لا للتحرش .... المرأة خط أحمر
الشريط الإخباري :
بقلم - عايدة محمود
التحرش الجنسي من أخطر المشكلات التى تواجه المرأة وهو يعد اضطراب سلوكي ونفسى لشخص متحرش يجد متعة فى إيذاء ضحاياه بفعل التحرش والذى يعد أذى تستمر آلامه وتأثيره النفسي لمدى طويل، وربما لا يُمحى من ذاكرة فتاة أو امرأة قد تعرضت لإهانة وابتزاز من المتحرش الذي يحاول أن يجد لنفسه متعة فى هذا الفعل الإجرامي.
" كنت أشعر أنني عارية تمامًا من تأثير قوة نظراته المخترقة لجسدي".. جملة من آلاف الجمل التي تتردد على ألسنة ضحايا التحرش الجنسي، للتعبير عن هذا الفعل المتجسد في التعدي بألفاظ، أو بحركات ذات إيحاءات جنسية، أو لمس أجزاء من الجسد، وقد يتطور الأمر إلى الاغتصاب، مما
يتسبب في أذى معنوي وجسدي شديد للضحية.وأن الحديث لا ينقطع مطلقًا حول هذه الظاهرة في الإعلام والندوات على المستوى العام والخاص، إذ تُعرَض التحليلات والمقترحات والحلول، ولكن ما إن ينزل الباحثون الى أرض الواقع حتى يجدوا أن المتحرشين مستمرون في الإيقاع بمزيد من الضحايا كل يوم.
وقد أثبتت دراسة أجرتها المبادرة الخاصة بخريطة التحرش Harass map تحت إشراف هيئة الأمم المتحدة للمرأة، أن ٩٩% من عينة النساء والفتيات اللاتي خضعن للدراسة قد تعرضن لأحد أشكال التحرش الجنسي الذي تزيد أو تقل نسبته وفق الأماكن أو الأوقات، فالمدن تشهد نسبة أعلى من
حالات التحرش مقارنة بالريف ..وخريطة التحرش هي مبادرة تطوعية حائزة على عدة جوائز، وتعمل على إنهاء التقبل المجتمعي للتحرش الجنسي في مصر. تأسست المبادرة في عام ٢٠١٠، وتسعى إلى إشراك كل فئات المجتمع لخلق بيئة رافضة للتحرش، وبناء مجتمع يضمن سلامة الجميع من العنف الجنسي.
ولكن السؤال لماذا يصر شخص على الإتيان بمثل هذا الفعل رغم كونه ضد كل القيم والأعراف؟ وما الذي تعكسه هذه الظاهرة التي تقاوم بشراسة كل محاولات قمعها؟
حاول الكثير من الباحثين والمتخصصين الوصول إلى إجابات لتلك الأسئلة، وتوصلت أبحاثهم لنتيجة مؤكدة، وهي أن المتحرش إنسان ذو سلوك مضطرب بصرف النظر عن
عمره أو مستواه الاجتماعي أو الثقافي .. وقد توصل بعض الباحثين إلى أن المتحرش ليس مريضًا نفسيًّا، بل هو شخص مدرك لأفعاله ولكنه يعاني خللًا يجعله يتصرف بعنف تجاه الآخرين.
وظاهرة التحرش تعكس غياب للضمير والمبادئ والتربية الصحيحة، بحيث يصبح سلوك الشخص مائلًا لكل أشكال العنف بشكل عام، ومنها التحرش الجنسي.
ولكن ما الذي يحققه التحرش لهذا الشخص المضطرب؟
فقد تكون ممارسة هذا الفعل تُشعر المعتدي بلذة وقتية، ليس فقط من لمس جسد أنثى أو مغازلتها بكلمات ذات إيحاءات جنسية، بل من فكرة التعدي والقمع والشعور بالتفوق على مَن لا حيلة له، فكلما انزعجت الضحية وأظهرت امتعاضها وتأذيها من هذا الفعل شعر هو بمتعة أكبر. أما على الصعيد الآخر فالضحية تتلخص مشاعرها في الإحساس بالإهانة البالغة والدونية مما يرتب عليه أذى جسدى ونفسى.
وربما يدعم شعور المتحرش الجاني ويشجعه على تكرار فعلته وكذلك شعور الضحية بالانكسار هو رد فعل المجتمع الذي ما زال- رغم المبادرات العديدة والخطوات التي يقوم بها المجتمع المدني والرسمي لمناهضة هذه الظاهرة- ينظر إلى الضحية على أنها الطرف الأضعف، "هذا الوضع يعكس تمييزًا ضد المرأة، ويجعل العنف ضدها لا ينتهي".
ورغم أن ظاهرة التحرش هي قضية مجتمعية ومشكلة خطيرة يجب التصدى لها بكل السبل ..وكثيرا ما تُعامَل الضحية على أنها هي المسؤولة، سواء بسبب وجودها في
الشارع أو سلوكها أو ملابسها غير المناسبة.. بالرغم من أن هناك الكثير من نساء مرتديات ملابس محتشمة، ولا يضعن مساحيق تجميل وقت تعرضهن للتحرش وهذا يعنى أن التحرش سلوك عدوانى ينتهجه شخص غير سوى بغض النظر عن مظهر الفتاة أو سلوكها وهذا ما يؤكده حالات التحرش التى تتم مع الضحايا من الأطفال.
وكثيرا ما تصمت الضحية التى تم التحرش لان الشكوى والبحث عن الجاني لينال عقابه لن تجر عليها سوى الفضيحة وسوء السمعة .. ولكن يجب أن ندعو كل فتاة أن تكون إيجابية وأن تبلغ عن الواقعة لكى ينال المتحرش عقابه.
ونسمع عن قصص بعض النساء اللاتي تعرضن للتحرش
" كنت مضطرة للسكوت من أجل الحفاظ على مصدر رزقي"، هكذا تشرح إحدى الضحايا سبب عدم إبلاغها عن وقائع تحرش كانت تتعرض لها من صاحب عملها. وفي رواية أخرى عبرت الضحية عن ألمها بقولها: "كنت أحاول طوال الوقت إخفاء شعور لا أعرف ماهيته، ولكنه كان يمنعني من الاقتراب والثقة بالآخرين"، فقد ظلت عرضة للتحرش الجنسي من جانب أخيها على مدى سنوات منذ أن كانت طفلة.
فظاهرة التحرش الجنسي لا تقتصر على الأماكن والأشخاص الغرباء، وأن أبشع الانتهاكات وأقساها ألمًا ما يحدث داخل الأماكن التي يُفترَض أن تكون الأكثر أمانًا، مثل مكان العمل أو المنزل.
التحرش الجنسي هو فعل ربما يمر في دقائق، ولكن آثاره النفسية السيئة على الضحية تصل لدرجة الصدمة، وتمر بمراحل في التفكير تبدأ بالإنكار للواقعة وكأنها لم تحدث، ثم تفقد القدرة على الإنكار لأن الحادث يظل مسيطرًا على تفكيرها فتبدأ في مواجهة نفسها بما حدث. يصاحب هذه المراحل أعراض نفسية وجسدية، وقد تنسحب من المجتمع وتصاب باكتئاب من الممكن أن يصل بها إلى حد الإقدام على الانتحار، أو تبدأ في تقبُّل ما حدث والتكيُّف معه لمواجهته وتطلب المساعدة لتخطي ما حدث وتجنُّب حدوثه مرة أخرى،
أن هؤلاء من النساء ضحايا التحرش غالبًا ما يتحولن بعد ذلك إلى شركاء في مكافحة الظاهرة، محاولين العمل مع جميع الأطراف المعنية في تغيير الصورة الذهنية للمجتمع عن المرأة والرجل، وحث النساء على الثقة بأنفسهن، وعدم الشعور بالذنب تجاه سلوك شخص آخر يعاني من الاضطراب،
وكانت هي ضحيته للتنفيس عن غضبه. "قد يتحقق الشفاء التام عندما نصدق معًا أنني لست المسؤولة عما حدث لي"، هكذا عبرت إحدى الناجيات عن شعورها تجاه ما تعرضت له من تحرش.
وسيظل التحرش فعل وجريمة بشعه تتعرض لها الكثير من النساء فى كل المجتمعات ويجب على جميع الجهات والمؤسسات المعنية بالمشكلة الحكومية والأهلية العمل على إعداد وتأهيل المرأة لكى تواجه هذة الظاهرة وهذا الفعل غير الأخلاقى والذى من الممكن أن يدمر حياة ضحاياه وعلى كل مرأة تتعرض للتحرش سواء الجسدى أو اللفظى أن يكون لها رد فعل شجاع وتقتل الخوف بداخلها وأن تأخذ خطوة إيجابية بالتبليغ عن المتحرش وتعليظ العقوبة القانونية قد يساهم فى أن تنحصر هذة الظاهرة والتى أرى أنها واحدة من أبشع أشكال العنف والإيذاء الجسدى والنفسى ضد المرأة فيجب أن تتطهر المجتمعات من المتحرشين غير الأسوياء