قراءة بالأرقام لتوزيعات الفوسفات ملاحظات وتحفظات وتوصيات واقترحات.. مارأي أصحاب الاختصاص؟!؟

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

في ضوء التوصية الصادرة عن مجلس إدارة شركة مناجم الفوسفات الأردنية بتاريخ 23/03/2025، والتي تتضمن ما يلي:

•توزيع أرباح نقدية بقيمة 1.6 دينار لكل سهم اسمي

•توزيع أسهم مجانية بنسبة 21.21% من رأس المال (أي 21 سهم مجاني لكل 100 سهم)

وبالرجوع إلى الأداء المالي للشركة لعام 2024، فقد حققت الشركة صافي أرباح قدرها 462 مليون دينار.

وبحسب التوصية، سيتم:

•توزيع 396 مليون دينار نقدًا

•وتوزيع 52.5 مليون دينار كأسهم مجانية (من أرباح 2024 أيضًا)

ليصبح إجمالي ما سيتم توزيعه على المساهمين:

396 + 52.5 = 448.5 مليون دينار

وبذلك، تكون الشركة بصدد توزيع ما نسبته:

448.5 ÷ 462 = 97% تقريبًا من صافي أرباح 2024

 

أثر التوزيعات على المساهمين – أمثلة عملية

أولًا: المساهم الذي يمتلك 100 سهم:

•يحصل على: 100 × 1.6 = 160 دينار نقدًا

•ويُمنح: 21 سهم مجاني

•علمًا بأن سعر السهم في السوق حاليًا = 15.35 دينار

القيمة السوقية للأسهم المجانية: 21 × 15.35 = 322.35 دينار

إجمالي العائد: 160 (نقدًا) + 322.35 (سهمي) = 482.35 دينار

أي أن المساهم الذي استثمر في 100 سهم بقيمة اسمية 100 دينار، سيحصل على عائد إجمالي يتجاوز 480% من قيمة رأس المال الاسمي، وأكثر من 31% من قيمة أسهمه السوقية الحالية.

ثانيًا: المساهم الذي يمتلك 100,000 سهم:

•يحصل على: 160,000 دينار نقدًا

•ويُمنح: 21,210 سهم مجاني

•القيمة السوقية للأسهم المجانية: 21,210 × 15.35 = 325,573.5 دينار

إجمالي العائد: 160,000 + 325,573.5 = 485,573.5 دينار

الملاحظات والتحفظات المهنية على هذا القرار:

1.استنزاف كبير لأرباح العام دون احتياطي كافٍ:

توزيع 97% من أرباح العام الجاري يترك فقط حوالي 13.5 مليون دينار كأرباح مدورة، وهو مبلغ ضئيل جدًا لا يراعي احتمالات التذبذب في السوق أو الاحتياجات التمويلية المفاجئة، كما لا يكفي لتمويل مشاريع توسعية مستقبلية.

2.تقلبات أسعار الفوسفات عالمياً:

بعد أن شهدت أسعار الفوسفات ذروتها في عام 2022، عادت للانخفاض التدريجي في 2023 و2024. الاعتماد على نفس المستوى من الأرباح في المستقبل هو أمر غير مضمون إطلاقًا، خصوصًا أن الأرباح الأخيرة لم تكن نتيجة توسعات إنتاجية بل نتيجة ظروف سوق عالمية استثنائية.

3.قيمة الأسهم المجانية وعلاقتها بسعر السوق:

الأسهم المجانية تُمنح بقيمة اسمية دينار واحد، لكنها تُدرج في السوق بقيمتها السوقية (15.35 دينار للسهم حاليًا). هذا الفارق الكبير يغري المساهمين ببيع هذه الأسهم فورًا لتحقيق أرباح مباشرة، وهو أمر مفهوم من منظور المستثمر، لكنه يؤدي إلى ضغط كبير على سعر السهم نتيجة زيادة المعروض، وبالتالي قد يؤدي إلى انخفاضه بشكل حاد.

4.انخفاض القيمة السوقية للشركة:

في حال قام عدد كبير من المساهمين ببيع الأسهم المجانية دفعة واحدة، فإن ذلك قد يتسبب في تراجع سعر السهم في السوق المالي، وهو ما ينعكس مباشرة على القيمة السوقية للشركة، ويؤثر على سمعتها واستقرارها الاستثماري.

5.غياب شرط زمني لتقييد تداول الأسهم المجانية:

لم تتضمن التوصية أي شرط يحد من بيع الأسهم المجانية فور استلامها. وفي الأسواق العالمية، يتم تقييد الأسهم المجانية لمدة زمنية معينة (عادة 2 إلى 3 سنوات) لحماية سعر السهم، وهو ما ننصح به هنا أيضًا.

حرصًا على التوازن بين مصلحة المساهمين واستدامة الشركة، نقترح ما يلي:

1.تعديل توزيع الأرباح النقدية ليكون بين 60% إلى 80% من صافي الأرباح، ما يعني توزيع نقدي يتراوح بين 277 و370 مليون دينار، بدلاً من 396 مليون، مع الاحتفاظ بفائض لدعم الاستقرار.

2.تقليص حجم الأسهم المجانية أو تقييدها بفترة حظر بيع لا تقل عن 3 سنوات، لتفادي التذبذبات السلبية في سعر السهم.

3.تخصيص نسبة من الأرباح لمشاريع صناعية تحويلية، تُمكّن الشركة من إنتاج مواد ذات قيمة مضافة، مثل حامض الفوسفوريك والأسمدة المركبة، بما يرفع هامش الربحية في المستقبل.

4.إنشاء صندوق تحوّط داخلي بقيمة لا تقل عن 50 مليون دينار، لدعم استقرار التدفقات النقدية في حال تراجع الأسعار عالميًا أو حدوث أزمات غير متوقعة.

بينما تبدو التوزيعات المقترحة مجزية من الناحية الآنية، فإن اعتمادها بهذا الشكل دون تحوطات استراتيجية يحمل مخاطر عالية على المدى المتوسط والبعيد. إن الاستدامة لا تُبنى على أقصى توزيع سنوي، بل على سياسة مالية متزنة تحفظ توازن الشركة بين العائد الفوري والقدرة على التطور ومجابهة التحديات.

المطلوب ليس فقط توزيع أرباح، بل بناء قدرة على الاستمرار والابتكار والريادة.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences