الاستهتار المميت بالحياة .. بقلم / الدكتور فايز أبو حميدان

{clean_title}
الشريط الإخباري :   في مطلع شهر آب 2020 تم تسجيل مليون حالة إصابة بفيروس الكورونا خلال 24 ساعة للمرة الأولى منذ بدء تفشي الوباء وبعد يوم من ذلك أعلنت منظمة الصحة العالمية أنها لا تتوقع إيجاد علاج أو لقاح لهذه الجائحة في القريب العاجل كما ان أعداد الوفيات اقتربت من حاجز المليون حالة ولا يزال هذا الفيروس يحصد المزيد من الضحايا حول العالم.
فهذا التطور الغير مسبوق في انتشار جائحة كورونا وتسارع تفشيها بهذه الوتيرة الخطرة وخاصة في أمريكا البرازيل والهند وربما سيصل الى الدول الفقيرة او حتى الدول التي تعاني من نزعات مسلحة كما هو الحال في سوريا واليمن سيؤدي الى ازدياد حصيلة الوفيات في العالم بل وسيدخل العالم في ازمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة.
يتساءل الكثيرون هل نحن نشهد موجةُ تفشٍ ثانية لفيروس كورونا أم لازلنا في الموجة الأولى؟ هذا ليس مهماً كثيراً كما انه لا يمكننا اعتبار ارتفاع اعداد الإصابات بموجة وبائية ثانية إلا بعد زوال الموجة الأولى تماماً، لكن بغض النظر عن هذه الحيثيات الا ان الحالة الوبائية وعدد الحالات الحرجة التي تحتاج الى عناية حثيثة وحصيلة الوفيات هي التي تحدد آلية التعامل مع المرض بغض النظر عن الموجة التي نواجهها سواءً كانت الأولى ام الثانية الأكثر أو الأقل حدة.
لكن من المؤسف حقاً اننا اصبحنا نشهد حالة من اللامبالاة والاستهتار من قبل بعض أفراد المجتمع في معظم بقاع الأرض على الرغم من ان منحنى الإصابات بفيروس كورونا لا يزال في ارتفاع مستمر، فالتهاون في مراعاة ضوابط الوقاية كارتداء الكمامات وتعقيم الايدي والاسطح والتباعد الاجتماعي وتعلم التعايش والتأقلم مع المرض، يضاف الى ذلك تراخي بعض الحكومات في التعاطي مع المرض والتسرع في دفع عجلة الإنتاج لإنقاذ اقتصادها ورفع القيود وعدم تطبيق القواعد والقوانين التي تكفل الوقاية للمواطنين باتت هي السبب الأساسي الذي أدى الى الانتشار السريع للمرض وزيادة اعداد المصابين والوفيات. ان ارتفاع عدد الحالات يعني تلقائياً ارهاق مرافق الرعاية الصحية وخاصة أماكن العناية الحثيثة وعدم امكانيتها استيعاب مرضى كوفيد 19 والمرضى الاخرين والذين هم بحاجة لهذه العناية لأمراض أخرى وهذا سيؤدي حتماً الى ازدياد نسبة الوفيات من مرض الكوفيد 19 والمرضى الآخرين.
كما ان ارتفاع عدد الإصابات يؤدي الى ازدياد عملية استنساخ الفيروس في جسم الانسان بتريليونات المرات مما سيؤدي حتماً الى حدوث أخطاء وراثية وهو ما يدعى الطفرة والتي ربما ستؤدي في بعض الأحيان الى نشوء فيروسات اكثر فتكاً ومقاومةً للعلاجات مما سيجعل مسألة إيجاد لقاح اكثر صعوبة.
ان نجاح الأردن المميز في مقاومة هذه الجائحة يضع امامنا واجبات ومسؤولية كبيرة في الحفاظ على هذا الإنجاز وعدم اهداره بالتراخي في سبل الوقاية واخذ كافة الاحتياطات اللازمة لسيناريو انتشار المرض في بلادنا وانتهاج أساليب جديدة للوقاية ومقاومة المرض
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences