لا تحل الأزمات بهذه الطريقة .. بقلم / الدكتور فايز أبو حميدان
تصريح الرئيس الأمريكي بوقف المساعدات المالية لمنظمة الصحة العالمية جاءت في الوقت غير المناسب وهي مثال جديد للتصرفات الأحادية والتي تتمثل بالفوقية ومحاولة فرض وقائع بشكل غير مسؤول من الإدارة الأمريكية الحالية، فبدل تركيز الجهود على مقاومة هذه الجائحة والتي أصابت الولايات المتحدة الأمريكية بشكل كبير يحاول الرئيس الأمريكي لفت الأنظار عن الإخفاقات التي حدثت في الية إدارة الأزمة الحالية عبر اتخاذ إجراء أحادي مثل هذا.
منظمة الصحة العالمية WHO تأسست عام 1948 وتضم 193 دولة حول العالم ومركزها الرئيسي في جنيف وهي منظمة إنسانية غير سياسية وتابعة للأمم المتحدة وهي تعتني بصحة الإنسان وانتشار الأوبئة وتنظيم العمل الطبي الإنساني والبحوث العلمية الصحية ووضع معايير ونصائح طبية تستند عادة على تقارير ومعلومات تستوفيها من الدول واللجان العاملة لها ويتم جمع 55 % من ميزانيتها عبر التبرعات واكبر المتبرعين هي مؤسسة ميلندا بيل قيتس وميزانيتها السنوية لا تزيد عن 2.5 مليار دولار امريكي أي ان مشاركة الدول الأعضاء في هذه الميزانية متواضعة ومعظم الدول الأعضاء تتخلف عن دفع التزاماتها لمنظمة الصحة العالمية اما الولايات المتحدة الأمريكية فهي تدفع 15 % من الميزانية أما ألمانيا وبريطانيا والوحدة الأوروبية واليابان فتقوم بدفع 23 % مشتركة اما الصين فحصتها 2.3 %.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعلل أسباب إيقاف الدعم المالي لمنظمة الصحة بإخفاقات حدثت أثناء أزمة كورونا فهو يتهم منظمة الصحة العالمية بالانحياز للصين واعتماد خطواتها في مكافحة جائحة الكورونا على أرقام مغلوطة حول أعداد المصابين وتفشي المرض صادره من الحكومة الصينية مما دفعها الى التأخر في اتخاذ الإجراءات اللازمة والتحذير من خطورة هذا المرض وهذا قد أدى الى التفشي الكبير في العالم حيث ان معظم الإصابات والوفيات هي في أمريكا (عدد الإصابات حتى 15/4 بلغ 2 مليون إصابة و130 ألف وفاة).
الوباء أصاب مدينة ووهان في نوفمبر 2019 على شكل مرض رئوي غير معروف وقد تم أخبار منظمة الصحة العالمية في 31/12/2019 بهذا الامر لأول مره وتم إرسال وفود طبية عالمية الى الصين لتقصي الحقائق وقامت WHO بتحليل الفيروس ومعرفة تركيبته الوراثية بالتعاون مع الصين ودول أخرى وكان رئيس هذه اللجان البرفسور الأسترالي جون ماكنزي والذي انتقد منذ البداية التعاون الهش من قبل السلطات الصينية وبعد انتشار المرض منتصف شباط 2020 في إيطاليا وإيران وبعض الدول الآسيوية أعلنت منظمة الصحة العالمية الوباء على انه جائحة وهذه التصنيفات لا تأتي بالصدفة انما بناءً على أرقام ومعطيات علمية وإحصائية معتمدة في البحث العلمي.
ان عدم اكتراث وتأخر الكثير من الدول في التفاعل عبر الحجر الصحي وإيقاف عجلات الصناعة والإنتاج والخدمات كان العامل الحاسم والمهم في سرعة انتشار المرض ولا داعي لذكر هذه الدول فالأرقام اليومية تعطي صورة واضحة عن حسن أداء بعض الدول في التعامل مع الازمة كما انه يلقي الضوء على جودة الأنظمة الصحية في العالم ومدى التناغم بين الشعوب والحكومات عند ظهور الأزمات.