فلسفة ثقافة (القُبح) للإخوان المسلمين ...
الشريط الإخباري :
بقلم / سليم النجار
ما هو اقبح/ من جسدك؟
ما هو اقبح/ من جسدك؟
البعض يقول انفك/ البعض يقول اصابع قدميك
لكنّني اعتقد أنّه عقلك
فرانك زابا" ١٩٦٨"
التاريخ الثقافيّ للقباحة ينطلق لإعادة إحياء لحظات ثقافية مختلفة تكشف عن تغيّر مفاهيم( القباحة)٠ عوضاً عن حشر مفاهبم المفردة في تعريف وحيد فضفاض، أهداف إلى التنقيب عن مترادفات" الفبح" عبر التاريخ لإحياء وإغناء الجذور الإيدبولوجية للكلمة: ما نخافه أو نخشاه٠ بما أنّ الكثير من المخاوف تعكس ما يدور في أعماقنا مثل كوابيس الأطفال وتبدو خطيرة بسبب ما نجهله أو ما نفهمه بشكل خاطئ، هذه الفرصة المتاحة لمعرفة خطورة ثقافة القباحة، خاصة عندما يتم توظيفها سياسياُ، كما يفعل الإخوان المسلمين في نشر هذه الثقافة، التي تقتل كل روح إبداعية، فليس من المستغرب انتشار كتبهم مثل" عذاب القبر" وعادة هذه الكتب مدموعة مالياً، من قبلهم، وتُباع بأرخص الأثمان وتُطبع الآلف منها٠ واللافت في هذا الجانب الاقبال الكبير على هذا الكتيب، لأنه يعزز الاعتقادات الشعبية السائدة وبإنعاش اعتقادات كلاسكية مثل أيضاً انتظار الحوريات في الجنة لشهدائهم، وهذا المفهوم على وجه التحديد، انتشر كالنار في الهشيم، بين الأوساط الشعبية في العالم العربي، وكان الرحم الطبيعي لولادة كل ثقافة الإرهاب التي تبنته( الفصائل الجهادية)٠ الخارجة من وعاء الأخوان المسلمين٠
وينطبق هذا السلوك الثقافي للقباحة من قبل الأخوان المسلمين عندما يحاربون الفن السينمائي، ويعتبرون هذا الفن حرام وخارج عن الأداب العامة، ويسترشدون بهذا التحريم بإنتقائهم بعض النماذج الأفلام السبنمائية، التي تتعرى بعض الممثلات امام الكاميرا، هذا الأنتقاء ليس صدفة او رؤية أخلاقية، بل توظيف سياسي لان الصورة السينمائية تفضحهم، وتكشف زيفهم، لأن السبنما عبر تاريخها الطويل لم يكن العري هدف، لجلب الجمهور، فأعظم الأفلام التي حصدت جوائز عالمية ولاقت إقبال جماهيري منقطع النظير، لم يتواجد العري فيها٠ وإذا اشرنا إلى السينما العربية ممن منّا ينسى فيلم الأرض للمخرج يوسف شاهين والصورة السينمائية التي ابدعها، لمحمود المليجي وهو متمسك بالأرض بأظافره وهو يرتدي الملابس الدالة على ابن القرية المصرية، طبعا الأخوان المسلمين ليسوا معنيين بهذا الأبداع لأنه موجه ضد الأنجليز!
صحيح عرض الاجساد البشرّية كاملة أو عرض أجزائها، له تاريخ طويل٠ لكن المهم كيف يتم توظيف هذه الأجزاء في الفن؟ ومن منّا يمكن ان ينسى منظر الصراع بين الألم والخيال والفقدان في الفيلم الكويتي" بس يا بحر" للمخرج الكويتي خالد المرزوق، عندما صور الفنان الكويتي القدير سعد الفرج واقفا على شاطيء البحر بكامل ملابسه الدالة على الهوية الوطنية، وهو يتامل ألمه، لفقدان أخيه الذي ابتلعه البحر، هذه الإشارة الخلاقة التي اشار لها المرزوق، هي دعوة لربط التضحية بالوطن، وبما أن الأخوان المسلمين لا يعترفون بالوطن، فالوطن عندهم هي الأرض التي يمارسوا طقوسهم المشعوذة٠
وإذا لاحظ المشاهد العربي فيليم عائد لحيفا المأخوذة عن رواية الشهبد الروائي غسان كنفاني، منظر الفنان الفلسطيني يوسف حنّا وهو عائد بسيارته مع زوجته من حيفا بعد ان صُدم بإبنه المفقود الذي وجده ظابطاً في جبش ( الدفاع الإسرائيلي)، إلى آخر القصة، وقتها تمنى يوسف ان يكون ابنه المقيم في الضفة الإلتحاق بالعمل الفدائي بعد كان رافضاً بقوة فكرة إلتحاق ابنه للفدائيين قبل الذهاب لرؤية ابنه المفقود، هذه الصور السينمائية المبدعة لا تعني الأخوان المسلمين لأنها لاتخدم اهدافهم وافكارهم، لذا يلجأون للإنتقاء٠
وإذا ما انتقلنا إلى الشعارات الإجتماعية السياسية التي يرفعوها وبملأون الشوارع فيها" صليّ قبل أن يُصلى عليك" وكأن الهدف من الصلاة ممارسة تمارين رياضية، ويغفلون حقيقة ان الصلاة لها شرزط لتحقيقها انها تمنع عن الفحشاء والمنكر، هذه الفقرة الأخيرة محذوفة من قواميسهم القبيحة، فالهدف الحوهري ليس الدعوة للصلاة، بل الإيمان على طريقتهم، وهناك شعار احتماعي اكثر قبحاً يرفعونه بشكل هستيري" المرأة الملتزمة" والمقصود بالملتزمة انها ترتدي" الحجاب" وتم تأليف مئات من الكتب حول هذا الموضوع الإستراتيجي حسب تصورهم، وكأن الحجاب اختراعهم، وبما انهم جهلة في التاريخ والجغرافيا، فالحجاب ليس حكرا على الملتزمات، بل تجده على رأس إمراة قروية في الريف الأمربكي والأوروبي والأفريقي، والريف العربي طبعا، لأن هذا الحجاب يحمي من حرارة الشمس، وكانت النساء يعملنَ في الحقول ومساعدة ازواوجهم، وبما الأخوان المسلمين بارعين في التضليل صوروا الحجاب على انه ماركة مسجلة لهم، وتم توظيفه بشكل جنسي، وممارستهم هذه لم تأتي من باب الصدفة، بل جاءت عن وعي سياسي مأزوم، فالحجاب عبر الناريخ كان أداة لوقاية المرأة العاملة المنتجة، وفي عصر الأخوان تم استبدال هذا المفهوم إلى مفردة جنسوية وتم تسليع جسد المرأة في بورصتهم السياسية، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل في فترة السبعينات من القرن الماضي انتشرت أشرطة الكاسيت، التي امتلأت بأفواهم بنذورن وبحذرون، المرأة التي تضع عطور على جسدها، بل البعض منهم بعد ان فتح الله عليه، اعتبر المرأة" المستعطرة" زانية٠ انهم يكرهون النظافة ويحقدون على كل ما هو جميل٠ ويصرون على ان المرأة مكانها الطبيعي غرف النوم، والمطبخ، أي بمعنى واضح المرأة خُلقت لإشباع غرائزهم٠ لن أُجافي الحقيقة أذا قلت أن القباحة هي في عين من يراها، أليس كذلك؟ التاريخ الثقافيّ " للقباحة" يطرح هذا السؤال المحوريّ ويجيب عنه الأخوان المسلمين بممارسات اكثر قُبحاً!