العالم في حقبة الكورونا ..

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

لم يكن أحد يتخيل ما يحدث بالعالم هذه الأيام ...... فمكان سيصدق أن البشرية جمعاء ستخضع لإملاءات كورونا دون مناقشة؛ من كان ليقول إن كثير من العادات الاجتماعية المتجذرة في مجتمعات الشرق ستختفي دون مقدمات مثل طقوس الأفراح ومراسم الجنائز؟؟ من منّا لم يسمع ويرى أنظمة صحية في دول متقدمة انهارت تحت ضغط كورونا ولم تستطع الصمود سوى بضعة أسابيع؟ 

بودنا لو نسمع من خبراء التسليح والصراعات عن آرائهم بعد أن تيقنوا أن كل ما أنفقوه من أموال طائلة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية إلى اليوم كان بلا جدوى؟ فها هي كل أنواع الأسلحة تقف عاجزة أمام جائحة كورونا العنيدة التي تصر بلا هوادة على الإيقاع بمزيد من الضحايا يومياً وافتراس عشرات الآلاف من البشر وتسجيلهم في قوائم الوفيات ناهيك عن الرقم المليوني لأعداد المصابين. 

الأمر الذي لولا الاعتبارات الإنسانية البحتة والتي تم الاتفاق عليها دون حاجة لكتابة أو إشارة من خلال عدم نشر فيديوهات الموت وصور الجثث لرأينا ما تشيب له المفارق، فلا أقل من احترام الميت وعدم نشر صورة في ظل التنازل عن معظم ان لم نقل كل مراسم الجنائز في شتى بقاع الأرض. 

وبالرغم من قتامة المشهد إلا أنه يبقى هناك نقاط مضيئة في النفق المظلم ومنها فاعلية النظام الصحي في المملكة الاردنية الهاشمية مع كل ما يعتريه من صعوبات ويحدق به من تحديات إلا أنه بجهود كوادره الصحية وكفائتهم وتفانيهم النادرين مازال النظام الصحي هناك فاعل و يعمل بكل جهده للسيطرة على كورونا و تباعتها. و من الجدير بالذكر ان الاردن سطرت نموذجا يحتذى في انضباط و فاعلية التنسيق بين قطاعات الدولة المختلفة. 

و اتخذت المملكة الأردنية الهاشمية قرارها الإنساني لمعاملة لاجئي سوريا القاطنين في مخيم الزعتري نفس معاملة المواطن من خلال نقل المصابين إلى مستشفى الملك المؤسس دون تفريق بينهم، فاللاجئ السوري هو الشقيق الإنسان الذي يعاني من ويلات الحرب واجتمعت عليه ويلات الوباء، والإنسانية تقتضي اتخاذ مثل هذا القرار وإن كانت إمكانيات الأردن متواضعة وهي أمثلة تحتذى، ويحق لنا أن نفخر بها ونفاخر بها العالم. 

بقي أن نشير إلى أن العالم بعد أن يتخطى الجائحة لن يعود كما كان ودليلنا أن العولمة تآكلت ولم يتبقى منها هذه الايام سوى وسائل التواصل الاجتماعي الذي يؤمن سرعة تدفق المعلومات فلا حدود بين الدول مفتوحة ولا تجارة أو اقتصاد على رأس الأولويات؛ إنما صحة الفرد ولاشي سواها هي الأولوية المطلقة أخيراً، لقد نجح كورونا في إعادة الإنسانية إلى صوابها بعد أن كادت أن تنحرف عن مبتغاها الأهم والأسمى " الإنسان " 


الدكتور مهند النسور – المدير التنفيذي للشبكة الشرق أوسطية للصحة المجتمعية (أمفنت) 

                              استشاري وبائيات و صحة عامة

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences