هل سيعود الأردن ليغرد وحيدًا؟

الصدق والنقاء أصبحتا مهنتين صعبتين، في زمن يغرق بالنفاق والكذب والتهرب من المسؤوليات، والهروب من مواجهة الأخطار والأخطاء، ومهمة الأردن وثباته على الحق والعدل والقانون ومطالبة العالم ان يصحو من نومته التي طالت، وتهربه من مواجهة مسؤولياته القانونية والإنسانية، على صعيد حرب الإبادة الشاملة التي تجري في غزة منذ حوالي عام ونصف.
بتحد صارخ لكل القيم والمفاهيم والقوانين، تستأنف العصابة الصهيونية حرب الإبادة، وتخرق الهدنة الهشة، وتتولى مسؤولية إدارة فوضى، وتشعلها وتضاعف من حجمها، ولا يوجد جهة واحدة غير الأردن تفعل الممكن، حتى الحديث عن تجاوزات وجرائم اسرائيل البشعة، لا احد ينتقدها اليوم ويطالب بوقفها، ووقف إطلاق النار، سوى الأردن، وعلى امتداد أشهر الحرب، الأردن قفز إلى الأعلى والأمام، بوضوح، وعبر عن مواقفه، ورفض كل العروض والتهديدات، فوق رفضه وإدانته للجرائم الإسرائيلية، وللصمت والتواطؤ الدوليين، والأردن، قدم كل أنواع الدعم الممكنة لغزة وأهلها وضحاياها... ولسنا في وارد الحديث عن المجالات الكثيرة التي قدم فيها الأردن كل ما يستطيع تقديمه، وقد كان وما زال الأردن واحدا موحدا في الموقف والمشاعر تجاه الأشقاء الفلسطينيين، ولا يلتفت للحسابات الشخصية، حتى أنه يؤخر شأنه الوطني والداخلي ومصالحه الدولية، أمام أولوية فلسطين وحرب الإبادة والتطهير العرقي الجارية ..
كل المحرمات والمحظورات يجري انتهاكها، وبشكل مقصود، ولا صوت يسبق الأصوات ويعلو بالتحذير سوى صوت الأردن، ملكا وحكومة وشعبا.. ومنذ بواكير شهر رمضان تم إغلاق المنافذ عن إمداد أهل غزة بالطعام، ثم انطلقت مرحلة أخرى من الجرائم، لاستئناف قتل الضعفاء والأبرياء الجائعين الصائمين الصامدين على جبهة الشرف والكرامة في غزة، وعاد العائدون لعالم الارقام، واحتساب عدد الضحايا الذين يخجل بعضهم بل يخشى أن يقول بأنهم شهداء..!!.
لا كلام جديدا يقال، ولا أفعال، وبقي صوت الأردن وحيدا في صحراء ينادي ويناشد العالم ان يوقف المحرقة، ويحاول تقديم ما يمكنه تقديمه من ماء ودواء وغذاء لشعب يموت بأبشع الطرق وأعتى الأسلحة وطرق الإجرام.
ولا حول ولا قوة إلا بالله.