العلاقة الأردنية الإسرائيلية في أسوأ حالاتها
الشريط الإخباري :
حمادة فراعنة - ما الذي دفع رأس الدولة الأردنية، الملك عبد الله، لأن يقول ما قاله في الولايات المتحدة ووصفه « العلاقات الأردنية الإسرائيلية، في أسوأ حالاتها»، وقوله هذا بكل وضوح وشجاعة في نيويورك حيث سيطرة اللوبي الإسرائيلي والطائفة اليهودية الأكبر والأقوى وأين؟؟ في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وهو معهد مؤيد تماماً للمشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، وأحد أدوات اللوبي الإسرائيلي، ومديره التنفيذي روبرت ستالوف يهودي مؤيد لسياسات المستعمرة الإسرائيلية، ولم يكن ذلك صدفة أو سوء اختيار، بل كان مقصوداً أن يقوله أمام اللوبي الإسرائيلي، ومشهد يهودي بالكامل.
لم يذهب بعيداً جلالة الملك في توصيف السياسة الإسرائيلية وعلاقتها بالأردن، بل وضع العلاقة على سكة الوضوح بقوله» إن المشاكل التي نواجهها مع إسرائيل هي ثنائية» وعزا سببها إلى « جزء منها يتعلق بالشؤون السياسية الداخلية لإسرائيل».
إذن الخلاصة لتردي العلاقات الأردنية الإسرائيلية يعود لطغيان السياسة الداخلية الإسرائيلية المتطرفة وخيارات القائمين عليها في كيفية التعامل بشكل غير مريح بل وعدائي ضد المصالح الوطنية الأردنية، وأن هذا تم ويتم منذ زيارة نتنياهو إلى عمان في شهر حزيران 2018، وأعقبها قراره يوم 2/7/2018، بالسماح للوزراء وللنواب بدخول ساحات المسجد الأقصى وتوفير الدعم والحماية باقتحامات يومية للحرم القدسي الشريف وفرض الشراكة الزمنية صباح كل يوم من قبل المستوطنين ودخولهم ساحات المسجد الأقصى بما يتعارض مع قدسية المكان للمسلمين، وللمسلمين فقط كما هي الكنيسة للمسيحيين، والكنيس لليهود، والخلوة للدروز، كما يتعارض هذا السلوك الاستفزازي والمس بحرمة المكان مع الوصاية الهاشمية والرعاية الأردنية للحرم القدسي الشريف وسائر المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين.
هذا هو السبب الأول لتدني العلاقات الرسمية بين عمان وتل أبيب وانحدارها إلى هذا المستوى من السوء والتصادم، ولكن ثمة قضايا أخرى أردنية مماثلة وصفها جلالة الملك على أنها «بسيطة ويمكن معالجتها» ولكنها تشكل عنواناً تنفيذاً لمعنى ومضمون هذا الانحدار يتمثل بالسياسات الإسرائيلية لتسويق البتراء ووادي رم ضمن رزمة سياحية إسرائيلية واحدة عبر مطار إيلات، للأوربيين وللأميركيين، وكأن البتراء ووادي رم جزء من الخارطة السياحية الإسرائيلية، وكذلك وضع العراقيل أمام المنتوجات الزراعية الأردنية المتجهة إلى أوروبا عبر ميناء حيفا على الساحل الفلسطيني وتعطيلها وإتلافها متعمداً نظراً لمنافستها للمنتوجات الزراعية الإسرائيلية.
قضايا عناوينها أردنية ولذلك وصفها جلالة الملك على أنها « ثنائية» إضافة إلى الموضوع الفلسطيني المرتبط بالأمن الوطني الأردني لسببين:
أولهما أن الضفة الفلسطينية والقدس احتلتا من قبل الإسرائيليين عام 1967، حينما كانتا جزءاً من المملكة الأردنية الهاشمية، والأردن يتحمل المسؤولية الوطنية والقومية والأخلاقية والسياسية للعمل على إعادتها وإنهاء الاحتلال عنها لمصلحة شعبها الفلسطيني وقيادته منظمة التحرير، وأن إجراءات التوسع والاستيطان وسياسات التهويد والأسرلة للقدس وللضفة تتعارض مع المصالح الوطنية الأردنية، ومع قرارات الأمم المتحدة، وضد الاتفاقات والتفاهمات الدولية.
وثانيهما إن الجزء الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين الذين تشردوا وطردوا من بيوتهم من اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا وصفد وبئر السبع عام 1948 هم من المواطنين المقيمين في الأردن، والأردن متمسك بحقوقهم، وواجبه الدفاع عن حق الاختيار لديهم نحو العودة واستعادة ممتلكاتهم، ولذلك لا يقبل أي طروحات أو حلول تمس بحقوق مواطنيه وعليه العمل على مساعدتهم لاستعادة هذه الحقوق.
ملفات كبيرة شائكة ومعقدة ولكن الخيار هو معالجتها بشكل تدريجي متعدد المراحل أسوة بما حصل مع منطقتي الباقورة والغُمر