إعلامنا الرسمي عاجز ومحنط في حضن (مَيِتْ) ...

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
زهير العزه
كشفت الاحداث الاخيرة لعدوان دولة الكيان الصهيوني على المسجد الاقصى ،وعلى حي الشيخ جراح في القدس، وحرب الكيان على غزة ،أن إعلامنا الرسمي كان عاجزا منذ البداية عن ملاحقة الاحداث وتتبعها وتكريس غرف التحرير الاخبارية الرسمية الاردنية كمصدر للاخبار للاردنيين وللعالم بإعتبارنا "ام الصبي "، بل انه عجز أن يرقى في خطابه أو رسالته الاخبارية الى مستوى ما قام به جلالة الملك والدبلوماسية الاردنية من جهد في فضح العدوان على المسجد الاقصى وعلى حي الشيخ جراح، كما عجز أن يتابع بالبث الحي والمباشر العدوان مع اتخاذ موقف منه، يفضح الجرائم التي ارتكبها العدو الصهيوني ضد ابناء الشعب الفلسطيني ، بل أن الصحوة المتأخرة في أخر ايام العدوان والتي على ما يبدو انها جاءت بعد انتقادات الشارع الاردني وبعض النواب والاحزاب لغياب هذا الاعلام عن الحدث "الا ما خلى تناوله من خلال نشرات الاخبار"،لم تكن بالمستوى الذي كان من الممكن أن يقوم به هذا الاعلام أو على اقل تقدير أن يلاحق ما تقوم به الدولة ، وهو بالتأكيد ما أثرعلى صورت دورها في الداخل على وجه الخصوص . 
 الاردن في المسألة الفلسطينية بكل ابعادها ليس بعيدا، ودوره حاضر من خلال الاشتباك اليومي مع العدو، وهو حاضر في علاقته مع الاشقاء الفلسطينيين من هم في سلطة رام الله ، او اللاجئين الى أراضيه، أو من خلال الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس ، وبالتالي فهو يحتاج الى مستوى من الاعلام يرقى الى مستوى الاشتباك وفق قواعد لا تجامل على حساب مصالح الاردن وترقى في الخطاب الاعلامي الرسمي الى مستوى حالة اخبارية او تحليلية فيها من الثورية والسياسة في أن واحد ،وبحيث لا يتم تقييد الخبر أو التحليل تحت قواعد أن الاردن لديه إتفاقية سلام مع هذا الكيان .
إن الدولة الاردنية وكما اثبتت هذه التجربة الاعلامية والتي أعتقد انها مريرة ، يجب أن يكون لديها خطاب إعلامي "ايدلوجي" معتمدا على موروث الثورة العربية الكبرى بما تحمل من حالة ثورية مقدرة عند الخصوم قبل المؤيدين،وأن يتم تطوير هذه الحالة الايدولوجية وفق قواعد  الاشتباك مع القضايا المختلفة، وليس كما حصل خلال السنوات الأخيره التي جعلتنا نقصي أنفسنا من المشهد الفلسطيني والعربي والاقليمي لصالح دول أخرى أقل وزنا وأقل قدرات، حتى وصلنا الى مرحلة نصبح فيها من لاعب أساسي في المنطقة الى دولة مهددة بأن تكون ملعبا للاخرين .
والواقع أن هناك أسبابا عديدة لتراجع  دور الاعلام  بشكل عام والرسمي على وجه الخصوص في الانخراط كلاعب في القضايا الرئيسة الكبرى الداخلية أو العربية أو الاقليمية،وأهمها كثرت العبث بهذا الملف من غير المختصين أو بسبب المحاولات الدائمة للجهات الحكومية لفرض القوانيين المقيدة للحريات الاعلامية ، وكذلك إفراز وجوه اعلامية غير مؤهله أو عاجزة عن مواكبة الاحداث بإعتبارها قيادات إعلامية لخطاب الدولة،ما انعكس سلبا على المشهد الاعلامي بشكل عام،اما بالنسبة للاعلام الخاص فقد تمت عملية مبرمجة وممنهجة لاخراج الاعلاميين من أصحاب القدرات والحضور الجماهيري من المشهد الاعلامي ،وفرز عدد من غير المختصين وأصحاب الخبرة أو الاختصاص المهني العملي والذين لا علاقة لهم بالاعلام سواء كانوا محاميين، أو تجار سيارات، او اصحاب محلات سوبر ماركت ، أو مكاتب تأجير سيارات، او حتى مهندسين وحتى من عمال الطباعة ليتصدروا المشهد في الاعلام الخاص ويتم دعوتهم للقاءات الاعلامية الهامة ، وابعاد أهل الاعلام الحقيقين كما حصل ويحصل معي ومع الدكتورة رلى الحروب، الأمر الذي حدد مخرجات الاعلام وفق رؤية عاجزة او محصورة بمدى استفادة هؤلاء من الاعلام كمصدر مالي أو كعنصر للتلميع الاجتماعي، او مصدر للابتزاز المالي او النفعي لهذه الشخصية او تلك ،وتم إبعاد أهم عناصر العمل الاعلامي وهي الرسالة الاعلامية التي تقوم على قواعد مهنية لصالح المجتمع والوطن  والامة وقضاياها .
 إن التعيينات التي جرت خلال الاشهر الماضية ولغاية الان تؤكد كل ما سقناه سابقا ،فعندما يكون المحاسب رأس الهرم في مؤسسة الاذاعة والتلفزيون ،وعلى رأس هذه المؤسسة مجلس إدارة بعض الاعضاء فيه لم يدخلوا غرف التحرير ولم يعرفوا " الدسك" التحريري للاخبار او البرامج،وعندما يكون على رأس قناة المملكة وفي مجلس ادارتها من هم من غير المختصين في العمل التلفزيوني ، وعندما يتم التعيين لبعض الاعلاميين في المؤسسات الرسمية وفق مصالح المحسوبية ، بالتأكيد سيتم فرز اعلام لا يرقى لمستوى طموح جلالة الملك والشعب ،وسيبقى الاردن عرضة للهجمات لغياب المبادرة،ولعل عجز قناة المملكة والتلفزيون الاردني عن استقطاب المشاهد الاردني لتكون هاتين القناتين مصدرا للاخبار هو تأكيد لما ذهبنا اليه ،وهذا ما يجب أن يدفع الدولة الاردنية  ومؤسساتها الى التنبه لخطورة الاستمرار بنفس النهج القائم على اقصاء اعلاميين محترفين ، "ونفخ" اعلاميين عاجزين كما هو حاصل الأن ،فالاعلام يواجه اليوم موجة جديد من الاعلام لا ينفع معها إعلام الترويج  والتحشيد القائم الأن ، بل إن المطلوب أن ينفتح الاعلام على جميع أبناء المجتمع بكل اطيافهم ،وأن يطرح القضايا الصغرى والكبرى التي تهم المواطن على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية بسقف يتجاوز المحاذير التي تحددها هذه المؤسسة او تلك ،فالمكاشفة والمصارحة وطرح القضايا مهما كانت كما هي ،هو الحل لاخراج الاعلام الرسمي من أزمته التي تنعكس على كل أركان الدولة ،اما اذا استمر الحال كما هو الان فأنه ينطبق عليه القول" إعلام محنط في حضن ميت"
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences