أمريكا من إطار التحكم الى منزلة الحكم !

{clean_title}
الشريط الإخباري :  



د. حازم قشوع

بصدور القرار الأممي من مجلس الأمن الدولي رقم "2803" القاضي بتشكيل مجلس امريكي لحكم قطاع غزة، تكون الولايات المتحدة قد حكمت غزة ضمن شرعية أممية وقامت بتغير المناخات الدولية من مناخات مناوئة لسياساتها الداعمة لإسرائيل إلى اخرى داعمة لها ومشرعنه لحكمها بالقطاع، كما تكون الولايات المتحدة قد استطاعت ايضا تبديل الأجواء التي كانت منددة للإحتلال الإسرائيلي إلى أخرى تحمل مسؤولية إعاقة أو عرقلة سلاسة تسليمها السلطة الى حماس في حال فكرت بالمقاومه.

ولعل خطة ترامب للاستقرار التي تأتي ضمن سياق امنى وليس ضمن نسق سياسي ينتظر أن تجعل المنطقة تعيش أجواء امنية بنكهة أحكام استعمارية لكن بشرعيه دوليه لم تحدث بالتاريخ الحديث منذ ولاية المنظومة الاممية، وهذا ما يعد تحول عميق بالاستراتيجية الأمريكية للمنطقة من مناخات تقوم على "إخضاع بالنفوذ" إلى "الحكم بالإذعان" كما يصف ذلك سياسيين، وتكون دائرة الاستهداف التي تستهدفها هذه الاستراتيجية في محيط دائرة سنتكوم بالشرق الاوسط مع انتقال مركز سنتكوم من إسرائيل إلى حيث المركز الجديد فى قطاع غزة.

واستنادا لهذه المعطيات فإن قطاع غزة سيقام الى تقسيمه بالخطوط التنفيذية الأولى بين مناطق مدنية معنونه بدوائر اثنتين، واخرى عسكرية تنطلق منها قواعد بسط النفوذ الأمريكي في شرق المتوسط، وهذا ما يعنى أن حركة الإعمار ستكون سريعة ومستعجلة وستمضي بخطوات سريعه تمهيدا لوصول الحاكم الجديد إليها والذي يتوقع وصوله ضمن احتفالات تقام بهذه المناسبة في بحر العام القادم، حيث يتوقع أن يعطى جوازات سفر أمريكية لبعض المواطنين الغزيين عندما تحط الطائرة الرئاسية في القاعدة العسكرية في محيط قطاع غزة حسب ما تناقلته بعض الوكالات الإخبارية، كما يتوقع أن يضم مجلس الحكم في غزة  شخصيات سياسية وازنة ورموز عمل اقتصادية ثقيلة كما يتوقع توسيع حدود جغرافية قطاع غزة  لتشمل مساحات من أراضي (سي) فى سيناء لإنشاء مدينة نموذج قادرة لاستيعاب العسكر والعمالة الوافدة إضافة للسكان، حيث ستكون المدينة ضمن خلطة مجتمعات مدنية تقدم نموذج  ترامب التي يريد تقديمها الرئيس ترامب للتعايش السلمي ذو الحلول الاقتصادية على مقياس معيشي شبيه بمدينة دبي او بدولة سنغافورة وعلى غرار ما تم اخراجه بالمسلسل الكارتوني عائلة سيمبسون الشهير، وهو يقدم نموذج ما ستؤول إليه الحياة في قطاع غزة.

وهذا ما يعني بالمحصلة أن قطاع غزة أصبح يدار بأيدي أمريكية بشرعية اممية وما سيتبقى من الشعب الفلسطيني في غزة بعد عمليات الترحيل والاجلاء الممنهجة سيتم حكمه من قبل البيت الأبيض بطريقة مباشرة ومن دون تبعات قانونية تفرضها قوة "الاحتلال" التي أصبحت بحكم القانون الدولي تمتلك شرعية الحكم كونها جاءت بمطلب عربي ودولي وموافقة فلسطينيه بعد القرار الاممي الذى اكسبها شرعية قانونيه.

و بصدور هذا القرار الاممي تكون الولايات المتحدة قد اكتسبت "جغرافيا سياسية في غزه" تتمركز بها شرعيا لحكم المنطقة وبطريقه مباشره لا تقف حدودها عند الفضاءات الضمنية بالوقوف عند الموارد الطبيعية، والأخرى الناقلة الاستراتيجية التي تتمثل بإنشاء "قناة غزه العقبه البحريه"، لكن تتعداها بالفضاءات المكتسبة لتغيير قواعد الحكم وعناوين الاحتكام لمجتمعات المنطقة، فالولايات المتحدة لم تدخل المنطقه بعد كل هذه المناورة السياسية والعسكرية التي دخلت فيها حرب غزة وتقليم دول المنطقة والتي كلفتها مئات المليارات لكي تخرج منها بطريقه سلميه او لتعيد تسليمها للحواضن الشعبية الأهلية.

حيث تجمع كل الاستنتاجات على ثابت يفيد أن الولايات المتحدة دخلت للمنطقة وستستقر فيها وستقود المنطقة من مركز غزة بشكل مباشر ومن دون أدوات وظيفية غير مباشرة، وهذا ما يعنى بالسياق الضمني "أن دور اسرائيل بالمنطقة شارف على الانتهاء، إن لم يكن قد انتهى بطريقه عمليه" بعد الرسالة الضمنية التي حملتها مسألة بيع طائرات f35 المتطورة كالتالي تمتلكها اسرائيل للسعودية، الأمر الذي يفتح المجال لبقية الدول الخليجية للحذو بالمثل وذات الامر يتم تشكيله فى مسالة دورة التخصيب النووي للسعودية، وهذا ما يفرغ مضمون القوة الجيوسياسية الاسرائيلية في المنطقة ويشير الى قرب انتهاء الشكل العام للأنظمة وأدوارها.

وهو ما يعني بسياق متصل أن هنالك أدوار وظيفية ستنتهي بهذا الخضم وان الشرق الاوسط اصبح فعليا فى مظلة فضاء الجغرافيا السياسية للولايات المتحدة عسكريا وامنيا ستؤول في نهاية المطاف ليكون سياسيا، وهو ذات المضمون الذى يبينه المبعوث الامريكي للشرق الاوسط توماس باراك الصديق المقرب للرئيس ترامب وهو ذات الإسقاط الذي ينطبق على الأنظمة كما على مجتمعاتها بالمحصلة، ما يتم تنفيذه فى غزة يمكن اعتباره باختصار مركزا للحكم الجديد الذى يجرى تنفيذه بالمنطقة والذى ستنتقل فيه أمريكا من منزله التحكم إلى سطوة الحكم.

واستنادا لهذه المعطيات الاستنتاجية التي سيبدأ العمل فيها بشكل إجرائي بعد انتهاء الملف الأوكراني الذي أصبح قيد الإغلاق مع وصول التفاهمات الروسية الامريكية الى توافقات يمكن البناء عليها تقوم على جدول متوافق عليه، وتستند الـ 28 بند الذي أقره الرئيس ترامب وقدمه مبعوثه ويتكوف لأردوغان لإجراء الترتيبات اللازمة كما يتوقع أن يتم الانتهاء من الملف الإيراني في وقت آخر ليس ببعيد بعد إنهاء الملف الأوكراني، وهو الملف الذي يشهد تجاذبات بينيه  ايرانية امريكية على طاولة المفاوضات المنعقدة بين الطرفين فى هذه الأوقات تبحث آليات توليد الطاقة النووية ومكان تخصيبها ومحددات توليدها ومساحة النفوذ الايراني وسياسات تحجيمه فى العراق واليمن، وهذا ما يعنى ان كل مساحات الاشتباك الروسية الامريكية يتم الانتهاء منها تمهيدا لبناء أرضية توافقات جديدة، وعند الوصول  اليها فانها  ستشكل ارضية وصول اللقاء القطبي الامريكي الروسي لارضيه توافق حيال قضايا المنطقة وهي الأرضية التي ينتظر أن تجمع الرئيسين بوتين وترامب فى الربع الأول من السنة القادمة كما تشير بعض القراءات الأولية بهذا الخضم، والتي أدخلت الجميع عبر وفق مخاض سياسي وامتى يسبق ولادة المشروع القادم .

وهى النتيجة التى تعنى دخول الدائره القطبيه فى مركزية جديدة بعناوين ستكونها ألإمبراطورية الأمريكية و القيصرية الروسية، الأمر الذي سيؤول بسياق متصل إلى الشرق الأوسط حيث يتوقع ان يشهد متغيرات عميقة ستطال حدود الجغرافيا السياسية كما ينتظر أن يتبدل فيها الشكل العام للأنظمة ونماذج حكمها بالمنطقة، والتي ستدار من مركز قطاع غزة عبر الهيكلية الرئاسية التي سيشارك فيها بعض القادة بالمنطقة برئاسة امريكية من اجل ادارة شؤون المنطقة على النمط الفيدرالي الذي سيصدر قراراته بطريقة مركزية ويقام على تنفيذها وفق منهجية هيكلية تقوم على اللامركزية، تماما كما يحدث على الصعيد الأمنى فى الوقت الراهن فيما يسار لترجمته على الصعيد العسكري سيجرى تشكيله على المستوى السياسي ضمن مركزية موحدة عناوينها السيادة تكون فى قطاع غزة، وبهذا التصور الموضوعي تكون أمريكا قد انتقلت من إطار التحكم إلى منزله الحكم.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences