جاك شيراك

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
سمير الحباشنة
جاك شيراك، طراز رفيع من القادة، على خطى الزعيم الفرنسي الكبير شارل ديغول، باني فرنسا الحديثة بعد الحرب الكونية الثانية، والذي أنهى الاستعمار الطويل والثقيل للجزائر، مستجيباً لتطلع شعبها وثورته نحو الاستقلال. ديغول الفرنسي الغيور على قوميته لكن بلا تعصب. والذي عزز استقلالية القرار الفرنسي، خصوصاً تجاه القضايا الدولية، وبالذات القضايا التي تخصنا كعرب.
 
في العام 1974 وكنت في حينها طالباً في جامعة بغداد، زار جاك شيراك العراق، وكان آنذاك رئيساً للوزراء حيث أعلن «أن فرنسا التي تتطلع إلى وحدة أوروبا، عليها أن تؤيد وبقوة الحق المشروع للعرب بسعيهم نحو وحدة بلادهم». وهذا موقف مغاير للغرب الذي ما توقف يوماً عن تعطيل وصول العرب الى تحقيق اشواقهم القومية بالوحدة.
 
وحين زار القدس المحتلة والمدينة القديمة بها، بداية رئاسته لفرنسا، رفض ان يرافقه الجنود الإسرائيليون، ليبعث بذلك رسالة إلى دولة الاحتلال، وإلى العالم، أنه يرفض الاحتلال وسياسات الضم بالقوة، والخروج على القانون الدولي بل الخروج على قرارات هيئة الامم الخاصة بالقضية الفلسطينية. ومؤكداً على ذلك بزيارته إلى رام الله، حين التقى بالمرحوم الرئيس عرفات، وجدد تأييد ودعم فرنسا إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
 
وأن ذروة تَجلّي «الديغولية» بفكر الرجل وسلوكه. موقفه الرافض لغزو العراق، ودعوته إلى حل الخلاف مع الحكومة العراقية بالسبل السلمية، ووفق قرارات هيئة الأمم. بل ونجاح فرنسا بافشال المحاولة الاميركية، لاستصدار قرار من مجلس الأمن، بالهجوم على العراق.
 
وقد عبر وزير خارجيته أنذاك دومينك دوفلبان، بخطاب تاريخي في مجلس الامن وبلغة أدبية رفيعة، عن وجهة نظر فرنسا الحرة، متكئاً على مبادئ الثورة الفرنسية وعلى توجيهات الرئيس شيراك برفض الحرب والغزو وقهر الشعوب، وبالمقابل الإنحياز إلى خيار الحوار كسبيل لتحقيق السلام وحل المعضلات.
 
لروح جاك شيراك السلام والرحمة، وكم أن العالم بحاجة اليوم إلى قادة عظام، يغلبون المبادئ على المكاسب الآنية، ولا تنحني مثلُهم أمام القوة الغاشمة.
 
الرأي
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences