حذاري احموا البترا
الشريط الإخباري :
حمادة فراعنة - تدفق آلاف السياح دفعة واحدة لزيارة البترا وانحشروا في الممر الطويل «السيق» وفي الساحة الضيقة ساحة الخزنة، ولم يتمكن الأدلاء تقديم الإرشاد المناسب والشرح الوافي، فلم يستمتع السياح بقيمة وأهمية زيارتهم، ولم تستفد مؤسسات البترا وفنادقها ومشاريعها من هذا العدد الضخم من الزوار باستثناء تحصيل ضريبة الدخول وبات الاهتمام بالترحيب بالزائر رقم مليون خلال سنة واحدة، لأول مرة للبترا.
تدفق السياح بهذه الأعداد الهائلة بالنسبة لنا، والوضيعة مقارنة مع فلسطين أو مصر أو تونس أو تركيا أو حتى الإمارات العربية، يحتاج لخطة عمل وتطور أولاً من قبل وزارة السياحة، لا بالإشراف على إدارة السياحة في البترا، ولا في العقبة رغم نشاط وحيوية ممثلتها هناك، لأن سلطة العقبة أيضاً تفتقد للتنسيق مع وزارة السياحة أو مع سلطة البترا، فيجب تطوير مؤسسة السياحة كمشروع وطني لصناعة سياحية متقدمة تتفق وطموحاتنا لأن يكون الأردن كما يستحق بلد خدمات متطورة يملك متحفاً مفتوحاً قلّ مثيله في المنطقة ولدى الأطراف المحيطة بنا والمنافسة القوية للأردن لجذب السياح.
لدينا سياحة متعة المكان: كالبترا ووادي رم والبحر الميت، ولدينا سياحة دينية مسيحية جذابة: كالمغطس وجبل نبو وكنائس مأدبا وعجلون، ولدينا تراث إسلامي مشهود لقادة المعارك والفتوحات الإسلامية في أغلب محافظات المملكة وعلى امتدادها، الحصيلة التي تتطلب ثورة بيضاء سياحية في المؤسسة والخدمات والإدارة، وأن تتحول وزارة السياحة إلى وزارة سيادية على ما عداها من وزارات كالخارجية والداخلية ولديها ضباط ارتباط مع مؤسسات صنع القرار لمعالجة أي حدث أو أي طارئ تتطلب الاستجابة السريعة لقرار يُسهل عمل السياحة واحتياجاتها، وتكون قراراتها فوق الإدارات المحلية في العقبة والبترا وغيرها.
لندقق بما حصل في البترا حيث الاف السياح في مكان واحد، وفي وقت واحد، لنتخيل لو تدفق المطر وغطى مد السيق أو سقط سائح بسبب التدفق، فماذا تكون النتيجة؟؟ مصيبة، فهل نعجز عن وضع برنامج مسبق لتنظيم تدفق السياح أم ننتظر المصيبة التي تجعل من سمعة الأردن بالحضيض الإداري والسياحي كما حصل في كارثة البحر الميت للأردنيين الذين تعيش عائلاتهم وجع فقدان أحبائهم للآن، فكيف يكون وضعنا لو حصلت مصيبة مماثلة للأجانب؟ لقد قفزنا عن حادثة جرش وغدت خلفنا، بعد أن واجهه السائق والدليل السياحي وشجاعة رجل الأمن، فماذا بشأن حدث مماثل في البترا بفعل الطبيعة وتقلبات الطقس أو بسبب التدافع بين السياح لكثرة عددهم في مكان ووقت ضيقين.
التطور العددي لتدفق السياح لبلادنا يحتاج لخلية عمل منظمة مهنية رفيعة المستوى تقوم على التنسيق ووحدة العمل بين الوزارة وإداراتها وهيئة تنشيط السياحة وهيئة المكاتب والوكالات السياحية والأدلاء السياحيين، ليكونوا بوتقة وعنوانا موحدا وجبهة داخلية متماسكة تقوم على الشراكة والتعاون لجعل الأردن حقاً في مكان يوازي أن الأردن متحف سياحي مفتوح فريد من نوعه.