انزلاق حاد في سعر النفط ماذا يعني هذا ..؟ بقلم / د. فايز أبو حميدان

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

منذ ثلاثة أشهر تقبض جائحة الكورونا على عنق الأسواق المالية العالمية فهي قد أحدثت ركود اقتصادي كبير عبر توقف عجلات الإنتاج وانهيار سوق الخدمات وسوق النقل وضعف القدرة الشرائية والارتفاع الغير مسبوق في سوق البطالة.

ان محاولة حكومات العالم ضخ التريليونات من الدولارات في الأسواق المالية ودعم الشركات والافراد ما هي الا خطوات لمنع السيل الجارف من تدمير كل شيء ولكن معظم الازمات الاقتصادية يلحقها أزمات مالية ومن اهم العوامل التي تساعد على ذلك انهيار نظام التزويد بالطاقة والذي يعتبر الشريان الرئيسي للإنتاج والحياة واهم عامل في التعاملات الاقتصادية العالمية واهميته الاقتصادية تكمن في ان 45% من مجمل المواد الخام المستخرجة في العالم بترولية لذلك يعتبر البترول البوصلة الحساسة للاقتصاد العالمي وارتفاع سعره قد يعيق الإنتاج حاليا.

أدت ازمة كورونا الى انخفاض الطلب على البترول بنسبة 30% والذي يعتبر اهم مادة خام بجانب الذهب وهذا أدى الى ازدياد مخزون شركات استخراج النفط والتي لم تعد تتحمل تخزين براميل نفط إضافية مما أدى الى ازدياد العرض على البترول عالميا. كما ان الخلافات بين السعودية وروسيا قد أربكت سوق التداول بالطاقة بشكل عام يضاف الى هذا كله وجود تخوف من موجة كورونا ثانية والتي ان حدثت سوف تحتاج فترة تتراوح ما بين 18-24 شهرا للتغلب عليها وذلك لإيجاد علاج او لقاح. ليس هذا فحسب فمحاولة رجال السياسة رفع المخزون الاستراتيجي كما هو الحال في اعلان الرئيس الأمريكي قبل يومين برفع المخزون الاستراتيجي الأمريكي الى 77 مليون برميل قد زاد الطين بله وزاد من الارباك العالمي. ان شركات النفط بدأت في استعمال سفن نقل البترول كمخازن عائمة في عرض البحر وقد بلغ مخزون هذه المخازن العائمة 160 مليون برميل وهذا أدى كله الى خلل استراتيجي في نظرية العرض والطلب والتي تحكم النظام الرأسمالي العالمي.

وهذا ادخل شركات استخراج ونقل البترول في ازمة لم يسبق لها مثيل وقد يؤدي الى أسعار نفطية سلبية للتخلص من المخزون بأي ثمن وذلك لارتفاع أسعار التخزين. 

ان عقود بيع النفط لشهر أيار لعام 2020 والتي سيتم إبرامها بسعر يتراوح ما بين 1-10 دولار للبرميل تعتبر اقل الأسعار منذ عام 1983 وهو العام الذي بدأت فيه الدول التعامل مع العقود المبكرة. ( WTI) 

لا يوجد ضوء في نهاية النفق بخصوص انخفاض أسعار النفط وخاصة ان بعض كبار المنتجين للنفط ليسوا أعضاء في منظمة اوبيك كما هو الحال للولايات المتحدة الامريكية والتي قد خفضت انتاجها منذ عام 2018 نسبة 50% كما ان استخراج النفط مكلف وبعض طرق الإنتاج تحتاج الى 50 دولارا من اجل انتاج البرميل (159 لترا) الواحد أي ان سعر البيع اقل بخمسة مرات من تكاليف الإنتاج. 

ان عملية تخفيف الحجر المنزلي وإعادة عجلة الإنتاج خلال الأشهر القادمة إذا نجحت ولم يتم ظهور موجة جديدة لمرض الكوفيد 19 قد ترفع سعر النفط الى 20 دولارا للبرميل ورغم ان هذا بصيص من الامل الا انه لا يمكن المراهنة على هذا السيناريو.

 
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences