حكومة "مقبولة دوليا"... تنازل لا يتسق مع مسار الحدث الفلسطيني!

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
كتب حسن عصفور/ سجل الرئيس محمود عباس "مفاجأة" خاصة عندما قرر المشاركة في الجلسة الطارئة للبرلمان العربي لبحث تطورات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والقدس والضفة، حضور ربما هو الأول في مثل هذا الفعاليات التي لا تروق كثيرا للرئيس عباس، ولكن قراره محاولة لمشاركة فيما يدور من اهتمام عربي ودولي بتطورات الحدث الذي أصبح الأهم عالميا، بفعل "الصاروخ الغزي" قبل غيره من فعل كفاحي عام.

والمفاجأة الثانية، هو غياب أي ممثل عن قطاع غزة من قوى الفعل الصاروخي، وكأنهم غير ذي صلة وليسوا مركز الحدث، لكنها ثقافة "لهاث" اللحظة الأخيرة، والتي ليس بالضرورة أن تصل محطتها كما يظن هؤلاء، وأن "الجدار" الذين يستخدمون لا يكفي لمنحهم بعضا مما لا يستحقون.


 
ولكن، المفاجأة الأهم سياسيا، هو ما تقدم به الرئيس عباس من عرض على الهواء، حول استعداده لتشكيل "حكومة توافق وطني" تقبل بالشرعية الدولية وتكون مقبولة دوليا، عرض قد يكون غريبا جدا من حيث المضمون والمكان، شكلا وموضوعا.

خطاب الرئيس عباس فقد كثيرا مما يجب أن يكون توضيحا للحقيقة السياسية، التي كانت وراء الانفجار الجديد، ويمنح جوهر العركة قيمتها التي باتت الأهم عالميا، بأن يتقدم بمشروع وطني كامل، يبدأ بإعلان خطوات "فك الارتباط" مع العدو القومي العنصري الاحتلالي، والذي كان هو ولا غيره سببا مباشرا للتطورات الأخيرة، وأن الرد الفلسطيني، بكل اشكاله في القدس والضفة ومن قطاع غزة كان فعلا لرفض التطاول الذي فاق الممكن.


 
ولكن، وبدلا من تقديم رؤية لمعاقبة دولة الاحتلال حكومة وقادة بكشف جرائم حربها الجديدة، خاصة إزالتها 12 أسرة كاملة من السجل المدني، بما يوازي عمليات إبادة جماعية، تفوق كثيرا من جرائمها السابقة، ذهب الى غير ذلك بمقترح مفاجئ وغير نزيه.

كيف للرئيس عباس أن يتقدم بهكذا مقترح، كبديل عن تقديم خطة المواجهة المفترضة مع دولة الاحتلال، ورسم خريطة طريق لتعزيز "الكيانية الفلسطينية"، ووضع قواعد عمل جديدة للداخل الفلسطيني، يتوافق والتطور الكبير الذي أنتجته الأيام العشرة الأخيرة، التي هزت العالم، ولكن يبدو أنها لم تهز "قناعات" الرئيس عباس، التي لا تتسق مع جوهر التغير الكبير.


 
عرض فكرة "حكومة مقبولة دوليا"، دون أي تشاور وطني وكأنه "المنتصر السياسي" في المعركة الأخيرة، هو من يفرض "الشروط والرؤية"، جانبه الصواب كله، وبدأ المقترح كشكل من أشكال "الاستسلام" المسبق، ولا يتسق مطلقا مع مسار الأحداث ولا قواها الرئيسية، مقترح خرج عن النص الوطني ليذهب بعيدا.

كيف يمكن للرئيس عباس أن يستبدل المطلوب وطنيا ضد المحتل، بعرض فكرة يشوبها الكثير من "شبهة سياسية، وكأنه يستقوي بأطراف خارجية على التطورات الداخلية، والتي لن تكن عابرة أبدا كما قد يعتقد، ولعله بذلك المقترح قد أضاف ضعفا فوق ضعف يمر به نتاج عدم المشاركة الكاملة في المعركة، التي سيطرت على المشهد العالمي طوال الأيام العشرة الأخيرة.


 
وبعيدا عن رسالته لغير الفلسطيني، فليس مفهوما تعبير "مقبولة دوليا"، وما هي الأطراف الدولية التي عليها أن تقبل أو ترفض، رغم ان العالم تقريبا معترف بدولة فلسطين وحكومتها، ولم نسمع شرطا مسبقا منذ سنوات بعيدة، حتى في قرار انتخابات 2006، لم نقرأ شرطة القبول الدولي، واستمرت حكومة حماس، التي لم تعترف ببرنامج منظمة التحرير ولا تعهداتها، أو الاتفاق الموقعة، ولم يكن ذلك شرطا في حينه الى أن بدأ تنفيذ مؤامرة الانقسام (من يناير 2006 – يونيو 2007).

كيف يمكن لرئيس "الرسمية الفلسطينية" أن يتطوع بوضع "شروط مسبقة" على حكومة فلسطينية، دون أن يعرفها أو يحدد أسسها، ماذا تعني "مقبولة دوليا"، فهل من تحديد لمضمون ذلك الشرط – الشروط، ام أنه رفض مسبق لمقترح بدأت بعض الأطراف العربية، مطالبته بعد تأجيل الانتخابات كمخرج مؤقت.


 
"حكومة الرئيس عباس المقترحة" تبحث موضوعيا رضا من شارك في العدوان، بديلا من أن يبحث رضا الشعب الذي انتفض على مرحلة تذويب المشروع الوطني لصالح المشروع التهويدي.

مقترح الرئيس عباس يمثل مظهرا "إقصائيا" مبكرا لأطراف كانت محركا مركزيا في التطورات الأخيرة، والتي بدونها لم يعد ممكنا رسم المشهد الوطني العام، بل ربما تبدأ هي في تحديد بعض عناصر التغيير.

للضرورة الوطنية، ومن اجل حركة فتح قبل غيرها يجب التخلي عن المقترح الضار وطنيا، قبل أن تبدأ رحلة تفكير جديد تتجاوز من يصر على "الاستحواذ الغبي".

ملاحظة: مسار الديبلوماسية "الرسمية" الفلسطينية كشف هزالة مثيرة للشفقة السياسية...حاولوا إرضاء من لا يستحق على حساب من يستحق...من خسر هم لأنهم اضاعوا فرصة قد لا تتكرر لهم...بس فاقد الشي كيف يعطيه!

تنويه خاص: علها أكثر أشكال المواجهة مع عدونا القومي التي تركت قصصا إنسانية تستحق تخليدها...من تبادل نصف العائلات لتبقى الى أنس وشيما وحبهم "المقصوف"...يا غزة كم بك نبع إنساني يليق بوجهك الفلسطيني!
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences