المحامي بشير المومني يكتب .. ليلى وتمايز الثقافات ..
الشريط الإخباري :
التنوع الثقافي شيء جميل بشرط الانسجام لكن ما يقلقني ان يكون هذا التنوع دليل على التفاحش والفارق المعرفي او مؤشر على التباين الاجتماعي المنشيء للاختلاف الطبقي ..
الآس نموذجا .. معظمنا في الطبقات الكادحة يعرف معنى الكلمة ضاربة الجذور في حضارتنا والتي تعني ( الطبيب ) وقد قال المتنبي في ( تسحيجته ) التاريخية ومدحه لسيف الدولة الحمداني في وصف الهزبر الذي صرعه بسوطه ( يطأ الثرى مترفقا من تيهه وكأنه آس يجس عليلا .. ) في حين أن الآس لدى خريجي هارفارد لها معنى مختلف فهي في وصف طبيب من نوع مختلف ( للي قالته ليلى ) وباللغة السوقية ( لطيطي ) وفي لغة السياسة والبزنس ( لديسي ) .. وهكذا نجد فوارق وتباين فاحش بالمسألة ..
لا أريد أن اتوسع وأسهب في معادلات التباين الطبقي ومن لا يصدق النظرية أعلاه فليسأل أي صبية من أي جامعة أجنبية عن معنى كلمة ( هزبر ) فسيحمر وجهها وتقول لك ( نوتي ) اما طبقة الجهل فقد ( يرقعك ) بأول غرض تصادفه يده أما طبقة المثقفين فسيجيبك بأكثر من ثلاثين او اربعين وفي بعض الاحيان مئة اسم رديف وموازي للكلمة وستقرف عيشتك وهو يشرح لك ان كل اسم من ( اسماء الاسد ) تصف لك حالة محددة ثم يدخل على خط التاريخ والتغني بالعروبة وكيف انها ضحية مؤامرة كونية ..
ما علينا .. المهم ان المعنى في بطن الشاعر وأن الطبقة الكادحة المالحة الكالحة تعرف المعنى من موروثنا القصصي وتتيه بوصلتها في التغني بأمجادنا العظيمة وتاريخنا المختطف وانجازاتنا التي وصلت للأندلس واضاعها رجال بكوا كالنساء على ملك لم يحفظوه كما حافظ عليه سيف الدولة او دولة السيف .. لكن تبقى الحقيقة والحقيقة تشي بالمثير والكثير وتقضي حكما بأن معاناة الطبقة الكادحة اليوم تأتي ممن لا يفهم معنى الآس أو اهميتها او الهزبر وكيف يصطاد فريسته لكنه بجميع الاحوال يعرف تماما ما الذي قالته ليلى !
المحامي بشير المومني