10 سنوات على اللجوء السوري

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
بقلم : د . زايد حماد غيث
 
لا أزال إلى هذا اليوم أذكر جيداً أول لاجئ سوري قابلته بعد اجتيازه للحدود السورية الأردنية حيث كان يرفض استلام المساعدات ويرفض أيضا مقابلة الباحث الاجتماعي وكان يتحدث بأنه سيمكث في الأردن أياماً أو أسابيع وربما أشهر ولم يكن أحداً يتحدث عن مدة قد تصل إلى سنة واحدة فقط هذا الحديث عاد بي إلى سنوات  طويلة مضت عندما كانت جدتي رحمها الله تتحدث معي عندما غادرت بيتها في فلسطين عام 1967 فقد تركت جزءاً من إرثها وبعض من أبنائها وبناتها لأنها كانت تتحدث عن العودة الحتمية القريبة إلى ديارها التي غادرتها وكان حديثها لا يتجاوز حديث الأخ السوري أياماً ربما أسابيع أو أشهر ولكن قدر الله نافذ لا محالة فقد ووريت رحمها الله التراب وكتب على شاهد قبرها : ... ولدت في فلسطين ودفنت في الأردن .

ولا يزال أيضا ذاك المشهد التي يختزل المعاناة السورية حاضراً في ذهني كذلك عندما وضعت بيدي أخاً سورياً في قبره وكشفت عن وجهه الذي كان يعبرعن مأساة اللجوء السوري وكتب على شاهد قبره : ... ولد في دمشق ودفن في الأردن .
قدر الأردن دوما أن يكون الملاذ الآمن والبيت الدافئ والباب الواسع إنه وطن المهاجرين والأنصار .
في 18/3/2011 بدأ اللجوء السوري للأردن في ظل تداعيات محلية وإقليميه كانت بذلك الوقت تتحدث عن لجوء قصير المدى وفق تحضيرات مؤقتة لاستقبال الأخوة السوريين هذه التحضيرات كانت تنم عن واقع غير مؤسسي وغير مدروس ولم يكن يتجاوز الفزعات حتى أننا كنا نشاهد مئات العائلات السورية تسكن في منازل المواطنين الأردنيين ظناً من الجميع أن المكوث سيكون قصيراً . ولكن مع مضي الوقت أخذ استقبال الأخوة السوريين منحى آخر وفق دراسات وتداعيات تتحدث عن لجوء طويل الأمد كما ذكرت في مقال سابق كان بعنوان " اللاجئون السوريون بين إعادة التوطين والاندماج والعودة " تحدثت عن الخيارات الثلاثة المطروحة باستفاضة لخيارت الحل النهائي للاجئين .
المتتبع لمراكز الدراسات والأبحاث والمؤتمرات والندوات التي تعقد للحديث عن الشأن السوري يجد بأن هناك جهات إقليمية أو دولية تمهد الطريق لحلول نهائية لمسألة اللجوء السوري سواء كان بالأردن أو في دول العالم بل إن بعض تلك الدراسات كانت تركز على عودة السوريين وذكرت ذلك في مقال سابق بعنوان
" عودة اللاجئين السوريين (الطوع إجبارية) " .

وفي خضم هذه الارهاصات تبقى المواقف السياسية وليست الإنسانية هي التي تتحكم بالمشهد وحسب رغبة تلك الدولة واحتياجاتها ونظرتها من قضية اللجوء فهناك من قام بالتوطين واعطاء الجنسية وهناك من قام باعطاء الإقامة المؤقتة أو الدائمة وهناك من ينتظر تقديم المساعدات من المجتمع الدولي وهناك من ينتظر عودة اللاجئين إلى ديارهم أو إعادة توطينهم في دول أخرى وفي ظل هذا المشهد يظهر تساؤل مشروع عند الكثير وبعض الدراسات اليوم توجه هذا التساؤل : ما هو موقف الكثير من اللاجئين السوريين من العودة إلى ديارهم وهل الحياة التي يعيشها الكثير منهم انعكست بشكل واضح على قرار عودتهم في حال وجود ضمانات دولية تضمن عدم التعرض لهم ؟ . إن المتتبع لبعض هذه المواقف والدراسات يجد أن الكثير من اللاجئين وخاصة ممن يعيش في دول أوروبا وأمريكا وحتى بعض دول آسيا يجد نفسه في وضع مستقر وبعضهم وجد ضالته في تلك الدول من حيث المعيشة وتحسين أوضاعهم وتحقيق أمانيهم وأحلامهم ونظرتهم للمستقبل .
ولكن الكثير منهم يقول مهما كانت المغريات والتطلعات والأماني تبقى مرارة الغربة عن الوطن حاضرة وشاهدة في قلوبنا وعقولنا ويبقى الفؤاد معلق بتراب الوطن . و كما قال الشاعر أبو تمام :
وكم من منزل في الأرض يألفه الفتى وحنينه أبدا لأول منزل , حمى الله أوطانكم
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences