الوزير (محمد العسعس) يقدم موازنة الدولة للسلطة التشريعية بمرارة وصدق وشفافية ...

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
خاص- حسن صفيره
 في مناخ امني وسياسي واقتصادي مشوب بالتفاؤل مع بداية العام الجديد، ومع تخوفات يفرضها الامر الواقع اقتصاديا بارتفاع الدين العالم لنحو 55 مليار دولار، وضع وزير المالية محمد العسعس امس الاثنين، أمام مجلس النواب خطاب الموازنة العامة للسنة المالية 2023، بكثير من الصدقية والمصداقية والواقعية، متفاديا بحنكة وذكاء ان يقول ما لا سيكون في وسع الملاءة المالية للخزينة،

الوزير العسعس وصل لمرحلة حرفية في التقييم لبنود ومضمون الميزانية ليس كأرقام ، وانما كنتائج هي بمحصلتها مخرجات للوضع الاقتصادي الراهن لمرحلة  اقتصادية وصفها من منظوره كرجل دولة مالي واقتصادي بالمرحلة المضطربة، نتيجة ظروف دولية عاصفة ومفتوحة على الإحتمالات، واثرها بطبيعة الحال على الأردن .

توصيف العسعس بأن الاردن في مسيرته الاقتصادية تعرض لإمتحان قاس وتحديات كبيرة تجاوز الماضي منها، وسيتجاوز الراهن فيها باقتدار وحكمة قيادته الهاشمية ووعي شعبه، هو توصيف رجل دولة مسؤول يقوم على الصدق مع النفس والشفافية دون تبسيط أو تهويل، يتطلب حس المسؤولية علينا  جميعا ازاءها كدولة وشارع الابتعاد عن الحلول المؤقتة وتجميل المسميات والواقع، والتي حتماً سترتد في وقت لاحق بكثير من الازمات المالية التي ستثقل كاهل الميزانية العامة .

وبالوعي والحنكة ذاتها، ومثلما ابتعد العسعس عن تجميل المسميات، ابتعد في خطابه عن الاغراق في السوداوية، كاشفا المؤشرات التي تؤكد على أن اقتصادنا يخطو بثقة على مسار التعافي التدريجي، وتوقعه أن يحقق الإقتصاد الوطني نمواً بنسبة 2.7 بالمائة لعامي 2022 و 2023 مقابل 2.4 بالمائة لعام 2021، حيث يعتبر الأردن من الدول القليلة التي توقعت المؤسسات الدولية أن يحافظ على تحسن أدائه الإقتصادي.

طمأنة الوزير الرأي العام من خلال خطاب الموازنة، كانت خطوة ذكية تجاه شارع اثقلته الاوضاع الاقتصادية بصورة ضاغطة ومتواصلة لأكثر من ثلاث سنوات بما فيها فترة معايشته للجائحة وتداعياتها، وهو الامر الذي لم يفت على الفريق المالي المكلف باعداد الموازنة والذي جهد في أن يقارب ما بين التخفيف عن الناس من جهة، والحفاظ على استقرار المالية العامة، من جهة أخرى. 

لم يفاجأنا الوزير العسعس وهو يتحدث بجرأة ومسؤولية ازاء "أم الضرورات" عملية الإصلاح المالي والإقتصادي والإداري ، حديث اقرب منه لطرح حكومة متكاملة لا وزير، هي اشارة جلية واضحة اننا امام رجل دولة لا عضو بفريق وزاري، رجل يعرف مكامن الضعف والقوة، رجل اختزل ما كان وما سيكون من واقع الاردن الاقتصادي، لتكون حصيلة خطابه حقيقة خارطة طريق مالية اقتصادية للأردن الذي تنتظره مسؤوليات جسام خلال الفترات المقبلة على المستوى الخارجي بالتحديد، ونحن امام مؤثرات سياسية عالمية واقليمية لم تتضح معالم تداعياتها بعد.

ابدع الوزير العسعس في وضع الاردن رسميا وشعبيا امام مسؤولياته الوطنية، فيما هو يقدم مشروع الميزانية للعام المقبل بكل شفافية وواقعية، لم تعجب "البعض" من الحالمين على منصة "الفرجة"، والاهم نجح العسعس في وضع الجسم النيابي - الذي خرج البعض منه خلال طرح خطاب الموازنة بالتنطح وتقويض جهود الوزير -  امام حقيقة واحدة تقول انه لا مفر من صحوة نيابية وطنية تمارس فيها المؤسسة البرلمانية أدوارها الرقابية والتشريعية والسياسية والديبلوماسية اذا تطلب الحال، ليكون الدور الأهم والأوحد جاهزا في مواجهة التحديات الضاغطة على الدولة الاردنية وتذليلها للحفاظ على اردن امن مستقر متعافي.

وأخيرا، ولمن أراد التصيد والتربص بأداء العسعس وخطاب الميزانية، يتوجب عليه الاعتراف بالذكاء السياسي والاقتصادي الذي يتمتع به هذا الرجل لجهة وعيه بمسؤوليته الوطنية كرجل دولة، بيد أنه وازن بين التوجيه الملكي الذي يٌطالب بالحلول العملية الناجعة للوضع الاقتصادي، وليس بالمأمول المحال، والالتفات بحسب التوصيات الملكية  بوضع احتياجات المواطنين على سلم أولويات معالجة الموازنة، وهو أمر شائك وغاية في التعقيد أحاط به العسعس كما اراده الملك للدولة امكانيات وشارع في ظل ما شهدته البلاد من مناوشات مؤخرا احتجاجا على الوضع الاقتصادي الراهن.

يشار الى ان الأردن وفي مسحٍ  اجرته منظمة الشركاء -الأردن بالتعاون مع مؤسسة شراكة الموازنة الدولية، في ايار العام الماضي، حافظ على المركز الأول عربياً في محور الشفافية (شفافية الموازنة العامة) ضمن مسح الموازنة المفتوحة (OBS) للسنه المالية 2021، بحصوله على درجة 61 من 100 متخطياً المعدل العالمي الذي بلغ 45 من 100، وعلى المستوى العالمي، فقد حل الأردن في مؤشر شفافية الموازنة العامة في المرتبة 32 عالمياً ضمن الـ 120 بلداً التي شملها المسح.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences