‫ايران وحصار الجزيرة

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
‏⁧

ايران‬⁩ قوة اقليمية في المنطقة وتمتلك قدرة كبيرة في ممارسة فن المناورات السياسية مع القوى الدولية وقدرة على استقطاب وتشكيل وتكوين الجماعات والاحزاب السياسة والمليشيات العسكرية في منطقة الشرق الأوسط. 
‏وتملك خيوط اساسية في المشهد الشرق اوسطي تتفوق فيه على اقرب منافسيها ⁧‫( تركيا‬⁩ )

وسبب التفوق/ التقدم الايراني على الدور التركي في المنطقة له عاملان رئيسان تستعرضهما في متحف الدفاع المقدس الواقع في شمال ⁧‫طهران‬⁩: 
‏1- اهداف الثورة الايرانية "الإسلامية"
‏2- التراث الامبراطوري الفارسي.

‏عاملان يشكلان البعد الايدلوجي لسياسة الدولة الخارجية ونظرتها لدول الجوار
‏‬⁩
ويتم تجييش الشارع الايراني وادلجته ليكونا ذانك العاملان القيمة الجوهرية لدعم تحرك الدولة وسياستها في الخارج. 
‏فمثلاً تستعرض إيران بشكل رسمي بأن الامبراطورية الفارسية ممتدة من اذربيجان الى ⁧‫البحرين‬⁩.
‏وانها القوة الاسلامية المواجهة للغرب والصهيونية في العالم.

تستخدم ⁧‫إيران‬⁩ البربوغندا داخليا بأنها دولة مستهدفة من الغرب وعملائها من العرب وتستشهد بالحرب الايرانية العراقية بأنها شنت من الغرب بأيدي عربية لإسقاط ثورتها الإسلامية. فهي في حالة صراع ودفاع  مستمرين، وبذلك تحشد السلطة في ايران الشارع لتبرير سياستها الخارجية.

خلقت هذه السياسة على مدار اربعين عاما أجيالاً وساسة نشأوا على فكرة الصراع بين ⁧‫إيران‬⁩ والاخر (العربي الغربي). 
‏قامت على إثرها الدراسات والأبحاث ورسم استراتجية الدولة على هذا الأساس. ليجد الباحث في الشؤون الإيرانية صعوبه المزج بين ايران ما قبل الثورة وما بعد الثورة.

كانت تحركات ⁧‫ايران‬⁩ جدا متسارعة بعد الثورة لاحكام سيطرتها وابراز قوتها الاقليمية فبعد الثورة مباشرة اسس الخميني الحرس الثوري لتأمين الثورة داخليا واسس بدوره الحرس الثوري جهازه العسكري الاستخباراتي جيش القدس، الذي اوكل له المهام الخارجية واسس باقل من ثلاث سنوات حزب الله اللبناني!

ومن دهاء ساسة الثورة الايرانية بعد القضاء على الدولة العميقة لم يقطعوا حبال العلاقات السياسية مع الغرب بل احدثوا مفهوما مختلفا عن باقي دول الشرق الاوسط تعتمد على المصلحة المحضة "خذ وهات" التي برزت في الثمانينيات بصفقة الاسلحة الامريكية الاسرائلية الايرانية "ايران كونترا".
‏‬⁩
شكلت ⁧‫ايران‬⁩ محورين لتحركها السياسي الخارجي: 

‏1- تأسيس ودعم الملشيات العسكرية اطلقت عليها محور المقاومة وتشمل حزب الله في لبنان ونظام الاسد الاب والابن في سوريا ومليشيا انصار الله (الحوثي) في اليمن وحماس والجهاد الاسلامي في غزة واذرع سياسية متناثرة من ⁧‫الخليج‬⁩ الى ⁧‫أفريقيا‬⁩.

‏2- اتباع سياسة "خذ وهات" في الشأن الاقليمي، فمثلا لعبت ⁧‫ايران‬⁩ دوراً كبيرًا في مساندة امريكا في حربها في ⁧‫افغانستان‬⁩. 
‏الى درجة اندهاش الخبراء العسكريين الأمريكان من كم المعلومات والمفاتيح التي تملكها ايران عن أفغانستان فكانت تنافس ⁧‫باكستان‬⁩ بقدراتها اللوجستية.

واتبعت ⁧‫ايران‬⁩ نفس السلوك في العراق لكن بعد سقوط بغداد وتورط الامريكان في الوحل العراقي اذ قلبت ايران الطاولة في العراق على مهندس الاحتلال الامريكي ديفيد ورمسر، وحولت مشروعه من تأهيل العراق لاسقاط ايران الى ابتلاع العراق من قبل إيران، والذي لعب صادق خرازي دور مهم فيها.

صادق خرازي شغل منصب سفير ⁧‫إيران‬⁩ في ⁧‫فرنسا‬⁩ ويعد من ابرز الدبلوماسيين الايرانين والذي قام بدوره بفتح قناة مفاوضات خلفية مع الأمريكان.
‏اما ديفيد ورمسر احد اقطاب المحافظين الجدد في ادارة بوش الابن ويعد المخطط الرئيس لسيناريو غزو العراق واقامة دولة شيعية فيها منافسة لإيران.

لكن اين ⁧‫ايران‬⁩ اليوم من المشهد؟ 
‏من الملاحظ ان ايران هدأت جدا وخفت صوتها بشكل ملحوظ وممكن رصد ذلك من خلال مشاهدة سلوك اذرعها في لبنان واليمن وسوريا والعراق، لا تكاد تجد تصعيداً يذكر او دوراً مهماً فهل هناك اعادة للحسابات او الخوف من المحور الروسي الجديد ورصد الصعود ⁧‫التركي‬⁩ المتسارع؟

وايضا الترتيبات التي تجري في العراق حاليا ومن قبلها مقتل الرجل المهم ⁧‫قاسم سليماني‬⁩ قائد جيش القدس مما اربك الحسابات الايرانية الاقليمية.
‏وتضاف إليها خروج ⁧‫إيران‬⁩ من إعادة ترتيب المشهد السوري لصالح ⁧‫روسيا‬⁩ و ⁧‫امريكا‬⁩ و ⁧‫تركيا‬⁩ بطريقة مفاجأة تسبب بحالة من العزله السياسية. 

هناك عامل مهم أيضاً وهو وصول ⁧‫ترمب‬⁩ للرئاسة وهو شخصية لايمكن التنبوء بالقرارات التي ممكن ان يتخذها وسط غياب تام واضطراب العقيدة السياسية الخارجية لترمب جعلت ⁧‫ايران‬⁩ تنكفئ على حالها مؤقتاً. ترمب يدير ملف الشؤون الخارجية بطريقة مغايرة تماما لادارة أوباما تعتمد على المزاجية المخيفة.

دعوة للتفكر

محمد المطر 

@malmatarq8
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences