ليس مهما أن توصف أو لا توصف العملية التركية بالعدوان..

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
بقلم:
فؤاد البطاينة


من الواضح نظريا وميدانيا أن إعادة تشكيل المنطقة بثقليها الاسلاميين ايران وتركيا كمخطط امريكي – صهيوني في شرق أوسط جديد يُهيء لتصفية القضية الفلسطينية وللهيمنة الصهيونية، لن يتم ما لم تستقر عليه الحالة في سوريا على القياس المطلوب أمريكيا، وأن هذا قد تعثر ولم يعد قرارا حكراً على أمريكا. وبات مصير الوضع في سوريه يخضع لحسابات سياسية واقتصادية بين روسيا وأمريكا. وسنشهد بقاء الوضع القائم والمتراجع في الأقطار العربية وشعوبها كوضع مريح لأمريكا وللكيان الصهيوني الى أن يتم إيجاد توافق روسي امريكي بشأن الوضع الذي سيستقر عليه في سوريه. 

ولا شيء اسمه قرار دولي إلا عندما يتم اخراجه امريكياً- روسياً في الأمم المتحدة
وتعلم روسيا أن الورقة الاستراتيجية للوجود الامريكي الصهيوني في سوريا ليست داعش، بل الأكراد كمواطنين سوريين يطلبون حماية أمريكا، فهم ورقتها الاستراتيجية وفرصة اسرائيل . فصنع الدولة الكرديه لعميلة هي في قلب المشروع الصهيوني في الوطن العربي وبالشرق الأوسط الجديد.


وتعلم أيضا أن المنطقة التي يهاجمها الأتراك في سوريا باسم ” نبع السلام ” هي منطقة مسلوخة عن السيادة السورية منذ سبع سنوات، ويحتلها التحالف الامريكي الاسرائيلي الكردي. وأضع خطين تحت اسرائيل التي تأخذ على عاتقها التدريب العسكري والتخطيط السياسي في المنطقة المزمعة للدولة الكردية. هذا الوضع القائم في شمال سوريا طوال سنين لم تتحرك ضده القوات الروسية ولا القوات السوريه. وكأنه هناك اتفاقا روسيا أمريكيا على عدم العبث بتلك المنطقه الواسعه من سوريه. ولو كان القرار السياسي الروسي موجودا لتوجهت قوات الجيش العربي السوري ومدت سلطة وسيادة سوريا على المنطقة وانتهت المشكله أو المبرر التركي.

لم تجتمع الجامعه العربيه ولم نسمع نداء من دول الخيانة العربية لمقاومة الاحتلال الأمريكي الصهيوني وهو يترسخ في شمال سوريا وشرقها طيلة السنوات.بل اجتمعت واخرجت سوريا من الجامعة العربية ولم تُخرج بيان استنكار لذلك الاحتلال بحجة محاربة داعش.. وليس هناك من دولة في الاقليم إطلاقا إلا وتعاونت أو سهلت لداعش أو تعاملت مع داعش هذه أو استخدمتها.

يعرف الجميع حساسية تركيا وما تستشعره من خطر كبير جدا على وحدة أراضيها وأمنها القومي من وجود دولة كردية على حدودها سواء في العراق او سوريا وبشكل خاص وحدات حماية الشعب الكردي وقواتها "قسد ” عسكر حزب الاتحاد الديمقراطي المتعاون مع حزب العمال الكردستاني والمصنفة بتركيا ارهابية. 

وليس من سياسي لا يعلم أن العملية التركية وتوقيتها كان حاضرا في القمة الروسية – التركية – الايرانية الأخيرة وحاضرة تفاصيلها في اجتماع بوتين – اردوغان الثنائي. وأن بوتين وضع ترمب بالصورة في سياق ما يُفهم أنه مقايضات مع تركيا للتعاون في مناطق سورية سيأتيها الدور.ولا أجلى لبرهنة التوافق الأمريكي الروسي وربما الأوروبي على العملية التركية من أن مجلس الأمن لم يفكر بإصدار قرار بشأن تركيا، بل ببيان وفشل باصداره أيضا. مما قد يؤشر على تغيير موقف ترمب ووجود خلاف داخل بؤرة صناع القرار الأمريكي التي تعضدها اسرائيل، أو على أن هناك مطبا يرسم لتركيا.

وبقدر ما يتعلق الأمر بعملية "نبع السلام ” أقول أن الحق ليس حلالاً على أحد وحراماً على أخر، واللَّا حق ليس مباحا لأحد وغير مباح لأخر. وليس المواطن العربي الحر والمنتمي من يُطَوع موقفه وقلمه وصوته لخدمة اصطفافه السياسي مع هذه الدولة أو ضد تلك بمعزل عن الواقع والحقيقة وعن المصلحة العربية وقضيتنا التي أصبحت ثانوية لدىينا كشعب عربي. ومن المؤلم أن نستخدم في هذا ايران وتركيا وكلاهما دولتان متفاهمتان ومتعاونتان وتبحثان عن مصالحهما، وليس من الدولتين ما تحمل الحقد على الأخرى كالذي نحمله ضد أحداهما انتصارا زائفا للأخرى، وليس من الدولتين من تقول وتكيل الاتهامات بحق الأخرى كما نفعل بحق أحداهما انتصارا زائفا أيضا للأخرى. كفانا ذنبية وعهرا اصطفافيا وصنعا وكسبا للأعداء. فنحن أصحاب أقدس قضية على الأرض وغارقين بالذل مع أوطاننا من أخمص أقدامنا إلى أذاننا.

لماذا أنا المواطن العربي أدين تركيا وأخَوِّنها وأكذبها حتى لوقالت أن 1 + 1 تساوي 2، ولمصلحة من غير الصهيونية ؟. ولماذا أشتُم إيران وأخَونها وأشكك بها حتى لو قالت 1 + 1 تساوي 2. ولمصلحة من غير الصهيونية ؟ أين نحن من أنفسنا ومن حكامنا ومن اسرائيل ومن علاقة تركيا بإيران. فهاتان الدولتان أملنا وسندنا في المنطقه وإن لم يكونا كذلك لنجعلهما كذلك باحترامنا لهما ولأنفسنا ولقضيتنا
ليس مهما أن توصف أو لا توصف العملية العسكرية التركية الجاريه في شمال سوريا بالغزو أو العدوان، ولكن المهم هو ضد من هذا الهجوم أو أو العدوان ؟ أليس ضد عدوان واحتلال قائمين ؟ أليست المنطقة المستهدفة هي تحت السيادة الأمريكية الاسرائيلية ؟ أسأل المواطن العربي بالله ، هل لو قامت الأن دولة غير عربية نفترضها مجاوره لفلسطين بالهجوم على جزء من فلسطين كالجليل مثلا الواقع تحت الاحتلال والسيادة الإسرائيلية، هل سنواجهها وندينها لصالح الاحتلال الاسرائيلي ؟ فكيف إذا كانت تلك الدولة الغازية تعترف بالسيادة العربية الفلسطينية على ذلك الجزء الذي هجمت عليه وعلى كل فلسطين وبررت هجومها لأسباب تخص أمنها القومي ومصالحها العليا.
.
فما قامت به تركيا هو في الواقع والنظرية هجوم على أرض سورية محتلة وتحت سيادة امريكية اسرائيلية تستخدم عملاء أكراد لهم. ولوكانت تلك الأرض تحت السيادة السورية لكان غزوا وعدوانا واحتلالا. نحن لسنا في معرض تبرير الهجوم التركي ولكننا نستعجب لهذا الموقف العربي وبعض الاصطفافيين من شعبنا أن يسكتوا عن احتلال امريكا وإسرائيل لأرض سورية ويهبوا مستنكرين مع اسرائيل للسلوك التركي.
وما قامت به تركيا كان واجبا على روسيا وسوريا وحلفائهما أن يقوموا به ويستعيدو السيادة السورية على الارض السورية. ولا أعتقد أن لدى تركيا القدرة السياسية والعسكرية على هذا الفعل دون غيرها من حلفاء سوريا لكنه تواطؤ الحليف الروسي الذي اعتدنا عليه والتأثير على القرار السوري. ومن هنا قد نستشعر التآمر على تركيا واستخدامها ضد سوريا وضد نفسها بآن واحد. ولعل ما يعيبنا كعرب من العملية التركية هي أنها تشعرنا كمواطنيين عرب بذل العجز عن تحرير أراضينا بأنفسنا في سوريا، وليس الذل لحكامنا الخونة الجبناء كلهم لا أستثني منهم ركوبة واحدة.
 
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences