مجتمع مريض

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
حمادة فراعنة - رغم اتهامات الفساد الثلاثة التي وجهها الادعاء العام الإسرائيلي، لرئيس حكومة المستعمرة نتنياهو وأوصى تقديمه للمحاكمة التي ستحدد وقت مثوله أمامها، وعلى الأرجح ستتم إدانته وحبسه أسوة مع من حصل قبله على الرشاوي وخانوا الأمانة كسلفه يهود أولمرت والوزير المتدين أريه درعي وأخرين، مع ذلك تشير نتائج استطلاعات غالبية  الإسرائيليين أنهم ينحازون لنتنياهو على حساب خصمه داخل الليكود جدعون ساعر ومنافسه الأقوى رئيس حزب الجنرالات أزرق أبيض بيني غانتس، ماذا يعني ذلك؟؟.
أولاً تعكس هذه الانحيازات على قدرات نتنياهو القيادية والسياسية والتنظيمية، وهذا مؤكد لأنه تفوق على كل رؤساء الحكومات السابقة منذ قيام المستعمرة عام 1948، وسجل رقماً قياسياً في تولي رئاسة الحكومة لأطول فترة، وحافظ على مستوى من التفاهم بين أطراف المعسكر الثلاثي المحتوى: اليمين، واليمين السياسي المتطرف، والاتجاه الديني اليهودي المتشدد، وأثبت أنه القاسم المشترك لهذا المعسكر، كما أنه الأقوى في تسويق المشروع الإسرائيلي وسياساته على المستوى العالمي وخاصة لدى الولايات المتحدة الحليف الأقرب والأقوى وتحدي سياساتها غير الملائمة مع مصالح التوسع الإسرائيلي كما حصل في فترة أوباما في حالة التعارض بينهما، وفي حالة ترامب المتفق معه بلا تردد، وحتى الرئيس الروسي بوتين لم يسلم من التوصل إلى أرضية التفاهم بينهما.
ثانياً وهذا هو الأهم أنه الأكثر مقدرة على صياغة برنامج التوسع الاستيطاني الاستعماري وتنفيذه على الأرض بما جعل رهان القوى اليمينية واليمينية المتطرفة وأحزاب المتدينين ترى فيه حصان السبق الذي لا يُنازع لتحقيق تطلعاتها العقائدية سياسياً ودينياً، ولكن رغم كل هذه الدوافع السياسية سواء كانت انتهازية أو مبدئية لدى أغلبية المصوتين، فهي تعبر عن حالة مرضية لدى المجتمع الإسرائيلي تعكس حجم السقوط الأخلاقي، والانحدار القيمي في مجتمع يعتمد على شخصية تتعرض للمساءلة وقناعة الادعاء بما تتوفر لديه من إثباتات وقرائن فساد لتقديمه للمحاكمة، ومع ذلك تنحاز الأغلبية لصالح استمرار قياداته للحكومة والبقاء في رئاستها حتى وهو في فترة مثوله للمحاكمة، أليس ذلك مستغرباً ودالاً على حجم الفساد النفسي والانحدار القيمي لدى الأفراد والمؤسسات السياسية التي تخشى غيابه فتفقد امتيازاتها وقد يضمحل ويتراجع نفوذها ويضعف برنامجها حيث تعطيه الأولوية ولو كان ذلك على حساب القيم والنظافة وطهارة التوجه؟؟.
ما مصلحتنا في ذلك غير إزالته وإزاحته بسبب هذه المواصفات؟؟ هل نهتم بذلك لإشباع غرورنا أننا نملك قيماً ومبادئ ونظافة وهم يفتقدونها؟؟ 
على مؤسسات البلدان والشعوب السياسية والأمنية والبحثية أن يدرسوا هذه الحالة ويستخلصوا النتائج ويضعوا السياسات والتوجهات الملائمة لمواجهة عدوانية هذه المستعمرة بهدف حماية أنفسهم وشعوبهم وتطلعاتهم من آثارها ونتائجها المدمرة لأمنهم واقتصادهم وتطلعاتهم!! .
فساد نتنياهو رغم أذاه للشعب الفلسطيني ودماره، فهو الذي حرّض مع شارون على قتل إسحق رابين لتعطيل مسار أوسلو التدريجي متعدد المراحل، وهو من قاد هجمات الموت والخراب على غزة 2012 و 2014 و 2019، مما يستوجب تحميله المسؤولية وإحالته إلى محكمة الجنايات الدولية على الجرائم غير الإنسانية التي قارفها بحق الشعب الفلسطيني، ولكن وجوده والتصويت له من الناحية النفسية والسياسية يفضح المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي أمام المجتمع الدولي وفقدان المستعمرة لقيم النظافة وانتشار الفساد في أعلى درجات السلم الاجتماعي لمجتمع استعماري طارئ، سيغادر المشهد أسوة بجنوب إفريقيا العنصرية الاستعمارية.   
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences