حسن صفيره يكتب : هل اكتفت الدولة بحل الجماعة وتركت ذراعها السياسي يصول ويجول ويُعطل جلسات "النواب" ..؟؟!!

هل اكتفت الدولة بحل الجماعة وتركت ذراعها السياسي يصول ويجول ويُعطل جلسات "النواب" ..؟؟!!
خاص : حسن صفيره
هدوء حزبي وأمني يخيم على الأجواء السياسية في الأردن بعد تحويل المتهمين الـ 16 والمنظمين في جماعة الاخوان المسلمين لمحكمة أمن الدولة في قضية حيازة وتصنيع أسلحة وطائرات درون وصواريخ، وما تلاها من اتخاذ القرار الرسمي والمعلل أصلاً بحكم قضائي قديم بحظر تنظيم جماعة الاخوان المسلمين، ومصادرة ممتلكاتها وأصولها بعد إغلاق مقراتها، وقد لاقى هذا القرار استحسان ورضى نسبة عالية من عامة الأردنيين لحساسية مضمونه وتماسه بثوابتهم بعدم المساس بمنظومتهم الأمنية وسلامة امنهم الداخلي .
المناخ العاصف الذي تسببت به القضية والذي لم يعتده الأردنيون طرح لاسئلة الملّحة والتي يتعلق أهمها بما ان حزب جبهة العمل الإسلامي هو الذراع السياسي لهذه الجماعة فلماذا لم يتم حلّ هذا الحزب وتسريح نوابه ..؟؟ ولماذا يتم بين الفينة والأخرى الفصل بين التنظيمين (الحزب ، الجماعة) ..؟؟ ولماذا تجامل الدولة والحكومة أعضاء الحزب الذين هم أصلاً منظمين داخل الجماعة "المحظورة" ..؟؟ بل ولماذا السكوت والوقوف عند حظر الجماعة وترك أداتها السياسية تعمل بكل راحتها ومساحة حريتها ..؟؟ وهل راعت الدولة القوانين الديموقراطية في عدم المساس بالحزب كـ "مكون" سياسي أردني وتناست علاقته الوطيدة والمترابطة والمتشابكة بقوة مع جماعة الاخوان المسلمين ..؟؟ بل هل كان للسمعة الخارجية للحريات في الأردن السبب الرئيس بحظر الحزب واثارة زوبعة عالمية ..؟؟
هذه التساؤلات وغيرها يمكن إماطة اللثام عنها باجابات وافية لا تغول ولا لمز فيها، فالحزب لا يختلف عن الجماعة بالمطلق بدليل ان جميع أعضاء الجماعة هم أعضاء في الحزب، بل ان بعض قياداتهم تنقل في مناصب الجهتين واخرون جمعوا ما بين مواقع في الحزب وزعامة في الجماعة في آن واحد ، ولعل الفصل بينهما ضربا من ضروب الوهم ولم يسجل يوماً تناقضهم بالرأي في اي قضية مطروحة، بل كانت الجماعة تتخذ الموقف والقرار ويتبعها من بعدها الحزب متناغما ومسيراً خلفها ، اما عن المجاملة والمراعاة وارسال التطمينات للحزب واعضائه من قبل الدولة فهذا الأمر سندفع ثمنه غاليا جميعا وأولنا الوطن فالاكتفاء بحل الجماعة دون الحزب مغامرة محفوفة بالمخاطر ولا يحمد عواقبها ونتائجها ولا أتمنى ان نصل اليها والى طريق اللاعودة.
سمعة الأردن وديموقراطيته والتي تتوجس الدولة ريبة من النسب المئوية والدراسات العالمية حيالها، يدفعنا باتجاه سؤال لماذا لا تنظر الدولة إلى أم الديموقراطيات وهي ألمانيا والتي صنفت فيها هيئة حماية الدستور الاستخبارات الداخلية حزب "البديل" بأنه مجموعة "يمينية متطرفة ويحكم مفهومها الأصل والدين واوصت بحظره وكان ذلك دون تردد ودون حسابات داخلية او خارجية بعد ان أكدت التتبعات والتحقيقات الأمنية إلى ان هذا الحزب سيلحق الضرر بالأمن القومي الألماني ، كما ان فرنسا ايضاً حكمت بالسجن على "مارين لوبان" وهي زعيمة حزب سياسي وبرلماني كبير إلا ان القضاء الفرنسي لم يجاملها أو يحسب حساب لحزبها وهذا دلالة على ان القانون هو الأهم وقرار الحظر يجب ان يشمل كافة مكونات الجماعة ولا يختصر على مكون واحد .
خلاصة الأمر وكلنا يشاهد ويتابع ما يحصل تحت قبة البرلمان من تعكير لصفو الجلسات وتعطيل لمسيرة المجلس وافتعال صدامات تمنع رئاسة المجلس والنواب الآخرين من تأدية واجبهم النيابي ، وهذا ليس من باب التحريض وتصفية الحسابات بل لان المصلحة الوطنية العليا فوق كل اعتبار جماعة او حزب، ولا يرضينا ان يصدر قرار عن الدولة يشوبه النقص وعدم الاكتمال ومن باب اولى ان يتم حل الحزب والإعلان بشكل رسمي عن فصل الدين عن السياسة فلا يعقل ان نبقى رهناً للفتاوى الدينية الضعيفة في المجال السياسي، ومن غير المبرر ان نغلف العقل ونمنعه من الانفتاح عالمياً بتمترسنا وراء السيف والخنجر، كما ان الانسياق وراء الإملاءات الخارجية سيجرّنا إلى مربع العنف والتطرف والدم .