الأحزاب والتيارات السياسية
الشريط الإخباري :
حسن البراري - لم يعد يفصلنا عن الانتخابات النيابية القادمة الكثير من الوقت ما يعني أن التحضير لها بدأ عند الكثير من المهتمين، وما المحاولات لتشكيل تيارات سياسية إلا تحضيرا للانتخابات القادمة أكثر من أي شيء آخر. خلال شهر رمضان التقيت على مدى ليلتين مع الصديق النائب أحمد الصفدي الذي عبر عن نيته لتشكيل تيار عريض يتفق على مواقف عامة ويخوض الانتخابات النيابية، وقبله كان مروان المعشر يشكل تيارا عريضا أيضا تمخض عن حزب التحالف المدني.
هناك وجهة نظر تقول إن الأحزاب فشلت وأن الحل يكمن في تيارات تمهيدا لتشكيل أحزاب سياسية تخوض الانتخابات وتسعى للوصول إلى السلطة أو المشاركة بها. والحق أن التيارات السياسية هي دائما موجودة في الأردن، بمعنى أن هناك اتجاهات عامة ينضوي تحتها الكثير من أبناء الأردن. لكن هناك مشكلة حقيقية في الأحزاب التي أخفقت في اقناع الرأي العام بجدواها وبخاصة الأحزاب الوسطية أو الليبرالية التي جاءت وتماهت مع الحكومات اعتقادا منها بأن قاعدتها ليست الشارع. وبالتالي لا غرابة عندما تفشل هذه الأحزاب في الوصول إلى البرلمان بأعداد معقولة، والنتيجة هي أن الشارع لا يأخذها على محمل الجد.
في السابق نشط عبدالهادي المجالي في تشكيل أحزاب وتيارات، وفي فترة من الفترات كان عدد أعضاء تياره كبيرا ومع ذلك لم يتمكن لا تياره ولا حزبه من صنع الفارق في الحياة السياسية، وكثير من الذين انضموا لتياره كانوا يرون في التيار وعلاقاته مع النظام سلما للوصول إلى موقع وزاري. لكن في نهاية الأمر لم يتمكن – وربما لم يسع – عبدالهادي المجالي وتياره من تشكيل حكومة ببرنامج وطني مستقل عن التوجهات الرسمية العابرة للحكومات.
وهذا يعني أن هناك قناعة شعبية راسخة بأن التيارات السياسية التي يتم تشكيلها قد لا تكون جادة، فقد تكون آلية لأصحاب هذه التيارات للسيطرة والظهور وكأنهم رقم صعب في الحياة السياسية، وخلال نقاشي مع أحمد الصفدي أكد بأنه يشعر بأن هناك مشاكل اقتصادية ولا يمكن تجاوزها إلا من خلال تشكيل تيارات سياسية يكون لها برامج واضحة ومعلنة تعرض على الجمهور. فبالنسبة له المسألة تتجاوز الرغبة الشخصية بالحصول على مقعد نيابي بدليل أنه ينجح في كل مرة. تجربتنا مع التيارات السياسية هي أنها هلامية وينتهي مفعولها بعد أي انتخابات ولا يبقى منها إلا الاسم. طبعا نستثني من ذلك حركة الاخوان المسلمين التي تمكنت عبر العقود من الحفاظ على مواقفها داخل وخارج البرلمان.
نجاح الحزب أو التيار يكمن في قدرته على الحشد والتعبئة والاقناع، وهذا يحتاج إلى تأطير يجمع أكبر قدر من الناس على أساس المصالح الاقتصادية. وحتى أكون أكثر وضوحا، مشاكل الأردنيين هي اقتصادية بامتياز وأي تيار لا يعبر بصدق عن مصالحهم الاقتصادية لن ينجح. نعرف أن عاطف الطراونة يسعى لتشكيل تيار وكذلك أحمد الصفدي وربما غيرهما. لكن يحق لي أن اسأل عن الفرق بين الطراونة والصفدي، فأي مراقبة لأدائهما السياسي والاقتصادي في المجلس على مدى دورات كثيرة ستكشف عن تشابه في مواقفهما. فالنائبان كانا مع الحكومات في برامجها السياسية والاقتصادية ولم يقفا على طرفي نقيض في القضايا المفصلية.
شخصيا أنا مع تأسيس تيارات تخوض الانتخابات وفقا لبرامج معلنة على أن يلتزم بها من ينجح منهم. تجربتنا مع التيارات لغاية الآن هي سلبية للغاية لأنها كانت تمثل مطية ووسيلة للتوزير والحصول على مكاسب، أتمنى أن تكون مختلفة هذه المرة وبخاصة بعد أن كشفت استطلاعات الرأي عن عدم ثقة الغالبية الساحقة من الأردنيين بأعضاء مجلس النواب وبالأحزاب.