التربية الإعلامية حاجة تتطلب جهدًا ووقتًا لنجاحها

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
نيفين عبدالهادي - يتساءل كثيرون عن واقع التربية الإعلامية التي يتم الحديث عنها بين الحين والآخر، بنيّة حكومية جادة وعملية لإدخالها كأحد المناهج في المنظومة التعليمية سواء كانت المدرسية منها أو الجامعية، وصولا لثقافة اعلامية ناضجة في ظل تعدد وسائل انتشار المعلومات، وغياب المهنية في كثير من الأحيان بتبادلها.
لا يمكن تغييب فكرة أهمية التربية الإعلامية، وقد تكون هذه الفترة تعدّ بها حاجة ملحّة أكثر من أي وقت مضى، نظرا لازدحام المشهد بالمعلومات، وبالمقابل ازدحامه بوسائل تبادلها، ما قد ينتج عنه فهم خاطئ لدور الإعلام، وطريقة عمله وزعزعة الثقة بوسائله، لتغيب بذلك هيبته كسلطة رابعة، والإيمان بقوته وتأثيره، وتختلط الأوراق بين الصح والخطأ بنوعية الأخبار التي تنتشر، الأمر الذي يجعل من موضوع وجود اطار تثقيفي واضح وهنا لا أقصد «مسطرة» واحدة لكن اطار واضح مهني مدروس للإعلام عند المتلقي للمعلومة أكثر منها عند ناشر الخبر والمعلومة.
وحتى لا تستمر فوضى الأخبار والمعلومات تسود المشهد، وقلّة الوعي عند بعض متلقي الأخبار، تضع عالم المعلومات في مكان سلبي، والحاجة الملحّة لتطوير ونمو صناعة الإعلام، ورفع يد التصديق والنفي للأخبار بشكل دائم، وكأن صانع القرار بات وصيّا فقط على ما ينتشر من معلومات بشأن المؤسسة التي يديرها، كل هذا يجعل من التربية الإعلامية هدفا، ومسعى من قبل الحكومة والجهات ذات العلاقة.
ولعلّ الحديث عن هذا الجانب المهم، يقودنا لضرورة أخرى، توازي بأهميتها وجود تربية إعلامية، متمثلة بضرورة وجود أسس واضحة عالية المهنية في العمل حتى يكون المنتج سليما، يخلو بالحد المعقول من أي تشوهات أو أخطاء قد يشكو منها أو يكتشفها البعض بعد الممارسة، وحتى لا تقع هذه الخطوة المهمة بأي كبوة من شأنها إعادة السير خطوة للخلف بدلا من أن تكون للأمام، وذلك لن يكون إلاّ من خلال مناهج قوية تشبه الحالة الأردنية في تفاصيلها وثقافتها وفكرها، وتتمتع بمواصفات قويّة وتقود لثقافة اعلامية عملية وليس فقط مجرد أطر تحمل مسميات بعيدة عن جوهر ما نعانيه.
وجود مناهج إعلامية قويّة يتطلب جهدا ووقتا، ولعلّ بذلك إجابة واضحة للمتسائلين عن موعد اطلاق هذه المناهج، حتى لا تؤخذ الأمور بسرعة تؤدي لغياب أسس مهمة، فلا بد أن تتضمن هذه المناهج آليات تمكن الطلبة من التفريق فيما يقرأون بطريقة إعلامية بين الصح والخطأ، وبين الأخبار والاشاعات، اضافة لمنحهم قدرات تحليلية ونقدية سواء كان للأخبار في قراءتها ومتابعتها، أو في تبادلها ونشرها وحتى كتابتها، ومن أهم ما يجب أن تتضمنه هذه المناهج التنبّه لخطاب الكراهية ومحاربته ومواجهته بالحقائق والمهنية.
بطبيعة الحال، اليوم أصبحت التربية الإعلامية تجاها عالميا وليس فقط محليا، يراد بها تعليم الجمهور مهارة التعامل مع الإعلام، لإبقاء هذا الجانب في التعامل مع المعلومة سلطة مؤثرة، بشكل ايجابي، يحمي ولا يحدّ أو يقلل من سقف الحريات، إنما ينظم المشهد ويجعله أكثر ترتيبا وتأثيرا ومهنية، لذا فإن مهمة إعداد صيغ لمناهج للتربية الإعلامية ليست سهلة، وتتطلب جهدا كبيرا وتدقيقا ضمانا لأن يصبح هذا الجانب مهارة عند متلقي الأخبار ومتداوليها، وتتيح لهم أن يكونوا مفكرين وناقدين بالكلمة والصورة، سيما وأن الأردن هو أول دولة عربية تقرر تدريس التربية الإعلامية، مشكّلا بذلك نموذجا يضع مسؤولية أن تكون النتائج ايجابية على كاهل القائمين على هذه المهمّة التي ما زلت أؤكد أنها ليست سهلة..

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences