كلنا مع المعلم

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
سائد كراجه
لا نهضة ولا إصلاح سياسيا أو اقتصاديا دون ثورة بيضاء في التعليم، ثورة تقلب ظروف المعادلة التعليمية بجميع عناصرها؛ تحسن وضع المدارس بكافة مرافقها وترشد استخدامها، كما تعتمد العلم في إعداد المنهاج، وقبل ذلك وبعده تعد معلماً كفؤا أكاديمياً ومهنياً وأيضا مكتفياً مادياً، ليستطيع تخريج جيل مهيأ لمواكبة عصر الثورة التكنولوجية العلمية التي تجاوزت ما كان يعتبر من قبيل الخيال العلمي، وأطاحت بكل المفاهيم التقليدية عن الاتصال والتواصل.
لهذا ودون التقليل من أهمية جميع موظفي القطاع العام دون استثناء؛ فإن المعلم بصراحةٍ ووضوحٍ له أولوية قصوى فهو المسؤول عن تكريس متطلبات الإصلاح السياسي والاقتصادي وزرع قيم العقلانية والمواطنة والنزاهة واحترام القانون، وهي القيم الأهم لبدء أي إصلاح ونهضة تسعى إليها الأمم، وأكثر من ذلك هو من يضمن جدوى ذلك الإصلاح وتلك النهضة، بضمان مواطن المستقبل الذي يعمل ضمن رؤية الإصلاح، فالأولى من تشريع قوانين وإنشاء مؤسسات لمكافحة الفساد، أن تعمد إلى إخراج جيلٍ نزيهٍ يحترم المال العام وسيادة القانون، وهو أمر بيد المعلم خصوصاً والعملية التعليمية عموماً.
والحقيقة المرة أن معدل رواتب المعلمين في القطاع العام إذا قارنتها بارتفاع الأسعار وارتفاع كلف المعيشة تجدها متدنية، ولا ينفع معها علاوة 50 ٪ وقد لا تنفع أيضاً علاوة
100 ٪، ومع أن من اختار مهنة التعليم قد اختار مهنة التضحية إلا أن هذا لا يمنع أن الوضع المادي له أثره المباشر على أداء المعلمين والمساهمة في تراجع عطائهم في الصف، بسبب دفعهم إلى محاولة زيادة دخولهم بالتماس أعمال أخرى خارج ساعات الدوام المدرسي، هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن المعلم وحتى يقوم بمهمته على أكمل وجه يحتاج إلى تدريب خاص ليس فقط في المادة الدراسية بل أيضا في أساليب التربية وفنون إيصال المعلومة وجذب انتباه الطالب، وإن إعداد المعلم قضيةٌ أساسيةٌ فليس كل من دخل الصف معلما، وأذكر وزيراً للتعليم خرج على الناس يشهد بضعف الحصيلة العلمية للمتقدمين للمهنة ناهيك عن عدم تلقيهم لأي تدريب على أساليب التدريس وفنونه.
من حق النقابة أن تطلب لمنتسبيها علاوة، وأن تعمل على تحسين ظروفهم المادية والمعنوية، ومن حق متلقي الخدمة، وأصحاب الحق الدستوري في التعليم، أن تكون الخدمة في المستوى المطلوب، ولهذا فإن طلب العلاوة بقَدرِ ما هو عادلُ؛ فإنه يتضمن قطعاً أن تمنح للمعلم المعد أكاديمياً والمؤهل مهنيا، ولهذا فإن العلاوة بقدر ما هي واجبة فإن الكفاءة شرط لازم لدفعها، علماً بأن تراجع نتائج المدارس الحكومية لا يقع كله على عاتق المدرس، فإن الوزارة وإدارة مواردها ووقف الهدر فيها ونجاعة استخدامها هو أمر لازمٌ أيضا وضروري، وسوف يرفع قدرة الوزارة على رفع وتأهيل الظروف المادية والتأهيلية للمعلم.
في ضوء ما تقدم فإن التمسك بالاعتراف بالعلاوة كشرطٍ مسبقٍ من قبل النقابة لوقف الإضراب هو ضرب من ضروب المعاندة العبثية، وكذلك تمسك الدولة بعدم الاعتراف بهذه العلاوة للمعلم، فالموقفان لا يصبان في مصلحة الطالب ولا المعلم أيضا، وأكيد لا يصب في مصلحة الدولة، وفي ضوء اتفاق جميع الأطراف على أن الحل يبدأُ بوضع مصلحة الطالب أولا، لماذا لا نخرج بتصريح مشترك من النقابة والحكومة، في ضوء تفهم واتفاق الطرفين على أن ظروف المعلم المادية تحتاج علاوة قد تتجاوز
50 ٪ من راتبه الحالي، وفي ضوء اتفاق الطرفين على أن رفع كفاءة المعلم أمر ضروري للعملية التعليمية فإن الطرفين وحرصاً منهما على مصلحة الطالب والوطن، يعلنان التوصل لاتفاق يقضي بمباشرة التدريس اعتبارا من غد وتعليق الإضراب لمدة أربعة أشهر تقدم فيها الحكومة حلولاً عملية لضمان تقديم هذه العلاوة ورصدها في الميزانية القادمة وبحد أدنى بالنسبة او بالقيمة التي تطلبها النقابة، والله من وراء القصد جنابك!
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences