خطاب يعلمنا الإلتزام ..!

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
خطاب يعلمنا الإلتزام ..!
بقلم د. عبد الرحيم جاموس
خطاب (عزت أبوالرب) ابن قباطيا الثورة، مناضلا وقائدا ومفكرا ومقاتلا وديبلوماسيا ثوريا وجماهيريا، قد مرّ على ارتقائه شهيدا ما يزيد على ثمانية وعشرين عاما بعد أن أدى رسالته الوطنية والنضالية، ثابتا وقابضا على مبادىء ثورته وحركته الرائدة حركة فتح، التي كان له شرف الإنتماء والإنتساب إليها منذ انطلاقاتها عام 1965م وقد ساهم إلى جانب الشهيد القائد أبو عمار في بناء تنظيمها وقواعدها الإرتكازية في الأرض المحتلة مبتدئا من بلدته المناضلة بلدة قباطية بعد حرب حزيران 1967م .. وقد تقلد مهام متعددة ومتنوعة في مسيرة الحركة كان فيها مثالا للمناضل وللقائد الناجح في أداء مهامه، حظي بإحترام وتقدير قيادته وإخوانه ورفاقه وكل من تعامل معه من أبناء شعبه ومن المناضلين في صفوف الفصائل الفلسطينية المختلفة ومن قيادات الأحزاب العربية والنشطاء العرب وغيرهم من الذين تعامل معهم لما له من حضور آسر ومنطق عروبي فلسطيني واضح الهدف والغاية والوسيلة.
خطاب كان مثالا للمناضل الوطني الفلسطيني الفتحاوي قد تعرض للسجن وللإعتقال أكثر من مرة من أجل مبادئه في أكثر من محطة من محطات النضال، كان لي شرف التعرف عليه في وقت مبكر نهاية عقد الستينات وبداية عقد السبعينات من القرن الماضي واستمرت هذه العلاقة الفتحاوية النضالية حتى ارتقى إلى الرفيق الأعلى في بداية العام 1993م.
أود أن أذكر هنا حادثة مهمة ترتبط بالأخ خطاب شخصيا لما فيها من درس بليغ في معنى الإلتزام الحركي والثوري الذي تجسده هذه الحادثة وما ترتب عليها وما يدفعني لأن أكتب واشهر هذه الحادثة الهامة لنتعلم منها ومن الأخ خطاب معنى الإلتزام الثوري والوطني والحركي الفتحاوي الذي بتنا نفتقده اليوم.
في نهاية المؤتمر الحركي الخامس لحركة فتح المنعقد في آب 1989م وبعد أن انتهى الإقتراع لإنتخاب أعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري، كان الجميع من أعضاء المؤتمر ينتظر اعلان النتائج وكانت القيادة المصغرة تجتمع حينها لوضع الرتوش النهائية على النتائج واقرارها وكانت مشكلة حينها من الأخوة أبو اياد وأبو اللطف وأبو السعيد وأبو ماهر برئاسة الأخ أبو عمار ..
وكانت الأخبار قد تسربت من قبل لجنة الفرز تؤكد نجاح وفوز الأخ خطاب (عزت أبو الرب) بعضوية اللجنة المركزية وقد بارك له الجميع وقبله على هذا الفوز وقد كنا متحلقين معه أنا وكل من الأخوة المرحوم عاطف بسيسو والمرحوم مجيد الأغا والمرحوم الطيب عبد الرحيم والأخت أم جهاد والأخ عباس زكي وكاتب هذه السطور عبد الرحيم جاموس وآخرين .. وعند الساعة السابعة انفض أو انتهى اجتماع القيادة العليا، وكان أول الخارجين من الإجتماع الأخ أبو اللطف وبادرنا بالقول مباشرة عند مروره من جانبنا ودون أن يتوقف (صباح الخير، التزم يا خطاب طيلة عمرك قائد في هذه المسيرة وتعلمنا الإلتزام) وبقي سائر في طريقه، عندها قلت للطيب عبدالرحيم (سقطوه ..... قال الطيب ماذا تقول يا قاروط.....؟ قلت سقطوه.... ألم تسمع ما قاله الأخ أبو اللطف.....)، لم تمر سوى دقائق قليلة حتى خرج الأخ أبو ماهر محمد غنيم وتوقف عندنا وصبح علينا ثم توجه بالحديث مباشرة للأخ خطاب وقال (أنت قائدا في هذه الحركة طيلة عمرك.... ومثال للإلتزام بها ولما تقتضيه مصلحة الحركة .. وتعلمنا الإلتزام يا أخ خطاب ...) هنا اتضح وبشكل صريح وجلي أن الأخ خطاب كان قد فاز فعلا بعضوية اللجنة المركزية للحركة ولكن هناك ضرورة حركية كانت لدى القيادة حسب تقديرها لا نود الخوض فيها هنا ... ادت إلى الغاء فوز الأخ خطاب واستبداله بغيره......، ولم يكن لغاية تلك اللحظة لدينا ما يفيد عن فوز كل من الأخوين عباس زكي والطيب عبد الرحيم اللذين كانا مرشحين للجنة المركزية وتأكد فوزهما بعدما تلا الأخ نبيل شعث رئيس المؤتمر عند الساعة السابعة والنصف من صباح ذاك اليوم اسماء الأخوة الفائزين بعضوية اللجنة المركزية .. وعضوية المجلس الثوري.
لم يتضجر حينها الأخ خطاب من ذلك الحدث والتزم الصمت ولم يشكك في النتائج المعلنة اطلاقا، وذلك انطلاقا من حرصه ووفائه لحركة فتح ولسمو أخلاقه وعمق التزامه بما تمليه المصلحة العليا للحركة والتي تقررها القيادة وأطرها ..
بالفعل هذه الحادثة التي اضعها بين يدي القراء وبين يدي أبناء وأعضاء حركة فتح اليوم الغرض منها أن نتعلم منها ومن موقف أخينا المرحوم خطاب (عزت أبو الرب) لما فيها من درس بليغ في معنى الإلتزام بالحركة ومبادئها وبمصلحتها العليا وبما يحقق وحدتها ووحدتنا الوطنية ويخدم مصلحة فلسطين وثورتها ومستقبل قضيتها العادلة..!
علينا أن نتعلم اليوم من الأخ المرحوم خطاب معنى الإلتزام والإنضباط .، وما أحوج حركة فتح اليوم لهذه الروح الفتحاوية الأصيلة التي مثلها وجسدها الأخ خطاب في هذه الحادثة والتي غابت عن الكثيرين اليوم ممن يدعون الإنتساب إلى حركة فتح والذين اذا ما اصطدمت تطلعاتهم الشخصية مع مصلحة الحركة نراهم يلوحون بالخروج على الحركة وأطرها... ويختارون المصلحة الشخصية على حساب مصلحة فتح والمصلحة العامة .... وحتى قد لا تفرق مع أو لدى البعض على ما هو أكثر من ذلك ...
أرجو أن لا يكرر البعض أخطاء الماضي ومتابعة السير خلف أهوائه الشخصية وتطلعاتها المريضة المتناقضة مع مصلحة حركة فتح والمصلحة الوطنية ....
الإلتزام والإنضباط واجب ولا تستقيم العضوية في فتح أو في غيرها دونهما.
د. عبد الرحيم جاموس
الثلاثاء 16/02/2021 م
Pcommety@hotmail.com
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences