هل يغير هجوم أرامكو قواعد اللعبة؟
الشريط الإخباري :
د. محمد حسين المومني
ما تزال سياسة الرئيس ترامب تجاه إيران توصف أنها بأحسن الأحوال مضطربة، غير مستقرة أو فعالة؛ وفي أسوئها، استنزفت الكثير من مصداقية الولايات المتحدة، والأخطر، أن المستفيد الأكبر منها بالنهاية إيران. القصف الأخير لمصافي أرامكو النفطية تذكير للعالم وأميركا أن سياسة إيران الإقليمية خطيرة تقوض الاستقرار العالمي، وهي ممعنة بسلوك سيدفع المنطقة لمواجهة دموية، فلا يتوقع أن تبقى الدول تنتظر العون من أميركا المترددة، أو أن يبقى الإقليم متفرجا على تمدد إيران دون أن يحرك ساكنا.
بعد القصف ارتفعت أسعار النفط، وهذا أدى لإنتباه عالمي وأميركي مختلف نسبيا وردود أفعال منددة لكنها لم ترق للحظة لشيء جدي ملموس. الرئيس الأميركي في رد فعله يقول إن الولايات المتحدة تملك احتياطيات نفطية كافية في اشارة أن ارتفاع أسعار النفط قد لا يكون مؤذيا لأميركا، وهو ما يشير لفهم مغلوط لأثر ارتفاع النفط على تباطؤ الاقتصاد العالمي والولايات المتحدة جزء لا يتجزأ منه. بسبب الهجوم، النفط الأميركي سيرتفع سعره حكما ما سيزيد تكلفة الانتاج الصناعي الأميركي، هذا على افتراض أن أميركا اقتصاد حر مفتوح وليس اقتصادا اشتراكيا تحدد فيه الدولة سعر عناصر الانتاج. الخطير الآخر الذي قاله الرئيس الأميركي في معرض حديثه عن مصدر الهجوم إيران، انه ما يزال يعتقد أن إيران تريد الوصول لتوافق أو صفقة مقللا من التوقعات برد فعل صارم تجاه هجوم أرامكو. هذا معناه أن هناك قناة تواصل إيرانية مع ترامب، استطاعت اقناعه انها تريد التوصل لحل الأزمة ولا تريد الحرب ومستعدة للتفاوض. الرئيس الأميركي يبدو مبتاعا لهذه القصة، ولا ندري ربما أقنعوه أيضا ان إيران ديمقراطية لأن بها انتخابات كما حدث واقنعوا بعض الدول الأوروبية. يا إلهي، هل يعقل هذا المستوى من الضحالة الاستراتيجية بالتعامل مع هذا الملف الخطير؟ هل يعقل هذه السذاجة بفهم سلوك إيران؟
صناع القرار في السعودية والخليج لا شك غاضبون من ذلك، ومن خذلان اصدقائهم لهم في مواجهة دولة تقصفهم يوميا دون رادع. أعادة السعودية حجم الانتاج للسابق معتمدة على المخزون الاستراتيجي، وهذا ادى للسيطرة على أسعار النفط مع ان سوق النفط العالمي الذي ما يزال متوترا خائفا من هجوم مماثل. السعودية بمسعاها السيطرة على الأسعار العالمية للنفط، ترسخ مصداقيتها وإلتزامها بسياستها المعلنة بالحفاظ على استقرار الأسعار، مع ان ترك الأسعار منفلتة لفترة كان ليدفع أميركا والعالم لمزيد من الاقدامية لمواجهة إيران.
لا يمكن أن يستقر الاقليم دون إيقاف إيران عند حدود رادعة تمنعها من العبث بأمن جيرانها. الخليجيون صبورون للآن لكن هذا لا يمكن أن يدوم. شراء منظومة دفاع صاروخي من كوريا الجنوبية الارجح سيتبعه خطوات اخرى مع روسيا والصين وباكستان، وبناء جيوش ذات قوة عسكرية معتبرة. هذا حق مشروع بالدفاع عن النفس بدل التأرجح مع سياسة أميركية مضطربة وانتظار مساندة أميركية لا تبدو قادمة.