الملك، المواطنة المنتجة 1/4
د.حازم قشوع
المواطنة المنتجة، هو مصطلح سياسي جديد في الطرح والمضمون كان قد استخدمه جلالة الملك عبد الله الثاني في رسالته لمدير المخابرات، ولما يحويه هذا المصطلح من معان عميقة ترتقي لتكون برنامج عمل ومن مغازٍ تقديرية تشير الى مواطن الخلل، فان المرحلة القادمة يبدو انها ستحمل عنوانا نحو مواطنة منتجة، ورسالتها ستحوي اليات عمل جوهرية في الإصلاح والتصالح الذاتي والمصالحة المنهجية القائمة على ذاتية منطلق ضمن منهاج تشاركي الفعل ولا يقوم على ردة للفعل وبالتالي لن يكون محصورا في نطاق الاستجابة الموضوعية فقط.
وهذا ما يعتبر بحد ذاته تحديا ذاتيا لخلق حالة ذاتية تستند الى فكر معرفي قويم وبرنامج عمل واعد يقوم على المواطنة الفاعلة لتكون قائمة على حسن العمل ومقدار العطاء دون الوقوف عند الرواسب التاريخية في التقييم التي كانت تكون وطنية من زاويتها الضمية لكنها لا تكون درجة المواطنة في مجمل التقييم، لكن سلسلة التقيم الجديدة ينتظر ان تستند الى منظومة عمل تقيمية تقوم على العطاء والعمل والانتاج وهي المفردات الثلاثة التي يقوم عليها البناء المجتمعي الحاضن لاستراتيجية الاقتصاد الانتاجي المستهدفة.
فاذا كان نهج المواطنة يسعى لتوسيع حجم التفاعل والمشاركة والمساءلة والمسؤولية، فان منطلقاتها تقوم
على ترسيخ حالة المجتمع المدني وسيادة القانون، وهذا ينتظر ان ياتي ضمن وسائل معرفية تسعى الى تبديل روافع المجتمع السياسية من روافع تقليدية تحمل هويات فرعية ومناطقية الى روافع مدنية وحزبية ذات نماذج معرفية، تهدف لإعلاء منزلة الهوية الجامعة، وتؤدي الى تحقيق دوائر اوسع في ميزان الاستجابة، وروابط افضل في شبكة المنعة المجتمعية، وهذا ما يعزز من قيم المواطنة التي تقوم قيمها على الولاء والانتماء.
ولان نهج المواطنة المنتجة تقوم عليها فكرة المجتمعات المتقدمة، فان نهجها يتاتى وفق نظم تشاركية قائمة على المسؤولية والتفاعلية والانتاجية والعمل الجماعي، لذا كان نهج المواطنة المنتجة وحده قادرا على احقاق حالة التغيير ونماذج التغير لتكون دائما حاضرة بميزان التطور والتنمية في اطار مناخات المجتمع وعناوينه. وبما يمكنها من الوصول للدرجة الافضل في ميزان المعرفة المجتمعية، هذا الميزان الذي يستند الى وحدة قياس، تقوم على الاستجابة التفاعلية بحيث تبينها حجم المشاركة الشعبية في الانتخابات النيابية والمحلية والبلدية، ويظهرها مدى الالتزام في دفع المستحقات الوطنية، وحجم تشكيل دوائر الاستجابة التي ترتقي كلما عظمت مستويات، تقديم الرعاية الاجتماعية والصحية والتعليمية وشكل النظم والوسائل التي بموجبها يتم تقديم الخدمات.
ان العمل على اعادة تكوين نماذج العمل التي تدور في فلك بيت القرار من نماذج ذات طابع محدد في اطار منزلة اصحاب الراي الى مركز اصحاب القرار قد تكون الوسيلة الاقصر والمباشرة لتحقيق معادلة التغيير كونها ستشكل ذلك الخط المستقيم بين المنطلق والهدف، والذي بدوره سيحقق وثبة نوعية على كافة المستويات في المجتمع كما في النهج باعتبار ان ذلك يعزز من مناخات الثقة التبادلية بين المواطن والنظام والمجتمع، وكما يوسع دوائر صناعة الاثر والتاثير بين بيت القرار والدوائر المستهدفة.