الأمن العام يترجم الإصلاح بلهجة عملية

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
 ابراهيم عبدالمجيد القيسي -وفي كل يوم تجترح إدارة الأمن العام مأثرة جديدة نوعية، فعلاوة على النجاح بثقة الناس بالعلامة الممتازة، والاقتراب منهم الى أقرب حدّ، لمسناه في ثقافة تعامل الناس من مختلف مستوياتهم وانتماءاتهم السياسية والثقافية، وتترجمه الثقة التي تتحدث عنها المراكز الاستراتيجية المختصة، ويتحدث عنها الاعلام، وتؤكدها المتابعة الحثيثة التي يوليها قيادات هذا الجهاز كل في مجاله، حيث نشهد سرعة استجابة حتى للاقتراحات المقدمة من الناس العاديين ومن النخبة وغيرهم، فليس أفضل من عقل متسع يتعامل خلاله الشخص المسؤول، ويترجمه بسرعة ليلمسه الناس..وهذه سمة في الادارة تحتاجها السلطات السياسية والمؤسسات الخدمية، فالتنفيذ الديناميكي السريع للفكرة والواجب يعبر عن اتساع أفق، وخلو الوفاض من حسابات وأجندات يعرفها السياسيون وينكرها العسكر ولا يتعاملون بها مطلقا.
في العام الماضي التقيت بمدير مراكز الإصلاح والتأهيل، وقدم لي معلومات كثيرة ومهمة حول استراتيجية مديرية الأمن العام في تنفيذ فكرة الإصلاح والتأهيل، وقد ظهرت الاستراتيجية منسجمة جدا مع حقوق الانسان، ومع حاجة البلاد الى مواطنين فاعلين، مؤهلين تماما للتفاعل مع محيطهم بإيجابية.. ثمة نزعة لأنسنة كل إجراءات هذه الإدارة وتفعيل طاقات الناس الذين يمضون عقوبة قانونية في السجون ومراكز التوقيف.
وقد قدمت إدارة مراكز الإصلاح حزمة من الإجراءات والتعليمات التي تمكّن النزيل من التفاعل إيجابيا مع الإدارة أولا ومع محيطه في المراكز، والاستفادة من كثير من الامتيازات وليس أقلها استطاعته الدراسة مثلا، والحصول على الشهادات المختلفة، أثناء فترة محكوميته، علاوة على سلسلة من التعليمات المتعلقة بالتفاعل الاجتماعي مع أهله وذويه وهو في السجن، وإطلاق طاقاته الابداعية في ممارسة هواياته حتى الفنية منها.
أمس؛ قرأت خبرا، ذكر فيه أن مدير الأمن العام اللواء فاضل الحمود افتتح مصنعا للقهوة في سجن الرميمين، بشراكة مع شركة «برايتون»، وقد قال اللواء الحمود إن مديرية الأمن تمكنت من ترجمة استراتيجيتها الإصلاحية، وأنهت مفاهيمها القديمة، ولجأت الى مفاهيم جديدة في إدارة العملية التأهيلية الإصلاحية في مراكز الإصلاح والتأهيل، انطلاقا من فلسفة إنسانية عالمية، وهي أنسنة العمل الإصلاحي، ويضيف الحمود: إن النزيل في هذه المراكز ومهما اقترف من جريمة، فهو إنسان بالمقام الأول، ويجب الاهتمام به طيلة فترة وجوده في المركز الإصلاحي، وإشراكه ببرامج إصلاحية ومجتمعية، تعدّل من سلوكه بشكل عملي وتؤهله فعلا للعودة الى المجتمع بشكل إيجابي.
هذه الخطوة ليست دعائية أو تجميلية بالنسبة لإدارة الأمن العام، بل تقع في صميم التأهيل والاستثمار أيضا، حيث يمكن للسجين النزيل أن يعمل عملا مثمرا براتب شهري، ويمكنه أن يكتسب خبرة ومهنة ربما لم يكن يعلم عنها شيئا قبل دخوله الى هذا المكان. وهذا بحد ذاته عمل يترجم الإصلاح بلا كلام وتنظير وفلسفة، وسابقة نوعية يقدمها جهاز الأمن العام، وهي إضافة فريدة من نوعها في المنطقة..
هذه الطريقة من التفكير والإدارة مثمرة تترجم توجهات الدولة، وتعطيها أفضلية حين مقارنتها مع غيرها في بلدان كثيرة، حيث تتجلى فلسفة أردنية لمفهوم الأمن، فهي مقترنة بالإصلاح بل الإنقاذ للذين سقطوا في جرم ما، فهم يخرجون من السجن كأشخاص أكثر فاعلية وإنتاجا من كثيرين آخرين لم يدخلوا سجنا..
التهديدات تتحول إلى فرص في مواقف كثيرة، ولعل الأمن العام قدم مثل هذه الترجمة لهذه القاعدة الإدارية، وأضفى عليها لمسة إنسانية تصبح عزيزة ومفخرة للأردن، حين تخرج من جهاز عسكري أمني، وليس من جهات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو حتى تنويرية
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences