البورصات الوهمية تتفشى من جديد: فهل من رادع!!!

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
عوض الصقر
 
انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة البورصات الوهمية العالمية حيث باتت مواقع التوصل الاجتماعي وخاصة الفيسبوك، تعج بعناوين مكاتب هذه الشركات التي تدعو المواطنين والمقيمين للمشاركة في دورات تدريبية وفتح حسابات وهمية لديها وتدعوهم لايداع أموالهم ومدخراتهم لديها لتحقيق الأرباح المجزية والعائدات الخيالية.
ما دفعني للكتابة حول هذا الموضوع هو أن أحد هذه المكاتب دعا المواطنين الاسبوع الماضي إلى لقاء موسع في أحد المطاعم المعروفة بإربد وحثهم للتعامل بالبورصات العالمية من خلاله وأكد لهم بأنهم سيحققون الأرباح الطائلة التي لم يحلموا بها في حياتهم.
وما يؤكد تفشي هذه الظاهرة هو التنافس المحموم بين شركات البورصة على الفيسبوك لاستدراج واستقطاب الناس لايداع أموالهم ومدخراتهم بعد أن تلزمهم بتعبئة نموذج طلب المشاركة وتحمل مسؤولية الربح والخسارة والتواصل معهم على الرقم والايميل الذي يحددونه في النموذج.
وهنا تستحضرني مقولة «التاريخ يعيد نفسه» فقبل عدة سنوات، وكما يعلم الجميع، حدثت كارثة البورصات الوهمية العالمية في الأردن التي راح ضحيتها الآف المواطنين بعد أن ذهبت مدخراتهم التي قدرت بالملايين، أدراج الرياح، ولا تزال قضاياهم عالقة في محكمة أمن الدولة، بعد أن هرب العديد من أصحاب هذه المكاتب الى خارج البلاد وتم إلقاء القبض على البعض الآخر وايداعهم في السجن.
وهنا أود أن أشير إلى أن ظاهرة البورصات العالمية أشبه ما تكون بالأورام السرطانية الخبيثة التي يتم علاجها بالكيماوي ثم ما تلبث أن تستفحل وتنتشر في جسم المريض وبالتالي يستحيل علاجها والنتيجة المؤكدة وفاة المصاب، والأعمار بيد الله تعالى، أولا وأخيرا..
وقد حدثت هذه الظاهرة في السعودية في ثمانينات القرن الماضي وأنا شخصيا ممن اكتوى بنيرانها هناك، كما حدثت في مصر وفي السودان وقبل عدة سنوات في الأردن، وأتذكر حينما كنت مندوبا صحفيا في (بترا)، أنني أجريت مقابلة صحفية مع سماحة المفتي العام حينئذ الشيخ نوح القضاة، رحمه الله، قبيل انهيارها بنحو اسبوع حيث حذر من ذلك الانهيار ودعا المواطنين لسحب أموالهم منها وقليل من الناس استجابوا لنداء سماحته.. وأخيرا حصل ما حصل وضاعت المدخرات ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. وها هو التاريخ يعيد نفسه، فهل الناس ينسون الماضي القريب أم أنهم يلهثون للإثراء السريع والمغامرة غير المحسوبة العواقب.
وهنا لا بد من الإشارة إلى الجهود التي تبذلها هيئة الأوراق المالية التي تداركت الأمر في وقت سابق من العام الحالي  بعد أن وقع في شراك البورصات الوهمية عدد من الأخوة السوريين ممن وضعوا أموالهم تحت تصرف بعض الأفراد لتوظيفها واستثمارها، وسرعان ما تبخرت تلك الأموال ، حيث بادرت الهيئة، بعد كثرة الشكاوي من المتضررين، إلى إصدار قانون لتنظيم وضبط هذه المسألة انطلاقاً من حرصها على حماية أموال المواطنين كإجراء وقائي يحميهم من الوقوع ضحية لأية ممارسات غير مدروسة.
وهنا يجب على الحكومة القيام بحملة شاملة لتحذير المواطنين والمقيمين من تبعات الوقوع في شراك هذه الظاهرة الخطيرة وآثارها المدمرة على الأفراد والمجتمع خاصة فيما يتعلق بضياع أموالهم ومدخراتهم وتذكيرهم بما حصل في السنوات الماضية عندما إنهارت البورصات الوهمية العالمية وذهب ضحيتها الآف المواطنين والمقيمين.
ويجب أن تشارك في هذه الحملة مختلف المؤسسات الحكومية والأهلية المعنية: هيئة الأوراق المالية عليها أن تخصص خطا ساخنا (Hot line) لتنبيه المواطنين والمقيمين لتحري الحيطة والحذر عند الاستثمار في هذه الأسواق ومن مغبة الانجرار وراء الأوهام والمبالغات التي تنشرها شركات البورصة، وأما الدور الاعلامي فهو في غاية الأهمية حيث يتوجب نشر الأخبار المتكررة وإجراء المقابلات الصحفية منع الخبراء والمختصين للتذكير بالانهيار الأخير للبورصات الوهمية.وأما الأوقاف فيجب أن تخصص خطبة الجمعة ودروس الوعظ والإرشاد بشكل متكرر لتنبيه المواطنين والمقيمين وتحذيرهم من مغبة الوقوع ضحية لأشخاص يلهثون لتحقيق المكاسب المادية والإثراء السريع على حساب أناس بسطاء يثقون بالشعارات البراقة والوعود الزائفة التي ترفعها تلك الشركات، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences