الإخوان المسلمين شياطين الماضي .. شياطين الحاضر .. "معالم على الطريق" لـ (سيد قطب) نموذجاً

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
سليم النجار 
كيف يبحث الكاتب عن هويته، وهل يبدأ ذلك "التحريض" الواضح والغامض معاً، أم أنه يحجبه في طيّات "العلاقات الاجتماعية" التي تنتج متطرفاً؟ يصدر هذان السؤالان عن روايتين أولاهما: "والكذب لا يتوقف ابداً"، للكاتب سيد قطب المنظر الأول لأيديولوجية الكراهية في كتابه"معالم على الطريق"، والثانية: "أسرار الإفراط في الإدعاء"٠
ويفتتح كتابه في رواية مركبّة على مستوى الحقد على البشرية جمعاء: (تقف البشرية اليوم على حافة الهاوية ٠٠ لا بسبب التهديد بالفناء المعلّق على رأسها٠٠ فهذا عرض للمرض وليس هو المرض٠٠ ولكن بسبب إفلاسها في عالم "القيم" التي يمكن أن تنمو الحياة الإنسانية في ظلالها نمواً سليماً ص٣) هذا الخطاب من أهم أسباب ظواهر التخلف للثقافة الإخوانية، وفي ظل سرعة تدهور الحوار العقلاني والتفكير المنطقي والتعصب والتحيز وسرعة إطلاق الأحكام القطعية والأحكام المسبقة وسيطرة التفكير الخرافي والسحري، هو الذي جعل واحد مثل سيد قطب متشنّجاً ومتخشّباً٠ ويواصل قطب بث سمومه وإدّعائاته وهو يلاحق الآخر المختلف معه، كفريسة، معبراً عن مأساة ذاتية فادحة، تتهم البديهات وتترجم اليقين٠ وقوة الإتهام، أنه يضع نفسه أباً للدعوة للخلاص، والأب الثاني هو القيم التي يتبناها كطريق للخلاص، وإذ الأبوان معاً لا علاقة لهما إلا بالخرافة كقوله: (إن المجتمع الجاهلي هو كل مجتمع غير المجتمع المسلم!، وإذا أردنا التحديد الموضوعي قلنا: أنه هو كل مجتمع لا يخلص عبوديته لله وحده٠٠ متمثلة هذه العبودية في التصور الاعتقادي ص ٨٨- ٨٩) ٠ وبما أن الذاكرة دفتر خربشات العقل، فكيف يمكن للذاكرة أن تعطي مواضيعها صياغة جلية؟ كما فعل قطب عندما إستعان بوصف "الجاهلي" للمجتمع الذي يختلف معه من الذاكرة، وهنا يترجم السؤال الفاصل بين الواضح والغائم من الأسئلة، مرجعها ماض مخادع غائم حاضر يبحث عن الحقيقة العلمية البعيدة كل البعد عن نمط التكفير والتحقير للمجتمعات الإنسانية كما يبشرنا به سيد قطب، ولم يكتفي بهذا بل ذهب إلى درجة الهذيان عندما عزّز هذا الجنون المرضي المستتر بالدعوة للأخلاق "الحميدة" بقوله: (وبهذا التعريف الموضوعي تدخل في إطار  "المجتمع الجاهلي" جميع المجتمعات القائمة اليوم في الأرض فعلاً !! ص٨٩)٠ 
ويضع قطب جملة من الثنائيات: السر والعلن، المقيّد والطليق، المخادع والنزيه، وما يجب أن يكون لنقرأ الفقرة التالية التي ذكرها في كتابه "معالم على الطريق": (والذي يغفل عن ذكر الله؛ ولا يريد إلا الحياة الدنيا- وهو شأن جميع العلماء اليوم!- لا يعلم إلا الظاهر، وليس هذا هو "العلم" الذي يثق المسلم في صاحبه فيتلقى عنه في كل شأنه ص١٣٣- ١٣٤)٠ واضح من كلمات قطب هي حالة إستدعاء لشخصية قلقة، مغتربة، مضطربة، تريد أن تتحرر من ولادتها الاولى وتدخل في شخصية جديدة وبسبب ذلك يهرع قطب إلى الإستهزاء بالعلم وإعتباره مضيعة للوقت، والحق أن يتبع المسلم "أحكامه الشرعية" التي يؤمن بها القادمين من الغرف السوداء للإخوان المسلمين الذين يتفننون في تكفير وتجهيل كل من يختلف معهم ويعتبرونهم كُفّار٠ ويُكفر جميع الأعراق والثقافات الإنسانية ذلك أن( الآخر) الذي يصطدم به ما هو إلا "تافه وجاهل"، هذه الثقافة المشبعة بالزيف والخديعة أخرجت قطب من كتب الإخوان المدرسية القائمة على البلاغة وأخذت بيده إلى عالم الجنون والتطرف٠ 
إذا كانت لحظة الصفاء تثق بذاكرة ترى "أدق الشقوق" فإن كلمات قطب التالية تنزلق إلى عدم اليقين ناظرة إلى كهوف الذاكرة: (كذلك قامت في التاريخ الحديث تجمعات أخرى٠٠ تجمع الإمبراطورية البريطانية مثلاً٠٠ ولكنه كالتجمع الروماني الذي هو وريثه!، تجمعاً قومياً إستغلالياً، يقوم على أساس القومية الانجليزية، وإستغلال المستعمرات التي تضمها الامبرطورية٠٠ ومثله الإمبرطوريات الأوروبيةكلها: الإمبرطورية الإسبانية والبرتغالية في وقت ما ص٥٣). 
هذا النص التاريخي المفتوح يطارد آثاراً تتلوها آثار، والآثار لا تنتهي، والتاريخ عادة يتطلع إلى جعل الزمن النفسي، المراوغ المخادع الماكر، زمناً فيزئياً، واضح البداية والنهاية٠ ولعل هذه الإتهامات بالجملة تنم عن عدم إدراك لقوانين التاريخ الإجتماعي السياسي، القادم من تشكيلات اجتماعية تتفق في مصالحها، وبنيتها الإقتصادية وطموحها السياسي، والتاريخ العربي الإسلامي يعج بهذه النماذج التي لم يأتِ على ذكرها قطب، كالدولة الأموية والعباسية والفاطمية ودويلات المماليك، كلها مارست كما مارست الإمبرطوريات التي سبقتها، بل بعضعها كانت ممارستها أشنع وأقسى كما فعلت الدولة العباسية في إستغلال الأفارقة كعبيد في أرض السواد  العراق، وإلا ماذا يُفسّر ثورة "الزنج"؟ وليس أحسن حال عندما كان بعض خلفاء الدولة الأموية على سبيل المثال يرفضون قبول "النصارى" كمسلمين أعلنوا إسلامهم ونطقهم الشهادتين والإيمان بكل ما أتى به الإسلام، لا لسبب إلا في حال قبولهم تفقد خزينة الدولة أموال طائلة تسقط عنهم الجزية، ماذا يفسر قطب هذه المفاهيم الإسلامية؟ فالإستغلال لم يكن حكراً على شعب بعينه أو أمة٠ 
كتاب "معالم على الطريق" لسيد قطب هذيان ذكريات تاريخية منتقاة من عقلية كارها لنفسها ولمجتمعها٠ هذا الكتاب الذي كان ومازال بوصلة وهدى كل الإرهابيين، ومرجعهم الفكري والعقدي٠ القائم على الترهيب والتخويف وإغفال العقل النقدي، لصالح الشعوذات والخرافات ومحاصرة أي محاولة للتنوير من خلال التشويه والتحريض، من خلال خلق أدوات إخوانية لصناعة الكذب، التي شكلت في نظرهم سلطة الحق ووزعت على البشرية قيم ضالة تحمل في طياتها ثقافة القبور٠
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences