جمهورية الخلافة
الشريط الإخباري :
فارس الحباشنة - سلطان الحرب في الشرق الاوسط، ولاعب ماهر في بعثرة الخرائط والقفز على الاحبال المختلفة. وفي قلب كل معاركه يحاول أن يحول تركيا الى جمهورية الخلافة، مما يضطر ان تراه في كل الخرائط، يحارب ويقاتل ويتمرتس ويهدد.
في ليبيا فتح اردوغان جبهة جديدة، وذلك بتوقيعه اتفاقية مع فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني المؤقتة. والاتفاقية تقول أن لتركيا وجودا استراتجييا في ليبيا، وان موطئ القدم التركي يرفع من مستوى التوتر والتصعيد في الشرق المتوسط، وعلى مستوى موازٍ ينظر بحرب اكبر تتعدى فصول ما نشاهد من حرب اهلية تغرق ليبيا في مستنقعها.
معركتان أو جبهتان يقودهما اردوغان في نفس التوقيت: الاولى ليبية، والثانية في الشمال الشرقي السوري، والحرب على الارهاب الكردي كما يسمون في انقرة الجماعات المحاربة الكردية.
من طرابلس أعلن اردوغان عن وجود عسكري على الارض الليبية، وبصفة علنية وبقوة الامر الواقع. وبالطبع فان الرسالة التركية الى اطراف اقليمية ودولية لاعبة على الساحة الليبية. وتحد اضافي الى القرارات الدولية بمنع تصدير السلاح الى الفصائل والمليشيات الليبية.
لاول مرة تخرج تركيا خارج حدودها بحثا عن الغاز ومصادر الطاقة. وهي صورة لتركيا الكمباردورية، وما يحيى اردوغان من خيالات للسلطان العظيم، حاكم ديار الاسلام.
سياسة الواقع الامر أقوى من كل الاتفاقيات والشرعية الدولية والاعراف الاخلاقية والانسانية. حكومة السراج وضعها القانوني بموجب اتفاقية الصخيرات لا يخولها لتوقيع اي اتفاقية، وصلاحياتها بموجب الاتفاق بين الفرقاء الليبيين واضحة في تحديد الصلاحيات.
ولكن تركيا باعلانها عن الاتفاق مع حكومة السراج بعثت برسائل مناكفة الى خصوم تقليديين ولاعبين اقليميين ودوليين في الازمة الليبية. واول الرسائل واسرعها الى مصر التي تشتبك مع تركيا في الملف الليبي، وصراع الاخوان المسلمين وتحالف تركيا معهم، ومناكفات استراتجية مباشرة مع مصر الدول الاقرب جغرافيا الى ليبيا.
الغاز عنوان الصراع، ولكن المسألة تتعدى ذلك في بحث تركيا عن مجال حيوي في الشرق المتوسط. الامتداد التركي والتوسع الجيوسياسي يدخل في لعبة موازين القوى الاقليمية والدولية. اليونان داخلت إلى حلبة الصراع بما يتعلق بالصراع التاريخي والعقائدي بين الجارين اللدودين والصراع الآني على غاز المتوسط.
أمن وممرات الغاز البحرية على رأس اولويات الروس، والصراع لا يخفى بين موسكو وواشنطن في ازمات الاقليم، وان رفعت واشنطن يدها عن صراعات المنطقة الا انها زرعت وكلاء لها على الارض.
التمسك الروسي في ادارة الازمة السورية والامساك بكل الاوراق دفع بتركيا وامريكا للبحث عن توازنات جديدة في الازمة الليبية، ويأتي التدخل التركي لفرملة الدور الروسي في ليبيا وامساكه لاوراق الصراع.
واشنطن كانت داعمة لحفتر، والاخير زار مؤخرا واشنطن، ولكن الموقف الامريكي تفكفك واصابته خلخلة من الازمة الليبية، وقد جرى لقاء موازٍ مع وفد يمثل حكومة السراج، ولذا فان الصورة مرتبكة ومتداخلة المواقف، ولذا من الصعب حسم شكل التوازنات والحسابات الاستراتجية.
ذهاب اردوغان الى طرابلس، وفتح جبهة جديدة، وما كان ليقع دون غطاء استراتجي وعسكري امريكي. ولربما أن حسابات واشنطن في تحريض تركيا تبعث برسائل الى موسكو حليف الضرورة لتركيا وايران في الازمة السورية.
وما يحدث على الساحة الليبية أكبر من ازمة واقل من حرب. والغاز والنفط يبدو انهما سيكونان عنوانا لصراعات القرن 21. ومن دمشق الى طرابلس الغرب يبدو ان المشهد متشابك ومتداخل، والسؤال موحد عما سيؤول اليه الصراع في كلا البلدين؟