لا قلق من الاحتجاجات ..
الشريط الإخباري :
لا نريد أن نذهب بعيدا في التأويلات والتحليلات التي عادة ما تطل علينا في الظروف المشابهة ولن ندعي بوجود مؤامرة خارجية على أمن واستقرار الدولة الاردنية ولن نلجأ لخطاب التخوين والتفسيق ولن نقع في فخ ثنائيات الاستقطاب وعمليات شد الحبل على عنق الشعب من الاطراف المعنية بما يحصل في الشارع الاردني سواء لمعارضي القرارات الحكومية او المتفقين معها لكننا سنتحدث بشكل مجرد عن مجموعة من الحقائق الماثلة أمام أعيننا ونقدمها كما هي بكل وضوح وبساطة ومباشرة وبعيدا عن لغة التهويل أو التقليل من شأن ما يحصل في وطننا أو على الاقل ما نريده في هذا الوطن دون مواقف او انحيازات مسبقة ..
الحقيقة الأولى التي يتوجب أن نشير إليها وهي الأهم على أرض الواقع والتي ثبتت عبر سنوات وتكرست وترسخت بلا أدنى شك وأصبحت مبدأ راسخ وثقافة عامة لدى الناس لا يمكن كسرها او الخروج عليها وباتت عرفا أردنيا شاء من شاء وأبى من أبى وهي الحقيقة التالية ( لقد اتخذ الشعب الأردني قرارا لا رجعة عنه بالمحافظة على وطنه وأمنه واستقراره ) وبالتالي لن يسمح الشعب الأردني بغالبيته الساحقة لأي كان بالمساس بما أنجزه من استقرار وأمن ولن يستجيب لأي دعوات ينتج عنها الفوضى وستكون ردة فعل الغالبية الساحقة من الشعب الاردني رادعة لأي خرق لمعادلة الاستقرار كما حصل في احداث سابقة وسيدين الشعب الأردني بغالبيته الساحقة أي اعتداء على الممتلكات العامة والخاصة ومنجزاته وعلى رأسها استقراره وسلمه الأهلي حيث أن الوعي الجمعي للأردنيين من هذا الجانب مطمئن للغاية وقادر على الفصل ما بين نقد الحكومة وقراراتها ورفضها وبين ثابت الأمن الوطني الأردني ..
الحقيقة الثانية أن الاحتجاجات في عالمنا العربي برمته - والاردن ليس استثناءً - والتي تحولت فيما بعد الى ثورات دموية لم تؤد الى حل المشكلة والبواعث الاقتصادية الاساسية للاحتجاجات وقد ثبت أمرين مهمين كنتيجة واضحة لما حصل الاول أن الاوضاع الاقتصادية لم تتحسن في الدول التي شهدت تحولات سياسية نتيجة الثورات بل على العكس ازداد الوضع سوءً وعادت الاحتجاجات لشوارعنا العربية رغم وجود حكومات منتخبة والثاني انه ثبت فساد نظرية ان التحول السياسي يقود لتحول اقتصادي لصالح الشعوب بل العكس من ذلك تماما حيث ان التحول الاقتصادي الايجابي هو ما يقود التحول السياسي الايجابي وان ما حصل في اوطاننا العربية أفقد هذه الدول قدراتها وامكانياتها ومؤسساتها وزاد وضعها الاقتصادي سوءً بالاضافة لفقدانها أهم عنصر يبنى عليه الاقتصاد والتحول الديمقراطي وهو الأستقرار ..
الحقيقة الثالثة أن الاحتجاجات في الأردن لا تزال ( بؤرية ) بمعنى أنها معزولة وغير مؤثرة ولا تحمل مشروعا يمكن ان تقدمه ولا تعدو كونها حالة من الشعارات التي تخلو من أي مضمون فلسفي فكري مؤطر بشكل برامجي واخفقت في بناء نفسها عبر عقد كامل من الحراك المجتمعي ولا تزال الغالبية الاردنية تنظر اليها بمفهوم الشك في كثير من الاحيان والطروحات وهي اليوم مدعوة لاعادة بناء نفسها بشكل حضاري منظم جماعي لينشأ عنها تيار مؤسسي له ذراع سياسي حزبي قادر على الانخراط في المنظومة الجمعية للأردنيين ومخاطبة الشعب بلغة برامجية مقنعة تقدمه كحالة سياسية نهضوية تشارك في افراز الصندوق بطريقة سلمية وتسعى الى التغيير البرامجي لا العشوائي ومن هنا فلا يوجد لدينا حراك أردني بل عشوائيات احتجاجية لا تحظى بدعم اغلبية الاردنيين بل لربما تعاطف لحظي لا أكثر كما حصل في فاجعة مستشفى السلط ..
الحقيقة الرابعة أننا اذا استمعنا لخطاب رهط البث المباشر من خارج المملكة او قرأنا بيانات الجماعات المعزولة من عشوائيات حراكية داخل الأردن او قرأنا لردود الفعل الآنية المتعاطفة مع حالة او حادثة اردنية نلاحظ ثلاثة أمور ، الأول ان هذا التعاطف العام مع الحالة سرعان ما يفتر ويذهب ادراج الرياح ويتم قلب الصفحة على مواقع التواصل التفاعلية خلال فترة وجيزة لننشغل بأمر آخر والثاني أن الحكومة تتعامل مع الحدث بمفهوم رد الفعل الذي يفقدها زمام المبادرة على الارض والثالث أن هنالك فارق هائل بين ما يتم بثه للجمهور المتلقي وبين الواقع فعندما تستمع للخطابات والبث المباشر وتقرأ البيانات يصيبك القلق والخوف والرعب وتتصور أنك امام حالة انهيار للدولة وانفلات كامل وتدهور وانحدار لا رجعة فيه واننا نتوجه الى الهلاك وعندما تترك متابعة البث او ترمي البيان جانبا وتنظر من شباك مكتبك او منزلك سترى ان الحياة مستمرة وانه لم يضربنا ذلك النيزك الذي يتحدثون عنه وان هنالك اسواقا ومنازلا والناس تمشي والسيارات تسير في الشوارع وان الاطفال يلعبون وان الشباب يتسامرون ويضحكون ومن ثم اذا عدت للبث وقراءة البيانات في نفس اللحظة ستدرك مدى ابتعاد ما يقال عن الواقع واننا امام حالة تصورات انطباعية وذهنية وصورة في العين ناشئة عما يشعر به هؤلاء لا ما هو موجود فعلا في بلد تعج بالحياة وتطلع عليه الشمس وتغيب كجزء من كوكب الارض .. باختصار لا تقلقوا فلن يحصل شيء وعلى الاردن السلام
المحامي بشير المومني