السـِّـعْـن

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
كامل النصيرات -ما زلتُ أذكرُ (السـِّـعْـن) الذي كان عند عمتي (مشخص) أطال الله عمرها..جرّبته أكثر من مرّة ..بالنسبة لي هو لعبة طفل صغير..
السعن يعرفه البدو تماماً..هو مصنع حليب مُصغّر..جلد ماعز أو خروف أو ما شابههما غير مقطوع أو مخزوق..يوضع فيه الحليب ويتم تعليقه على (مرجيحة) مخصصة له..ومن ثمّ يبدأ خضّ السعن..ليتم صنع اللبن والزبدة..!
إذن؛ السعن للخض..وهنا هي الفكرة..وكل مصانع الدنيا لا تأتي بطعم مشتقات الحليب الخارجة من السعن ..لأنه خضّ طبيعي لحليب طبيعي لبني آدميين طبيعيين..!
تذكرتُ السعنّ والخضّ وأنا أرى كلّ هذا الخضّ المغشوش..يخضوننا خضّة وراء خضة ولا يخرج منا لا لبنٌ ولا زبدة..بل يعيدوننا إلى ما قبل الحليب..!
أشعر أن هذا العالم حيوانٌ كبير..تمّ سلخ جلده وتحويله إلى سعنٍ كبير..وتم وضع شعوب بأكملها بداخله..الذي تحت صار فوقاً..والذي فوق صار تحتاً..والذي في المنتصف صار هناك والذي هناك صار هنا..! والخضّ شغّال..والشعوب دائخة وغير قادرة على الوقوف..!
أشعر فيما يشعر الدائخ أن كلّ الذين في السعن الكبير يصنعون سعون (جمع سعن)  صغيرة ويخضّون أنفسهم بأنفسهم أيضاً..لذا تراهم من دوامة السعن الصغير إلى دوامة السعن الكبير..فلا نحن خرجنا من الصغير ولا نحن نجحنا لنصير جزءاً من الكبير ..ولا نحن أنتجنا لبناً وزبدة ..!
من يوقف الخضّ..كلّ الخضّ..كي نعرف أين نحن في أوطاننا التي أهلكها السعن ويحسبون ارتطامنا ببعضنا بداخله تصفيقاً لهم..!
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences