، مهما بلغت الضغوطات.
منفعة الأردن سوف تتجلى بنسف خط التنسيق بين نتنياهو وإدارة الرئيس الأميركي الحالية، بما يعيد خلط الأوراق، على صعيد ملفات كثيرة، من بينها صفقة القرن، او ملف القضية الفلسطينية، وقد يؤدي جزئيا إلى فك الحصار غير المعلن على الأردن، بسبب إعادة خلط الأوراق، وهي مراهنة يخوضها الأردن، لكنها غير محسومة النتائج، إذ إن الوقت ما يزال مبكرا لمعرفة من هو رئيس الحكومة الإسرائيلية، واذا ما كان نتنياهو والليكود قد خرجا تماما من لعبة التأثير في إسرائيل، بما ينعكس حتى على العلاقات مع واشنطن، التي ستحتاج أيضا إلى وقت أطول لترتيبها اذا لم يكن نتنياهو رئيسا للحكومة، وهو وقت سيأخذنا في النهاية إلى موعد الانتخابات الأميركية المقبلة، وأولوياتها، فوق ما تشكله أزمة ايران في هذا الوقت بالذات في العالم العربي، والاقليم، والعالم عموما.
برغم وجود أنماط تنسيق فنية بين الأردن وإسرائيل، إلا ان المعلومات لدى عمان، تؤشر على وجود تحريض متواصل من نتنياهو ضد الأردن، لدى واشنطن وعواصم اخرى، وانه ساهم بقوة في توتير علاقات عمان مع واشنطن، ومع عواصم إقليمية، ولعب دورا خطيرا ضد ملفات أردنية، وضد علاقات أردنية مع دول أخرى، وساعده في ذلك نفوذه في البيت الأبيض، وتركيبة العلاقة بين نتنياهو وإدارة الرئيس الأميركي الحالية.
واشنطن وعواصم كثيرة، كلها تتمنى عدم سقوط نتنياهو، والسبب انه بات جزءا من ترتيب إقليمي دولي سري، على أكثر من صعيد، وإذا ثبت خروجه من لعبة التأثير، لصالح تأثير جزئي في الكنيست على الحكومة المقبلة، فسنكون امام إعادة خلط لكل الأوراق، وهي فرصة لتنفس عمان قليلا، من الضغوطات التي لا تعلنها عمان، وفرصة أيضا لترتيب علاقات الأردن مجددا مع الاميركيين وجهات عدة، دون ان ننسى هنا، ان أي رئيس حكومة جديدة في إسرائيل، غير نتنياهو قد يكون أسوأ بكثير، لكنها عقدة الوقت والتوقيت، التي يحتاجها الأردن اليوم، لاعتبارات كثيرة.