بوسط البلد .. قصص كل البلد
الشريط الإخباري :
امان السائح
من كل الطبقات وكافة الجنسيات والأعمار والاهتمامات، تجدهم جميعا وسط البلد، تجد الصباح مختلفا، تشتم منه رائحة الخير والوطن الذي يحمل بين جنبات اهله كل الحياة والسعي نحو التغيير، واستثمار الوقت مع الصديق والاسرة والابناء، بفرح وصرف ما في الجيب وان كان قليلا لجلب بعض من فرح وتغيير بوصلة الاسبوع ليكون نهاية الاسبوع بلون اخر ..
في وسط البلد تجد الجميع في يوم الجمعة يتهافت على رغيف خبز « هاشم « مع صحن الحمص الغني بالحب والبساطة، والخير ، والصحن الذي يعج بالخضار التي تحمل رائحة البلد والنعنع الذي يزدان بخضرة لا تشبه الا وسط البلد، والكل يقف منتظرا دوره ليقتنص طاولة له ولاسرته، والعاملون يسجلون الطلبات في ذاكرتهم دون قلم وورقة، ودون « جهاز الكتروني، ويكتب الفاتورة بروح وضمير وتدفع ايا كان الرقم البسيط في تلك الورقة وانت تبتسم لأنك تناولت حبا وشهامة ودفئا وسط كل من حولك.
فها هو المواطن البسيط بكل المقاييس يجلس بلهفة ينتظر صحن حمص ورغيف خبز يشبه قلبه الابيض الناصع، يجالس طالب اسيوي جاء باحثا عن مكان بين الجماهير ليرحب به هذا» الهرم «الجميل القلب يتقاسم معه حبة البندورة بينما ينتظر طلبه، ويشرح له بلغة الاشارة لأن لا لغة مشتركة بينهما، الا لغة الكرم والشهامة الاصيلة للاردنيين، ويعلمه عن كل التفاصيل بصحن الحمص لا تعلم كيف اوصل له المعلومة !!لكنها وصلت، ابتسامته كانت جواز مرور لهذا الاسيوي المثقف كما بدا على ملامحه.
انه وسط البلد الذي يختصر الشعب في ثناياه، فتلك الاسواق خلف المسجد الحسيني تنادي لمن يرغب بالشراء من خضار ومكسرات والعاب الكترونية صينية الصنع اردنية الروح، وذلك يجلب زبائن الشارع «المختلف الهويات»، يبيع الملابس المستعملة ذات الدينار والنصف دينار واكثر قليلا، وترى ذلك المواطن البسيط الذي يحمل حبا واسرة واطفالا يطلبون الشراء ويختارون، ووالدهم يعدهم بذلك الايام القادمة، فرغم بخس ثمن القطع، لكن الجيب مثقوب فارغ ، الا من رغبته بأن تخرج اسرته من النمطية ويمشي ابناؤه في شوارع البلد ..
انه وسط البلد حيث تختصر كل الكلمات ولا تبقى غير صور البشر المليئة بالهموم، والتساؤلات، والفرح المكبوت، وانتظار الفرج بالمستقبل، وغضب الاب من ابنه الذي يصر على شراء قلم جديد، وهو يخبره « يابا ما في مدارس الاضراب ما خلص «وطفل يبيع العلكة بين ازدحام المواطنين، يجبرك بالشراء بطفولة غابت، لتلتفت اليه وتدمع عينيك، بحالة مختلفة تعكس شريحة من الاطفال..
انه وسط البلد، اسماء شوارع ومحال، مختلفة، ففلسطين حاضرة بها، والعائلات الاردنية والفلسطينية العريقة تعتلي عناوينها، انتقلت الى كل اماكن عمان والمملكة، لكن اصلها بقي هنا وسط البلد، مؤسسوها ما زال يجلس من بقي منهم على قيد الحياة على باب محله يزدان بالبدلة وربطة العنق والعطر الجميل، رغم ان بعض المحال لا تبيع ببضعة دنانير..
وسط البلد هو كل الشعب، فرحه، غضبه، قهره، فقره، بساطته، شهامته، اغنياؤه، اطفاله، ولغة مواطن مقهور يفاصل على ربع دينار ليشتري قطعة ملابس بدينارين..
هي بلدنا ووسط بلدنا واهلنا وشعبنا واصل حكايتنا.