✦ إني أراكم بعين قلبي جُنّة… يا من بكم مرّ الحياة يطيب ✦ فهذه وصيتي لكم فاتبعوها
يا أبنائي وبناتي الأحبّة،
يا ثمرات عمري الغالية، ويا امتداد روحي الذي يمنح قلبي معنى وحياة…
أكتب إليكم اليوم بكلمات خرجت من أعماق أب صمد أمام قسوة الأيام، لكن قلبه يلين حين يذكركم، وتخشع روحه حين يرى وجوهكم التي تُعيد لنور قلبه إشراقه في كل مرة يضعف فيها أو يشعر بالوهن.
كبرتم أمامي كما تكبر الأشجار الراسخة: جذوركم متعمقة في قلبي، وظلالكم تحمي تعب السنين، وصوتكم يسبق أنفاسي في كل صباح، كأنكم نسيم يملأ الروح حياة ونورًا.
ولستُ هنا لأذكّركم بمحبة تعرفونها قبل كل كلام، بل لأهديكم خلاصة عمرٍ طويل…
عمرٍ حملت فيه همومًا صامتة، وابتسامات خفية لأجلكم، ودعاءً لا يفارق خطواتكم في الحياة، كظلّ صامت يرافقكم دومًا.
إن هذه الكلمات ليست حديثًا عابرًا، بل وصية قلب عاش لكم كل يوم، واختاركم فوق نفسه، وصمد في وجه الحياة كي لا يمسكم منها إلّا الخير والدفء، كما تصمد الشمس في السماء رغم العواصف.
يا فلذات القلب…
رأيت فيكم منذ صغركم ما يزرع الطمأنينة في نفسي، وسمعت في أصواتكم صدق البركة، ولمست في خطواتكم امتداد بيتٍ عُرف بالأصالة والشهامة، وبذور الوفاء وعلوّ الهمة.
ورغم مشقة الدرب، وتقلب الدنيا، وقسوة الأيام،
أشهد الله أنني نذرت حياتي من أجلكم،
وحملت عمري على كتفيّ لأضمن لكم طريقًا أوسع، وسماءً أرحب، وقلوبًا صافية، وأقدامًا ثابتة على دروب الحق، كما تثبت الجبال صلابتها أمام الرياح.
✦ أوصيكم ✦
وهذه وصيتي لكم ما حييت، وصية رجلٍ عرف الحياة، وذاق مرارتها، وعرف قيمتها:
• أوصيكم بطاعة الله… فهي نور الطريق، وبركة العمر، وسر السعادة في الدنيا والآخرة.
• أوصيكم بمحبة الناس… فهي جسر القلوب، وتاج على الرأس، وكنز لا يزول.
• أوصيكم بقول الحق… فالحق يرفع صاحبه، ولو وقف وحيدًا بين الناس.
• أوصيكم بالصدق… فهو ميزان الرجال والنساء، وعنوان الشخصية النقية، ووقار النفس.
• أوصيكم بوالدتكم خيرًا… فهي الأمان والحنان، والحضن الدافئ، فاجعلوها تاجًا على جبينكم طول حياتكم.
• أوصيكم بالكرامة والشرف… فهما الإرث الحقيقي الذي أتركه لكم، والراية التي رفعتها طوال حياتي، وسأظل أدعو الله أن تبقى الراية عالية بكم.
وهذا عهدي بكم…
أني أراكم دائمًا أهل خير، وأهل مروءة، وأهل مواقف لا تنحني، كأشجار ثابتة في وجه الريح.
عهدي أن تبقوا ثابتين على أصلكم، مرفوعي الرأس حيثما حللتم، وأن تكونوا لبعضكم سندًا لا ينكسر، وقلوبًا لا تتفرق، وأيدٍ تتشابك بالود والمحبة والخير مهما اشتدت الأيام.
اعلموا أن البيت المتماسك لا تهزه ريح الدنيا، وأن الأسرة التي تجمع بين الحب، والصدق، والشرف… هي الجنة على الأرض، وهي تاج الروح وملاذ القلب.
وأخيرًا… وليس آخرًا،
اعلموا أن والدكم لا يريد منكم سوى أن يراكم بخير،
سالمين، صادقين، مرفوعي الهامة…
فأنتم جنتي، وفخري، وسعادتي التي أدعو الله أن يحفظها ما حييت، وأن يظل نوركم في حياتي دائمًا منيرًا.
والدكم
عوني الرجوب – أبو سداد
عمان، يوم الاثنين الموافق 2025/12/8








