ظاهرة «الربيع الإسرائيلي»
الشريط الإخباري :
د. اسعد عبد الرحمن - مع بدایة الأسبوع، دخلت المظاھرات الإسرائیلیة المطالبة برحیل رئیس الوزراء الإسرائیلي (بنیامین نتانیاھو) أسبوعھا الثالث والثلاثین، حیث یواصل آلاف المتظاھرین الإسرائیلیین الخروج في جمیع أنحاء دولة الاحتلال للاحتجاج على (نتانیاھو) وھم یرفعون شعارات تدعوه إلى الرحیل بسبب الفساد، والعمل على تسریع محاكمتھ، فیمالا یواصل متطرفو الیمین الصھیوني الاعتداءات على المتظاھرات، وسط تحریض (نتانیاھو) ضد المتظاھرین والمحتجین، واستمرار المظاھرات لھذه المدة الطویلة ھو، بحد ذاتھ، ظاھرة غیر مسبوقة,
في البدایة، عبرت ھذه الاحتجاجات عن رفض المفاوضات بین حزب «اللیكود» برئاسة (نتانیاھو) وحزب «أزرق أبیض» برئاسة (بیني غانتس) لتشكیل حكومة طوارئ، ومع تشكیل (نتانیاھو) حكومتھ الخامسة وموجة الانتشار الثانیة لفیروس كورونا، أخذت الاحتجاجات التي ینظمھا ویقودھا حراك «الرایات السود»، نسبة لمنظمیھا الذین رفعوا شعارات تندد بتقویض (نتانیاھو) وحكومته للدیمقراطیة في «إسرائیل»، منحى مختلفا مع مشاركة شباب من الطبقة المتوسطة من مختلف الشرائح الدینیة والسیاسیة والعرقیة، لم یكن لھم تاریخ مسبق في النشاط السیاسي. غیر أن ھؤلاء جمیعا شعروا أن على (نتانیاھو) الفاسد الاستقالة، وأن تعاملھ مع أزمة كورونا أضاع مستقبلھم. بل الملاحظ أن آلاف الشباب المشاركین في المظاھرات یرفعون شعارات مكتوبة بخط الید، ما فسره المحللون الإسرائیلیون أن حضورھم «بناء على مبادراتھم الذاتیة ولیس بواسطة تنظیم ما، ومن الشعارات اللافتة: «الربیع الإسرائیلي – نتانیاھو ارحل».
لا توجد مؤشرات على وقوف أي حزب معارض وراء ھذه المظاھرات، رغم انضمام یھود متدینین في كثیر من الأحیان إلى المظاھرات بناء على مواقف یتخذھا (نتانیاھو) لا یرونھا في مصلحتھم ھم بالذات. وبحسب (تامار ھیرمان) الباحثة في «معھد الدیمقراطیة الإسرائیلي": «فكرة الحزبیة غائبة تماما عن الاحتجاجات، حتى الأحزاب لیست موجودة، والمتظاھرون یشبھون العدید من الحركات الاحتجاجیة حول العالم وھم، في الغالب من الطبقة «المتوسطة، وفقدوا وظائفھم».
بالمقابل، یتخوف الكاتب المعروف (جدعون لیفي) من أن تكون حركة الاحتجاجات تشرعن الیمین الإسرائیلي، فیقول: «كل من یؤید استمرار الاحتلال والسلب والتعسف وترسیخ الابرتھاید وتعزیز الطابع الیھودي للدولة وطرد طالبي اللجوء والتمییز السلبي ضد (عرب اسرائیل)، كل ھؤلاء یشاركون في المظاھرات ویبحثون عن بدیل لنتانیاھو». ویضیف: «عشرات آلاف الشباب یأتون الى المظاھرات، ھذا مشجع جدا. ولكن یجب القول لھم ماذا یرتكب باسمھم كل یوم». من جانبه، یقول الباحث في الشؤون الإسرائیلیة (أنطوان شلحت): ُ «المتظاھرون غیر ُ متّفقین على بعض القضایا، رغم اتفاقھم النسبي على المطلب العام للحراك بدعوة نتانیاھو للاستقالة. وھذا یُمكن ملاحظتھ من خلال عدم وجود موقف واضح من قضایا ُ محدّدة كالضم والاحتلال التي یربطھا بعض الناشطین في الحراك بالفساد السیاسي «وسوء الإدارة الحاصلة في حكومة نتانیاھو».
من المضحك أن أوساطا یمینیة متطرفة، وبینھا حزب اللیكود الحاكم، اتھمت عدداً من قادة المتظاھرین بتلقي الدعم من إیران، زاعمین أن "مخابرات طھران تدیر مجموعة من (الھاكرز) ینشرون الإشاعات لتشویه سمعة نتانیاھو، خدمة للمتظاھرین"!!! ومع ذلك، زخم المشاركة في الاحتجاجات یكبر، وتداعیاتھا تنال من رصید (نتانیاھو) السیاسي تدریجیاً، علما بأنه لا یمكن التنبؤ بنتیجتھا النھائیة.