حتى لا تبقى الحكومة مختطفة

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

ماهر أبو طير

منذ ان تم تشكيل الحكومة الحالية، ونحن وسط أزمات، ولا نعرف اذا كان هذا سوء حظ، ام مجرد صدف متتالية، ام ان ثقل الملفات زاد، وبات طبيعيا ان تتفشى الازمات والمشاكل.
بعض الازمات ارتبطت بالحكومة ذاتها، وبعضها كان موروثا من حكومات سابقة، وبعضها كان اكبر منها، لكن بكل تأكيد نحن في ظرف صعب جدا، والحكومة تدور حول نفسها، بسبب توالي الازمات، من كثرة التعديلات الوزارية، وصولا الى الملف الأخير الأكثر حساسية.
لا يجوز في كل الأحوال ان تبقى الحكومة، أسيرة لهذه الدوامات، سواء كانت دوامات طبيعية، او مصنوعة، ويتوجب بكل صراحة ان نعود الى الاجندة الأساسية للحكومة، لا ان تواصل الازمات المتتالية اختطاف الحكومة، نحو زاوية رد الفعل، او التأثر السلبي، او الشلل.
هناك ملفات بحاجة الى حلول، الملف الاقتصادي، ملف العجز والمديونية، ملف الإصلاح السياسي، ملف البطالة، ملف الوباء، ملف الاستثمار، ملف الحريات، ملف الانتخابات النيابية وقانون الانتخاب، ملف انتخابات النقابات، البلديات، وقوانين مثل المالكين والمستأجرين، ملف المتعثرين، وملفات كثيرة يمكن تعدادها هنا، حتى لا نبقى تحت وطأة الصدمات من اقالة الوزراء، الى حادثة السلط، وصولا الى الملف الأخير، وبينهما قوس من الازمات.
في مرات تستفيد الحكومات من قلة التركيز عليها، من جانب الرأي العام، عبر تشاغل الناس، بقضايا ثانية مستجدة، الحكومة ليست طرفا مباشرا فيها، وفي حالات كثيرة تستفيد الحكومات سياسيا من أزمات خارج السيطرة، مثل ارتفاع عدد الإصابات بالوباء، وان كان على الحكومة مسؤولية جزئية هنا، لكن منطق تخفيف الضغط عن أي حكومة، بسبب أي ازمة او ظرف مستجد، منطق انتهازي ومفيد، مؤقتا، ويجعل الرأي العام، مشغولا ومشدودا نحو قضايا ثانية، بحيث قد ينسى وجود الحكومة، وتنخفض الأضواء عليها، بسبب ازمة اكبر.
حسنا، دعونا نعود الى الوضع الطبيعي، أي أداء الحكومة، وضرورة القيام بدور إيجابي على صعيد الملفات المطلوبة منها، خصوصا، ان كثرة الازمات والضغوطات، قد تؤدي في حال لم تحافظ الحكومة على اجندتها، وفي حال لم تتنبه الى مهماتها الأساس، بسبب المستجدات، الى إعادة مراجعة قدرة كل الحكومة على الاستمرار، وهذا امر طبيعي، ولربما في حالتنا نحن، يكون هدف الاستقرار هو الأبرز، والسعي لتثبيت الحكومة، هو المسيطر، لكن على الحكومة ان تساعد نفسها، عبر عدة امور، أولا عدم السماح باختطافها بسبب الازمات، بما يشل نشاطها وحركتها، وثانيا عبر استعادة الحكومة زمام الأمور، بدلا من ان تكون مصدومة بنيويا، مثلها مثل الراي العام بسبب توالي الازمات، وثالثها الخروج من التأثر بثقل الازمات، نحو معالجة ملفاتها الأساسية، لان الحياة يجب ان تستمر، لا ان نبقى ندور حول انفسنا.
الكل يريد ان يبقى الأردن مستقرا، واذا كنا منذ شهور نخضع لحالة رد الفعل، بسبب الازمات المتتالية التي تنزلت علينا، فإن الاستسلام لهذه الحالة، خطير، فالمطلوب من كل حكومة، ان تتجاوز حالة رد الفعل، والتأثر، وكأنها فرد عادي و جزء من الجمهور، نحو استعادة الجو الطبيعي، ومعالجة الملفات العالقة، واسترداد اجندة الحياة، حتى تساعد الحكومة، الناس، أيضا، في عودتهم لحياتهم الطبيعية، بدلا من الانعزال في فقاعات الازمات.
هذه مطالعة ليست سلبية ضد الحكومة، فنحن ندرك ان بعض الازمات منها، وبعض الازمات اكبر منها، وهناك أزمات موروثة، لكن يقال بحق ان الشهور الماضية، اغرقت الحكومة في الإجمالي في الازمات، والملفات المفتوحة، بما أدى الى تغييبها جزئيا، او ضعفها، او عدم قدرتها على الحركة في حقول الألغام التي تتفجر بعض الغامها، كل فترة، واذا كنا بهذا الكلام، نبرر الوضع الحالي، دون ان نقصد التبرير، فإن هذا لا يمنع أن تخرج الحكومة من حالة الاختطاف، نحو استعادة البرنامج والتحسين عليه، من اجل ان تعود الحياة طبيعية، وبدون ذلك تكون الحكومة ضحية أيضا لهذه الازمات، وغير قادرة على الاستمرار، بدون انعاش.
لا بد ان تجدد الحكومة خطتها، للفترة المقبلة، وبدون ذلك، تكون مجرد طرف عادي، مثل بقية الأطراف المرهقة في الأردن، تتأثر بالأزمات، وهذا امر غير مقبول، والا لماذا سميت حكومة لدولة وشعب في هذه الحالة، اذا لم تستطع ان تنهض، وتعيد إدارة الداخل…حقا لماذا؟.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences