هل تتحول الانتفاضة إلى ثورة تقلب الموازين ..؟
الشريط الإخباري :
بقلم : د. رلى الفرا الحروب
فلسطين التاريخية تتحد في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي والأمور قد تتطور سريعا باتجاه ثورة شاملة تغير قواعد اللعبة في المنطقة..
الأردن يغلي والالاف احتشدوا اليوم في الكرامة مطالبين بفتح الحدود، عدا عن عشرات الوقفات في مدن عدة..
هناك دعم شعبي عربي وإسلامي وعالمي، رغم انحياز وسائل الإعلام العالمية في نقلها للأحداث وتفسيرها لها..
في المقابل، فإن مواقف الحكومات العربية والإسلامية ضعيفة وباهتة في معظمها ولم تتجاوز حيز الأقوال حتى الآن، باستثناء محاولتين محدودتين لتونس لم تنجحا في مجلس الأمن، وسعي حثيث لتركيا والباكستان في الجمعية العامة لم تقطف ثماره بعد.
ولكن، ورغم التخاذل الحكومي والتطبيع العربي المخجل الذي شق الصف العربي وأدى إلى امتناع البعض حتى عن إصدار بيان استنكار لما يحدث، للمرة الأولى أشعر كمراقب للصراع العربي الإسرائيلي أن المقاومة الفلسطينية قادرة على إيلام المحتل وضربه في مقتل، ورغم غياب التكافؤ كليا في الإمكانات والقدرات العسكرية بين الطرفين، إلا أن المقاومة الباسلة نجحت في صنع معادلة جديدة، وكبدت الاحتلال خسائر كبيرة مادية ومعنوية، ولعل الخسائر المعنوية لا تقدر بثمن، لأنها أسقطت خرافة الأمن الإسرائيلي والقلعة المحصنة والجيش الذي لا يقهر ، ناهيك عن أن هذه هي المرة الأولى التي تقصف فيها مدن الاحتلال بمثل هذه الكثافة، ونتابع مشاهد الحرائق والإصابات والقتلى والخسائر. الأهم من ذلك أن صواريخ يدوية كلفتها بضع آلاف الدولارات تضطر إسرائيل إلى إطلاق صواريخ لاعتراضها قيمتها تتجاوز الملايين.
المقاومة في غزة، والصمود الخرافي للمقدسيين، والانتفاضة الشجاعة في مدن الداخل الفلسطيني المحتل والاستجابة المناصرة في مدن الضفة الغربية تسطر أسطورة جديدة للشعب الفلسطيني في مواجهة محتل نووي مصنع للأسلحة وجيشه من أقوى الجيوش في العالم وعتاده من أحدث أنواع العتاد، تدعمه كل قوى الاستعمار الحديث والقديم.
كل ما يقوم به الاحتلال الآن من قصف لغزة وتدمير للبنايات والبنى التحتية وقتل للأطفال والنساء والمدنيين لن يرد إليه اعتباره ولن يجبر هيبته المكسورة ولن يعيد نظرية الردع المزعومة إلى مكانها.
ما يفعله نتنياهو الآن من استعراض للقوة ضد المدنيين في غزة ومايقوم به جيشه من مداهمات واعتداءات على الفلسطينيين في الداخل المحتل عام 48، واصطدامات مع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 67، لن يؤتي أكله، بل قد يتسبب في اندلاع ثورة شاملة في فلسطين التاريخية ستغير حتما كل المعادلات، وبالتأكيد ليس في الاتجاه الذي تحلم به دولة الاحتلال.
صحيح أن نتنياهو قد يجد فيما يحدث فرصة للضغط على فلسطينيي الداخل وتهجيرهم إلى مناطق السلطة الفلسطينية، وقد يكون هذا هو سبب تلك المعاملة النازية التي يعامل بها جيش الاحتلال وشرطته فلسطيني الداخل، ولكن المؤشر الذي تتجه نحوه الأحداث يشي بـأن الكيل قد طفح بالفلسطينيين وأنهم ما عادوا ينتظرون شيئا من العالم، وأدعو الله أن لا ينتظروا، وأن لا يعطوا وزنا لأي وساطات كاذبة تهدف إلى إنقاذ نتنياهو من ورطته وليس حقن دماء الفلسطينيين.
ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، والاحتلال الاسرائيلي لا يفهم الا لغة القوة، ولم تحرر أي بلاد إلا بشلالات الدم، أما المفاوضات فلا تنجح في تحقيق نتائج إلا بعد انتصارات في الحروب.هذه ثوابت التاريخ، وحدسي أن الفلسطينيين ربما أدركوا أخيرا أن دمهم وحده هو طريق الخلاص في ظل اختلال معادلة القوى بينهم وبين الاحتلال، وتطبيع بعض الدول العربية مجانا، وانهيار ما يسمى بالمنظومة الأمنية والسياسية العربية، واستمرار هيمنة القطب الأوحد نسبيا على المعادلة السياسية الدولية، وعدم اتخاذ القوى الصاعدة دوليا مواقف معلنة يمكن أن توازن الكفة المائلة.
الإدارة الأمريكية الجديدة يصعب قراءة موقفها بدقة، فهي من جهة استخدمت لغة دبلوماسية أكثر توازنا من السابق، ولكنها من جهة ثانية ما زالت تدعم الاحتلال وتعيق اتخاذ قرار في مجلس الأمن، وإن كانت هناك نغمة جديدة ظهرت اليوم بأنها ربما ترفع الغطاء عن إسرائيل في مجلس الأمن وتسمح باتخاذ قرار في حال لم تستجب حكومة نتنياهو لوساطتها.
روسيا أيضا موقفها غامض على الرغم من دعواتها لإنهاء الاستيطان، وتنسيقها مع اللاعبين الاقليميين لعقد جلسة في مجلس الامن، وذلك على العكس من حلفائها التكتيكيين إيران وتركيا اللذين أعلنا مواقف داعمة وبقوة للفلسطينيين، فإيران من جهة أعلنت أنها ستزيد من دعمها المادي للمقاومة بالمال والعتاد والتدريب، وتركيا من جهة ثانية باتت تلوح بجاهزية جيشها لنصرة المظلومين في العالم، وعلى رأسهم الأقصى وفلسطين، اما الصين، فما زالت تضع الاقتصاد قبل السياسة في معادلتها الدولية، وإن كانت تاريخيا تتعاطف مع الفلسطينيين.
وبغض النظر عن المعادلة الدولية، فإن شعار المقاومة الفلسطينية اليوم بجناحيها الشعبي المدني الأعزل والفصائلي المسلح هو " ما حك جلدك مثل ظفرك"، ويبقى الرهان على قدرة الفلسطينيين على الصمود في مواجهة آلة البطش اللا إنسانية.
#Gaza_Under_Attack #Gaza #