خططنا لما بعد كورونا
الشريط الإخباري :
م.سليمان عبيدات — لاحظنا خلال هذه الأزمة حجم الاهتمام والجهد الذي بذلته الدولة الأردنية على رأسها جلالة الملك وولي العهد وكل مؤسساتها وأجهزتها الأمنية وقواتنا المسلحة، في مواجهة ومكافحة وباء كورونا. وقد تقدمت في إجراءاتها على الكثير من دول العالم، حتى العظمى منها. ولفتت الأنظار وتفاخر الأردنيون بها أمام الأمم.
وعملت الحكومة على تسهيل وصول احتياجات المواطنين من غذاء ودواء خلال حظر التجول، واستجابت لنداءات أبنائنا المقيمين في الخارج، وكانت سباقة في إعادتهم الى حضن الوطن.
وقد كتبت مقالاً بعنوان «جاء اليوم لأقولها بكل ثقة بأن وطني غير» اقتبست فيه ما قاله سيد البلاد «ارفع راسك أنت أُردني»، وتحدثت فيه بإحساس ومشاعر كل أردني، مُعبراً عن اعتزازنا بهذا الأداء المميز.
المهم الآن، ان نصل إلى قناعة بحجم الخطر الذي سيواجهه الاقتصاد العالمي وانعكاساته على الشعوب، من أزمات اقتصادية واجتماعية في المرحلة القادمة، فهو لا يقل ضرراً بل أكثر إيلامًا من الوباء نفسه.
لذا نحتاج في هذه المرحلة الى الحكمة في إدارة شؤون البلاد والعباد، والحد من الصرف غير المُبرر.
لذلك الفت نظر الحكومة التي نحن جزء منها ومعها وندعمها، بأن تأخذ بالحسبان، أن التأييد الشعبي الذي تتمتع به حالياً لدعم إجراءاتها في مكافحة الوباء لن يستمر بعد كورونا اذا لم يتم التحوط للخطر الاقتصادي القادم.
فبعد كورونا ستتكشف للعلن معاناة الكثير من المواطنين الذين تضرروا، وسنُشاهد مظاهر الفقر والعوز وضيق الحال وعدم قدرة الكثير منهم على توفير ابسط متطلبات الحياة، مما سيزيد من أعباء الحكومة أعباء أخرى.
لذا نُهيب بحكومتنا ونتمنى عليها أن تُطلعنا قريباً برشدها وحكمتها على رؤيتها وخططها لمرحلة ما بعد الكورونا والحلول التي تطرحها بشرط أن تكون بعيدة عن جيب المواطن.
مطلوب من الحكومة بداية شد الأحزمة، بالحزم نفسه الذي طالبت شعبها به الالتزام بالبيت خلال حظر التجول وتطبيق وسائل الوقاية من فيروس كورونا.
وأما ما ندعو إليه فهو وضع بدائل غير تقليدية، واتخاذ قرار بالتقشف وتجنب ما ليس ضروريا، وإعادة النظر في الكثير من الاتفاقيات مع شركات ومؤسسات حملت الخزينة أعباء كان من
المفترض أن لا تكون، وضرورة تشكيل فريق مُتخصص لدراسة كل النفقات الجارية للدولة، لعلهم يخرجون بتصور واقتراحات عملية لتقليل الإنفاق وتقليص المصاريف والامتيازات بكل
تجرد ومهنية، تُراعي الضائقة المالية والاقتصادية التي نمر بها، وتتفهم أرقام عجز الموازنة وحجم الدين العام، كي نستطيع الاستمرار في أداء يليق بنا، نبقى نتفاخر به أمام العالم.
وأن تُحافظ الحكومة على الثقة التي استردتها بأدائها خلال الأزمة لما بعد الأزمة.
أقول هذا وأنا مُتخوف من المشهد القادم، لذلك علينا جميعاً أن نتطلع للمستقبل القريب بعين الوعي والحكمة والإيثار، وان لا نترك العواطف تجرنا الى ما لا يُحمد عقباه.
اكرر بأن من الواضح أن مشهد مستقبل الاقتصاد العالمي قاتم ومُرعب. وسيكون تأثيره عام على معظم دول العالم، الا القليل القليل من الدول التي بنت قدراتها وإمكاناتها بذكاء وحنكة،
وحصنت نفسها من صدمات الاقتصاد العالمي.
وفقنا الله بأن يُعيننا على العمل بما يُرضي الله، ولا نقصر في حقوق أبناء شعبنا، ولا نُقصر بحق بلدنا علينا.
والله من وراء القصد.