صدقوني .... هناك مرض اسمه السرطان وليس هناك فيتامين اسمه B17 !!

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
بقلم:
د. محمد حسان الذنيبات


* مقال قصير قد يساعد قليلا في قراءة الاخبار الطبية التي يتداولها الناس و يستغرق اقل من ٥ دقائق !!

يبدأ الفيديو الشهير بقوله لا يوجد شيء اسمه (مرض السرطان) و انما هو مجرد نقص فيتامين B17 !! و ان هذا من ألاعيب ومؤامرات شركات الأدوية التي تريد المحافظة على أرباحها معززا بذلك ما سجله صاحب كتاب (عالم بلا سرطان) ادوارد جريفين !!

شخصيا أتمنى لو أن ذلك صحيحا و لا أشك أن شركات الأدوية و التأمين مستعدة أن تفعل كل شيء لتزيد أرباحها ولكن الحقيقة أنه لا يوجد في العلم شيء اسمه فيتامين B17 بمعنى أن مركب الاميغدالين amygdalin او اللايتريلlaetrile الذي يسميه بعضهم فيتامين B17 غير مصنف على أنه فيتامين لانه لا يستوفي شروط تصنيفه ضمن الفيتامينات و التجارب التي اجريت في انابيب الاختبار in vitro و بعدها على الفئران لم تظهر اية نتائج و في حدود علمي -وهذا خارج اختصاصي- لا يوجد ابحاث سريرية على مرضى لتؤكد فائدته !! فما موضوع ما يرويه الناس من تجارب وقصص لأشخاص شفوا و اختفى السرطان من اجسامهم بمجرد استعمال ذلك المركب السحري؟؟

ساحاول مختصرا تبسيط المسألة لعلنا نساهم بنشر بعض ابجديات البحث الطبي و علومه التي تفيد عموم الناس لأن الأوهام بكل اسف اسهل للانتشار من الحقيقة و اي شيء فيه خبايا و اسرار يتقبله الناس على انه مسلمات و كل ما يحوم حوله ريحة المؤامرة هو عند اغلب الناس من الحقائق التي لا تقبل الشك !!

وعندي حديث طويل سافرد له مكانا اخر عن شركات الأدوية و دعمها لابحاث و اخفائها لاخرى و أمثلة تلاعبها بأرقام و نتائج لدراسات سريرية لا بالتزوير الساذج المكشوف و إنما بتضخيم أو تقزيم قراءة الارقام بعرض النتائج من خلال رسومات بيانية بطريقة معينة و لكن الذي اود تأكيده و توضيحه هو بأن المجتمع العلمي في مجمله ليس بالغفلة و السذاجة و التواطئ القبيح الذي يصوره ذلك الفيديو الغريب أو باللؤم الذي يحلو لبعض الأخوة أن يصفوه به !!

نعم هذا المجتمع العلمي في الغرب حالة (عالمانية) لا تؤمن بوجود مسبب الأسباب جل جلاله و تنطلق من المادة في تفسير الظواهر و العلاقات و تشكل نظرية التطور بجذورها الفلسفية العميقة مسلمة أولية لدى أغلبهم و هنا لا اتحدث عن تصورنا الكاريكاتوري عنها !! وهذا يحتاج مكان اخر للحديث عن نظرية التطور و هي من الملفات المهم جدا الالمام بها و بنقوداتها العقلية عند كل مؤمن يرغب أن يتوسع في العلوم الطبية التي ينشئ أغلبها علماء و باحثو الغرب بعد أن افلت شمس حضارتنا الاسلامية العريقة حين كان القرآن كتاب الله المسطور و الكون كتابه تعالى المنظور و كان المحراب و المختبر مكانان متلاصلقان لتقديس الله تعالى و تعظيم قدرته في الخلق !!

الانصاف مهم و هو من شيم العالمين و الصادقين فالتطوير المستمر الذي يبذله العلماء في الغرب كبير جدا و الجهود التي تبذلها الجمعيات المتخصصة و التي في اغلبها مدنية غير مرتبطة بالحكومات اكبر من الالمام بها حتى و الذي استطيع تأكيده هو المحاولة الدؤوبة لسد أي ثغرة للتلاعب بنتائج الابحاث و ايجاد اليات تتفوق على كل الالاعيب المحتملة من قبل اي جهة مستفيدة فمثلا اي دراسة تجرى لابد أن تسجل مسبقا في موقع محدد و محترم مثل clinical trials لتجنب ما يسمى ب publication bias (تحيز النشر) اي نشر النتائج الايجابية و الاحجام عن نشر النتائج السلبية ناهيك عن المراجعة الدقيقة للابحاث السريرية التي تنشر بحيث تعاد قراءتها من وجوه عدة و من خلال اكثر من مختص لأن الارقام تقرأ احيانا بطريقة متحيزة للوصول إلى نتائج معينة وهذا ما يسمى peer review (مراجعة الأقران) و كذلك ما يجري من مراجعة دقيقة للاجراءات المتبعة في ادق تفاصيل البحث بطريقة نقدية critical apprasial (التقييم النقدي) !!

الحقيقة أنني لم اكن ارغب بالاطالة ولكني لم استطع ان الج دون هذه المقدمات الضرورية فالجوانب التي اود تناولها كثيرة ومن غير الانصاف تصيد خطأ هنا أو هناك للانقضاض على المجتمع العلمي في الغرب فهو بوضوح مجتمع لا ينطلق من الايمان بالله كبرى الحقائق الكونية و مبتدأ كل شيء جلت قدرته و لذلك اقول دائما في نفسي أنها نصف حضارتنا يوم كانت (اخذا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم في النسائي و البيهقي عقل الكافر نصف عقل المؤمن) كونه لم يدرك لا بداية الحقيقة ووجود الله الخالق ولا منتهى الوجود و اليوم الاخرة) و لكنه بالنصف الذي يمتلكه و لا يزال يطوره يكفيه ليتفوق به علينا في هذا المضمار و نكون بكل ما لدينا من تاريخ و حضارة و ارث و ايمان كسيح عالة عليهم !! ما أردت قوله أن شروطهم العلمية ليست مع الايمان و لا ضده و لذلك ليس علينا أن نتحسس و لنكتب في ابحاثنا التي نطبق بها الشروط العلمية المتقدمة ما نشاء و لننشئ بعد ذلك مجلاتنا العلمية التي تحقق السمعة العالية و لننشر بها ما نشاء !!

اعرف أنني ابتعدت عن موضوعي حول فيتامين B17 غير الموجود اسما في المراجع العلمية كما قلت و لكن المادة التي تشكله مادة قديمة يقال أنها هي المادة التي انتحرت بها كيلوبترا لما فيها من السيانيد وهي مادة سامة و هذا جزء واحد من تحفظات المؤسسات العلمية عليها حيث انها تحتوي نسبة عالية من هذه المادة السمية. و الأمر الاخير الذي أود توضيحه هو كيف يتم اعتماد الادوية او كيف تجرى الابحاث على الأدوية ؟؟ يظن البعض أن تأثير مادة بشكل فردي على شخص أو اكثر كافي لاعتماده كعلاج و هنا لا بد أن اذكر ان أدوية كثيرة كانت و لا زالت فعالة جدا في علاج كثير من الامراض و لكنها سحبت من التداول و خسرت بسب ذلك شركات الادوية ملايين الدولارات و السبب أن عدد من الحالات سجلت اعراض جانبية خطيرة و مثالها الاشهر مؤخرا سحب بعض ادوية الضغط (لوسارتان و غيره) بسبب وجود شوائب قد تسبب السرطان و لاحظوا هنا كلمة قد فليس كل من سيتناول هذا الدواء سيصاب بهذا المرض و الدليل انه كان في السوق لسنوات و سنوات و سجلت عدد قليل من الحالات اصابها المرض بسبب هذا الدواء !! وهذا امر كثيرا ما يسألني عنه بعض الاخوة من هواة و معجبي الطب الشعب و الاعشاب و غيرها فاقول لهم ان البحث العلمي يأتي بعدد من الناس و يوزعهم بشكل عشوائي معين على مجموعتين و يقيس اشياء محددة في المجموعتين و يلاحظ الفرق فاستجابة شخص واحد أو تأذي شخص واحد في احدى المجموعتين لا يحسم المسألة و انما تؤخذ الصورة الكلية ثم تجرى دراسات اخرى على فئات اخرى لديها اختلافات سريرية و من اجناس مختلفة و مستويات متعددة من وظائف الكلى مثلا أو وجود السكري و عدمه أو غيره من الاشياء التي تختلف بها عينة البحث و تكون مؤثرة في نتائجه و هكذا ثم تراجع عدد من الدراسات من مراكز مختلفة و يستخلص من كل ذلك توصية محددة و لذلك نعلم طلابنا أن في هرم الدليل العلمي يقبع (رأي الخبير) expert opinion في اسفل الهرم بينما يعلوه الدراسات بأنواعها المختلفة observational (الملاحظية) ثم interventional (التداخلية) و غيرها !!

في النهاية انا اقول للناس ان يتناولو كميات معقولة ومعتدلة من بذور التفاح و بذور المشمش والجوز و اللوز وليس عندي مشكلة في ذلك و شخصيا افعل هذا و نتمنى أن يعافي الله تعالى مرضانا و أن يحمي اهلينا من هذه الامراض ولعل فرصة لاحقة اتحدث فيها عن ابحاث الدخان لأني اشتم رائحة عن الموضوع و كأني لمحت شيئا يتحدث عن مؤامرة متعلقة بابحاث الدخان كذلك !!
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences