توقيت (دحرجة) السلام بعد زلزال بيروت!!

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
توقيت (دحرجة) السلام بعد زلزال بيروت!!

كتبت: إخلاص القاضي

بدون مقدمات وتوطئة، الاتفاق الإماراتي الاسرائيلي، سيفرط لاحقا مسبحة ظلت تبدو مراوحة للمكان والزمان، وسيليه اتفاقات ( دومينو)،اسرع مع كل دول الخليج، وستكون مقدمة للضغط على بقية الدول العربية، ( ممانعة) كانت، أم ( مهادنة)، وهذا ( عيد اسرائيل الجديد)، فما أخذته بالقوة، ستزيد( كميته ونوعيته وحجمه)، ( بالسلام الناعم المبطن) بتحويل أماني حكماء صهيون التي لطالما حلمت ( أرض اسرائيل من الفرات إلى النيل)،  إلى حقيقة ( ستأكل بها اسرائيل، أخضر المقاومة ويابس ما تبقى للدول العربية من ثروات)، فتكسر الحصار المفروض عليها عربيا، ( أقله لوجستيا واقتصاديا)، وتكون هي رأس الشرق الاوسط الجديد، المتحكم به والآمر الناهي، ولا استبعد قبول دول من الاقليم طوعا دخول هذه، اللعبة، ( القديمة الجديدة)، كتركيا مثلا، لان الكعكة القادمة اسهل والذ واسرع في جني الثمار وسرقة المقدرات جهارا نهارا، لتتقاطع دوائر الاحتلالات القديمة والحديثة على ذات الارض التي لطالما كانت ملاذا ومطمعا وشهوة لكل مغتصب ومتجبر.
لا ادري، ومن خلال قراءة تصريحات الدبلوماسية الاردنية حول الاتفاق، اذا كان الاردن على علم به أم لا، ولكن ما اعرفه، أن الاردن ثاني دولة عربية ابرمت اتفاق(سلام)، مع اسرائيل، بعد مصر، ولكن الاردنيين، لم يلمسوا لغاية الآن اي نتائج إيجابية، ولم يشعروا ايضا أن هذا الاتفاق يعنيهم أو يقربهم ل( محتل)، فالطالما ظلت منظومة مقاومة التطبيع فاعلة، وأن كانت في اللاشعور سواء في الاردن أو حتى في مصر.
كثيرا ما كنا نسمع تصريحات خليجية من هنا وهناك، بأن لا مشكلة لدينا مع اسرائيل، وانهم من التواقين للسلام والتنمية، ولكن الخليج لم يختبر بعد( حيل وخطط) اسرائيل،  وانها( تأخذ ولا تعطي)، إذ لم يدخل الاتفاق الاماراتي الاسرائيلي( القصر إلا قبل العصر)، حتى سارعت اسرائيل لتكذيب الخطاب الاماراتي الذي قال إن اسرائيل الغت اتفاق الضم، وكما يقال( أول الرقص حنجلة)، ويبدو أن ايهام الاماراتيين بإلغاء اتفاقية الضم كان( الطعم) السري الذي شجع الاماراتيين على الإسراع في الموافقة على السلام، فيما سارعت اسرائيل إلى التأكيد على أن خطة الضم ماضية في طريقها،،وإن ظروفا أجلتها ليس إلا.
لست ضد السلام بالمطلق، اذا كان الطرف الآخر ليس مستعمرا، اذا أعاد الحقوق للشعب الفلسطيني والسوري واللبناني، إذا كانت نواياه ليست مبنية على فكر صهيوني إلغائي، لا يعرف إلا أن يمتص دمك حتى الرمق الأخير.
مع السلام الحقيقي، الذي يرتد على دول المنطقة أمنا ورفاها وتنمية، مع السلام الذي لا يأتي على جثث الناس، مع السلام الذي يعود على الامارات والخليج برمته وكل الدول العربية، خيرا، يسبقه الاعتراف الكامل بحق الشعوب في تقرير مصيرها وإعادة الحقوق وفق الشرعية الدولية.
هذا ال( اسرائيل)، لا ينفع معه العربة قبل الحصان، فكيف سيحمل السلام معه تنمية وازدهارا، وهو يحاصر شعبا ظلم على مدار سنوات عجاف بشكل ممنهج؟
للامارات الشقيقة أن تقرر ما تريد، فهي دولة ذات سيادة، ولها الحق في أختيار ما تشاء، ومقالي هذا ليس تدخلا بشؤونها، بقدر ما هو توصيف لسلوك اسرائيل الذي خبرناه عن ظهر قلب، ولكن ليكن الاتفاق( نديا) أو ( مقايضا)، بمعنى أن لا نحرك ساكنا قبل أن تدرك اسرائيل أن السلام حق، حق للناس في ارضها في العيش بكرامة وطمأنينة، وحق للناس في حقها الذي صودر بالقوة.
فكيف ستفعل اسرائيل ذلك، وهي التي ( من أول الطريق)، كذبت الخطاب الاماراتي، واحرجته، وكأنها رسالة مبطنة، بل واضحة، مفادها أن الانفاق معنا، لا يجيز للطرف الآخر أن يقرر بالنيابة عنا شيئا، بل، نحن من نقرر، وما عليكم سوى التنفيذ.
أرى في توقيت اعلان التطبيع، بعيد زلزال بيروت، ترتيبا اسرائيليا خالصا، يعد المنطقة للولوج بمرحلة تطيح بكل قيم وسبل ومعاني المقاومة التي لطالما ارقت مضجع اسرائيل، ولعل ذلك يعني، أو ربما،  وهذه خشية كبيرة، أن تكون الحرب المقبلة على لبنان مدمرة  كليا له، حتى يتسنى لها القضاء بشكل قاطع، على حزب الله وكل اطياف الممانعة هناك، وتاليا تكبيل قدرات اقليمة تدعمهم منذ زمن، فبدلا من مواجهة ايران، مباشرة، الاسهل لإسرائيل محاربتها بالنيابة في كل من لبنان وسوريا واليمن، ولربما كان اتفاقا اسرائيليا تركيا ايرانيا طبعا برعاية امريكية على مرحلة مختلفة يتم فيها تقاسم النفوذ، بلا ( ضربة كف)، ولا ( صوت رصاص).
ما اعرفه، أن المنطقة مقبلة على مخاض عسير، والخشية أن يأتي السلام المتدحرج  على حساب المزيد من الشهداء والدمار والقتل واللجوء والتشريد، إذن، أي سلام هذا؟، وهل يتحول الذئب إلى حمل وديع، بجرة قلم توقيع الاتفاق، أي اتفاق كان؟، الايام القادمة كفيلة بمعرفة ذلك، ولكن ما سبق من أيام عرفتنا بذلك وأكثر، يكفينا قتلا بإسم السلام!.
 
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences