عندما غضب الملك وأوكل للرفاعي لجنة الاصلاح .. الشارع ينتظر الجديد السياسي بعد عطلة العيد
الشريط الإخباري :
زهير العزه
قبل سنوات وخلال السنوات العجاف عندما ارتفعت الاصوات في شوارع بعض العواصم العربية معلنة انطلاق ما سمي حينها" بالربيع العربي " كنت ومع قلة من العاملين بالاعلام قد حذرنا من ذلك الانفلات سواء كان مبرمجا وموجها أوكان قادما من رحم معاناة الناس في هذا البلد أوذاك ،وقد عاب علينا البعض ممن التبس عليهم وهم إمكانية الاصلاح لتحسين احوال الناس من خلال تسليم مقاليد امور البلاد الى الفوضى أو الشارع" الغوغاء" ، وقالوا اننا نقف ضد الاصلاح أو نقف مع هذا النظام الديكتاتوري أو ذاك، وكان ردنا واضح وهو ان هناك مسافة ومساحة من الاختلاف بين ما يمكن أن يوصف بالاصلاح أو ما يمكن ان يوصف بالتغيير الذي يقلب الاوضاع نتيجة القفز الى المجهول بواسطة "الواهمين" او الحالمين ممن لا يملكون رؤية او برنامج وهو ما انعكس سلبا على هذا البلد او ذاك ولنا ان ننظر الى ما جرى في سوريا وليبيا واليمن وتونس وقبل ذلك في العراق من فوضى او تقسيم للبلاد او انتشار للتنظيمات الارهابية وغيرها من عصابات منظمة تعمل في المخدرات او الاتجار بالاعضاء البشرية والخطف المنظم والسلب والنهب نتيجة إنهيار مؤسسات الدولة.
في الاردن وفي حالة نادرة قياسا للنظم العربية، الملك ومنذ ان تولى مقاليد الحكم رفع ملف الاصلاح كأولوية من بينِ الملفات التي أهملت طويلا داخل الادراج أو "الجوارير " ليرسم نفسه كحدث أول مطلوب للاردنيين جميعا من أجل اصلاح حال البلاد والعباد خاصة بعد تلك المشاكل أو قل المصائب التي جرتها بعض الحكومات، واكد في اكثر من مناسبة وخاصة في كتب التكليف للحكومات او من خلال خطب العرش أمام مجلس الامة على ضرورة الاصلاح من خلال برنامج متدرج يؤدي الى تجاوز العديد من المشاكل أو المعيقات التي تؤدي الى وصول الاردن الى مصاف الدول المتقدمة في مجال الاصلاح السياسي او الاصلاح الاقتصادي وإنعكاس ذلك على المجتمع .
والملك الذي كان وما زال الناقد الاول للعديد من الحكومات اوالوزراء الذين قصروا ويقصرون في اداء المهام التي أوكلت لهم ، كان يتحسس دائما إحتياجات الشعب وغضبه من اداء هذا الفريق الوزاري او ذاك، وهو على قناعة تامة أن غالبية الاردنيين تقصد الاصلاح لا تقويض او انكار ما تحقق من انجازات وطنية في عشرات السنين بتوجيه اتهامات عامة تصبغ كل شي بالفساد او الاستبداد او الفشل , بل أن الهدف من مطالباتهم القادمة من رحم الغضب كان وما زال تفعيل الدولة بكل مؤسساتها وليس هدم الدولة ونخرها بالفوضى ، ولذلك قام الملك بتكليف رئيس الوزراء الاسبق سمير الرفاعي بقيادة لجنة ملكية لاصلاح المنظومة السياسية، وقد انجزت اللجنة مهامها وقدمت نتاج ما تم التوافق عليه بين أعضائها الى الحكومة ومن ثم الى مجلس الامة .
إن ما جرى مؤخرا ومن خلال لجنة إصلاح المنظومة السياسية وبما ضمت من أطياف ممثلة لمختلف شرائح المجتمع سياسيا او اجتماعيا او اقنصاديا ، وبالرغم ما لي شخصيا ولغيري من تحفظات على عدد كبير من الاعضاء فأن وجود شخصية بحجم ووزن رئيس الوزراء الاسبق سمير الرفاعي ابن البيت السياسي التاريخي على رأس اللجنة ،وشخصيات وازنة أخرى أمثال الاخ والصديق معالي سمير الحباشنة وسعادة الرفيقة عبله أبو علبه وغيرهم من شخصيات وازنة سياسيا أعضاء في اللجنة يؤكد على الاستجابة لمطلب غالبية الاردنيين المتمثل بالدعوة الى الاصلاح وليس الى التغيير الهدام بما يمثل من انقلاب للصورة ، فالمطلب الشعبي واضح ليس فيه ثورة على نظامنا السياسي , لكن فيه مراجعة جادة لاليات العمل السياسي والاجتماعي والاقتصادي في الدولة, ليتم اصلاحها بالحوار وبالتوافق والقانون , وهو ما أنتجته الحركة الاصلاحية التي قادها الملك بتشكيل اللجنة وبرعايتة وضمانته لتنفيذ مخرجاتها لتطوير النظام السياسي حتى يلبي شروط الاصلاح الديمقراطي.
اليوم والشارع الاردني يتطلع الى تنفيذ ماجاء في مخرجات لجنة إصلاح المنظومة السياسية ،فان المسؤولية تقع على مؤسسات الدولة مجتمعة لتنفيذ هذه المخرجات ، وذلك لعدة اسباب
أولا: حاجة البلاد الى تسريع وتيرة الاصلاح في كافة المجالات ،
ثانيا: فتح اروقة النظام السياسي ومؤسسات الدولة لتتسع لنبض الشارع وتطلعات المواطنين في الحرية والمشاركة في صناعة القرار والعيش الكريم ، ما يعيق هوامش تأثيربعض من يحاولون هدم الدولة من خلال استغلال غضب الشارع على بعض قرارات الحكومات المتعاقبة ،
ثالثا : التأكيد على أن عملية الاصلاح لا تحددها شخصيات طامعة او طامحة لموقع رسمي او غاضبه كما لا تحددها جهات سياسية او حزبية او شخصيات عاشت وترعرعت في حضن الدولة ثم استفاقت بعد ان شربت كأس من خمر"قلة الحياء" فانقلبت بعد أن ارتوت من خير النظام .
إن ما يريده غالبية أبناء الشعب الاردني هو الاصلاح لا التغيير الهدام والفوضى اللذان يقودان الى الدمار ، وما يريدونه هو تدعيم نظامنا السياسي وليس إضعافه أو المس بهيبته بعكس ما يدعيه البعض من المتشدقين من خلف الجدر أو الشاشات, فالاساس بالنسبة لهم أن تبنى حالة سياسية جديدة أكثر قوة تحقق تطلعات جميع أطياف المجتمع ،بما ينعكس إيجابا على حياتهم ، ولعل اليوم ايضا ما يحتاجه الوطن والمواطن هو شخصيات قادرة على تنفيذ ما جاء من توصيات لجنة إصلاح المنظومة السياسية "واليوم اليوم وليس غدا "، فالوقت ليس في صالحنا ولن ينتظرنا الزمن ،فهل تحمل ايام ما بعد عيد الفطر حركة سياسية نشطة تبشر ببدء مرحلة السير ببرنامج الاصلاح الذي نتج عن لجنة إصلاح المنظومة السياسية "لجنة الملك" ، هذا سؤال مطروح ننتظر الاجابة عليه في الايام القادمة ؟