لا تُلقوَا أنفُسَكم إلىَ التَهلُكةِ وَتُصبِحوا بإستِهتَارُكم نادِمينْ ..
الشريط الإخباري :
بقلم الإعلامي العميد المتقاعد هاشم المجالي .
..............
كَمُؤمنين نَحنٌ نَعْلَم أَنَ هَلاك الأمَم الظَالِمَة قَدّ حَدَثَ بِأشْكَال شَتى فَأهْلَك أَرْض الرَجُل الظَالِم لِنَفسه بِحسْبَان مِنَ السَمَاء وأهْلك قَوم عَاد بِرِيح صَرْصَر عَاتِيَه، وَأهْلَك كَثِيرا مِن القُرى الظالِمَة بِجُنُود مِن عِنْدِه وَمَا يَعْلَم جُنُود الله إلا الله سُبْحَانَه وَتَعالى فَاهلك قَوم فِرْعَون بِالجَرَاد والقُمّل والضَّفادِع كَمَا ذُكِر فِي القرآن الكَريم: "فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ" (الأعراف: 133).
وسَلَطَ عَلى النَمرود حَشَرة مِن أصْغَر خَلْقِه تَسُومُه سُوء العَذَاب وهَذا مِن عَظَمَة الخَالِق عَزّ وَجلّ إذْ أنَه أَهْلك جَبَاِبٍرة خَلْقِه بِأضْعَف خَلْقِه: "إن اللهَ لا يَسْتَحى أن يَضَربَ مَثلا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوقَهَا فأما الَّذيَنَ امَنُوا فَيَعْلمُونَ اَنَّهُ اْلَحُق مِنْ رَبّهِم وأما الَّذيَن كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أراد اللهُ بِهذَا مَثَلا يُضِلُّ بِهِ كَثيراً وَيَهدِى بِه كَثيراً وَمَا يُضِلُّ ِبِه إلا الفَاسِقيَن" (البقرة: 26).
وهناك الكَثير مِن الأمْثِلَة عَلَى هَلاك الظَالِمِين فِي الأرض بِكَائِنات مُسَبِبَة للأوْبِئَة كالمَلاريا والفَلاريا والطَاعُون ومَرَض شَاغاس.. والعَدِيد مِن الأمْرَاض المُهْلِكَة لِلْجِنْس البَشَري. حَيْث لَجَأ العِلْم الحَدِيث لِدِرَاسَة نَشَاط هذه المُسَبِبَات وبيُولوجِيَتها وتَصْنيفها، والبَحْث عَن طُرُق مُكَافَحَتِها والوقَايَة مِنْها، متناسيا ً تَمَاما إمْكَانِية أخْذ الأمر عَلَى أَنَه إشعار إلاهي ومتغاضيا تَمَاماً عَن العِبر القَدِيمَة وعَن نَظَرِيَة أَنَنَا تَارِيخ قَدِيم لِمُسْتَقْبَل أَتٍ. فِي مُجْمَل العُلُوم الدنيويَة أَسْرَار رَبَانِيَة وتَرَابط مُحْكَم مَهْما اجْتَهَدْنا لِتَفْسِيره بإبْدَاع العَقْل اللامَحْدُود يَحد تَفْكِيرنا قُدْرَتنا عَلى الاستيعاب لِهذا التَنَاسق فِي خَلْق الله الذي فَاقَ عِلْم كل عُلَمَاء الأرض مِن إنْسٍ وجن، قَالَ الله تَعَالى: "عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ ۚ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا ۘ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا" (الإسراء 8) فالعَوْدَة لِسُنَة الله فِي خَلْقِه هِي العَوْدة لِحَياة الأرض بَعْدَ مَوتِها وهي العَودة للتَوازن الطَبِيعي الذي بُعِثْنا بِه أَوَل مَرة.
لَسْنا ضِد البَحث العِلمي والتَغَلْغُل فِيه ولَكن أن نَبْحَث عَن تَفْسِير لهذا الخَلَل البْيُولوجي المُتَكَرِر يُغْرِقنا في مَتَاهَات شَاسِعَة واحتمالات غَير مُنْتَهِية تَسْتَوْجِب دِرَاسَة العَدِيد مِن الاحتمالات، لنَقف في الأخِير لِنُفَسِر هذا الخَلَل بِتَدَخل الأيدي البَشَرية. ويُسَمُون هَذا التَدَخل البَشَري بِالتَلَوث البِيئي أو الصَيد الغَيْر شَرْعي والعَشْوائي أو إِتِبَاع أَسَالِيب زِرَاعِية خَاطِئة أو استعمال الغَازَات السَامَة أو غَير ذَلك مِن التَفَاسِير المُبْرَمَة عِلْميا. وَكَثيرا مَا تَكُون هذه التَفَاسِير مُنْفَصِلة تَمَاماً عَن مَنْطِق السُنَن الكَوْنِيَة، فَقدْ خَلَق الله كُل شيء بِقَدَر فَكَيْفَ لِهذا الخَلَل البيولوجي أن يَحْدُثَ بهذه السُرْعَة إلا أَن يَكُون تَحْذِيراً رَبَانياً بِمَا كَسَبَت أيدِينا كَمَا قَال الله تَعَالى: "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون" (الروم: 41). الغَرِيب أنَنَا صِرنا نُفَسِر أَي انْتِشَار لأي آفة بالتَغَير المُناخي الحَالي الذِي بِدَوره فٌسِر بِثقب طَبَقَة الأوزون التي هي الأخرى فُسِرَت بِالتَلوث البِيئي الحَاصِل بِمَا كَسَبَت أَيدي النَاس. أَلَيْسَ في هَذا حَلَقَة مُغْلَقة مَجَازها أَنْ أبَى العِلم أَنْ يَكُون إلا لله الوَاحِد الجَبَار.
نًحنُ في العاَلمْ ألعًرًبيْ وَخُصوْصاّ فيْ الأردٌنّ قَدّ نَكونُ أقَلّ الشُعٌوبْ و الحُكوماتِ خَطًايا بِحَقّ الإنْسانِيّة وبِحَقّ أنْفُسَنا، وَلكنّنا لازِلنا فْي حًياتِنا فَوضَوُييِن و مُستَهتِرينْ وغَيرّ مُتوَكِلين عَلى اللهُ وَماخِذينَ بِالأسباب.
وها نَحنُ الآنْ في زَمَن آفةٍ بَيُولوجيْةٍ (الكُورُنا فَيرُوس) قَد تَكونْ نَتيجَةً طَبيعيْةٌ أو بِفِعْل إنْسانْ ، وَلكِنها حَتمَاّ هي رِسالةٌ رَبانِيةُ لِكٌلِ صاحِبَ سُلطَةٍ أو نِفوذْ أو غَنِي أو فَقير أو فَاسِد او فاسِقٍ او مُسرِف ،فَعلَيهِ أن يُفكر الآن بأنّ سبَب دُنوّ أجَلَهُ مَوجودٍ بِكُل مَكانٍ بالعَالًم وَحتى مِنْ أهلِهِ وَفي بَيتِه .
لِنتّقِ اللهَ في أنفُسَنا أولاّ ولِنلتَزِم في عَدَم إلقاءِ أنفُسنا للتَهلُكةِ مِن خِلال الإستِهتارات ِ بالتَعامُل معَ التَعليماتِ الصادِرَةُ منَ الحُكومَة .
وَلِنستَغفِر اللهَ ونَدعوهُ أن لا يُحاسِبَنا بِجَريرةِ ذُنُوبِ غّيرِنا .
اللهُمّ سَلّمنا يا رَب ، اللهُمّ إنا نَستًغفِركَ وَنتوبُ إليكَ فَارّحَمنّا وأنت أرحّمَ الرّاحِمين .