منتخبُ النشامى… حين تنتصر الروحُ على الإمكانات.

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

 

في عالَم كرةِ القدم، لا تُختزل الانتصارات في الكؤوسِ وحدَها، ولا تُقاس النتائجُ بصفِّ الألقابِ فحسب؛ فثمّة انتصاراتٌ أعمق أثرًا، تُصاغ بالروح، وتُحفظ بالكرامة، ومن هذا المعنى تحديدًا، قدّم منتخبُ النشامى نموذجًا يُحتذى، حين دخل الميدان ممثّلًا وطنًا كاملًا، بقلبِه قبل قدميه، وبإرادتِه قبل أدواتِه.

قاتلَ اللاعبون حتى الرمقِ الأخير، بلا استسلامٍ ولا انكسار، وجعلوا من القميصِ عهدًا، ومن الشعارِ ميثاقًا، بأن تبقى الرايةُ الأردنية عاليةً خفّاقة، مهما اشتدّت المواجهةُ وتعاظمت التحدّيات، لم يكن الأداءُ مجرّد تكتيكٍ أو انضباطٍ فنيّ، بل تعبيرًا صادقًا عن انتماءٍ راسخٍ وروحٍ قتاليّةٍ تَعرفُ معنى المسؤولية.

وبإمكاناتٍ متواضعةٍ قياسًا بغيرهم، قدّم النشامى كرةَ قدمٍ نقيّةً، نظيفةَ الروحِ قبل الشكل، مشبعةً بالعزيمةِ والانتماء، أسعدوا الجماهيرَ الأردنية والعربية، ولفتوا أنظار العالم، مؤكدين أن الفارقَ الحقيقيَّ لا تصنعُه الميزانياتُ ولا الأرقام، بل تصنعُه القلوب المؤمنةُ حين تجتمع، والعزائمُ حين تُصِرُّ على ألّا تنكسر.

نعم، أخفقَ المنتخب في النهائيِّ، لكن الإخفاق لم يكنْ هزيمة، بل على العكس، خرجَ النشامى أكثرَ حضورًا وتأثيرًا، بعدما بثّوا في البطولةِ روحًا غيرَ مسبوقة، وحافظوا على أعلى معاييرِ الشرف الرياضيّ والانضباطِ والمسؤولية، وكان اللاعبون وجمهورُهم المنظَّمُ الأنيقُ وجهًا واحدًا للأردنّ، قدّموا صورةً مشرقةً عجزتْ عن تقديمِها بعثاتٌ رسمية ومؤتمراتٌ فارهة، حتى أقرَّ بها الجميعُ، البعيد قبلَ القريب والخصمُ قبل الصديق.

لقد أصبح منتخب النشامى نموذجًا عربيًّا وعالميًّا للفريقِ الذي يلعبُ بروحِ المحارب، يحترم الخصم، ويُشرِّفُ القميص حتى الصافرةِ الأخيرة، ولم يكن هذا الإنجازُ وليدَ لحظةٍ عابرة، بل حصيلةَ جهدٍ جماعيٍّ صادق، كان فيه للمدرّبِ دورٌ محوريّ، كما كان للاعبين الفضلُ في إبراز رؤيتِه وترجمتِها داخل الملعب.

وهنا يبرزُ السؤال الجوهريّ: ماذا بعد؟ هل نكتفي بالاحتفاء، أم نحسنُ قراءةَ الدرس؟ إنَّ هذا المنتخبَ لن يتكرّرَ إلّا إذا تعاملنا مع تجربته بوصفِها مشروعًا وطنيًّا للتطوير، لا مجرّد لحظةِ فرحٍ عاطفية، فالمكتسبُ الحقيقيُّ هو هذه الروح، فحمايتُها وتنميتها مسؤولية الجميع.

منتخبُ النشامى لم يقدّمْ كرةَ القدمِ فحسبُ، بل قدّمَ دروسًا في الانتماءِ، والانضباطِ، والشجاعةِ، والكرامةِ الوطنيةِ، والفوزُ الحقيقيُّ سيبقى دائمًا فيما صنعهُ من روحٍ عاليةٍ تُلهم الأردنيينَ، وتُبرز الأردنَّ في أعينِ العالمِ.

#مالك_صوّان 

#الأردن #الاردن

#النشامى

#كأس_العرب_2025

#كاس_العرب_FIFA_قطر_2025

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences