عبدالهادي راجي المجالي : (اجبد) الموقع الحساس
الشريط الإخباري :
أريد موقعا حساسا ..مثلي مثل كل الناس , إذا لم يكن حساسا فأنا لا أريده ....
عيني على متصرفية القطرانه , منذ زمن وعيني على هذا الموقع ...على الأقل في المتصرفية لن اضع لوحات متعلقة , بقوانين الداخلية ..,لا بتعليمات الحصول على إقامة ...ولا بالحكومة الإلكترونية , سأكتب على المدخل : (والبارح وانا بطريق معان ....عرضت درب البدو تعريض ..الشيب ما روضك يا فلان والعمر زادك ولع بالبيض )
وكل المراجعين ستكون ضيافتهم ( حليب نياق ) , ولا يوجد داع للمكاتب ...الجلسة أرضي ..
هل يوجد أجمل من البدو ؟
على الأقل تهيم في الصحراء معهم , وتتسامر ويقرأون على مسمع الرمل أجمل قصائدهم ..وتصعد ظهر بعير شرس , وتنطلق الجهات ليست مهمة , لأن بوصلة القلب في الصحراء لها اتجاه واحد وهو الحب ...
أريد أن أكون متصرفا للقطرانة ..
ولي خيمة بعيدة عن أنظار الناس , ولي نار توقد في الليل ...ولي (شبرية) على الخصر ..وخلان يأتون إلي (طاقين اللصمة) ...ونجلس حتى مطلع الفجر , البدو لديهم نقاء البوح ..وقد وحدو جباههم مع الصحراء , حتى غدت الصحراء سمراء مثل تلك الجباه ...وحين يتحدثون لا يقومون أبدا (بلوي) اللغة ...هي اللغة وحدها التي تستقيم على ألسنتهم ...وحين يسكبون القهوة , تحس أن البن قد (حمسوه) في قلوبهم , وتتذوق نكهة الحب ...
القطرانة أصلا مهمة , فقط جرب أن (تبنشر ) على الطريق الصحراوي , سيأتونك على الفور ويساعدونك ...جرب أن تصيح بأحدهم طالبا (الفزعة) ..ستجدهم أفواجا مثل موج البحر ..قد حضروا ..وجرب أن تستفز فيهم الصحراء , وستجدهم مثل نصل السيف ...يجعلون الهواء ينزف , حتى الهواء يخسر إن دخل في منازلة معهم ..
أريد أن أكون متصرفا للقطرانة , وحين أنام في الليل تعبر على أذني أصوات الشاحنات التي تخترق الطريق الصحراوي , وأسمع أيضا صوت ..بكاء طفل , اشتاق للصباح وللعب في ( حوش) الدار ...وهمس صبية , توقض الوالد للصلاة ...وسائق شاحنة , ترجل للتو من مشاور بعيد , ويحلم بفنجان قهوة ...
قلت أريد موقعا حساسا ....أما إذا كان غير حساس فلا اريده ....
وأجزم أن متصرف القطرانة أكثر المواقع حساسية في الأردن , على الأقل حساسية البدوي للصحراء وللقصيدة وللحب ..أقدم من الليبرالية , وأقدم من التكنوقراط ..وأقدم من المحسوبية والشللية والتنفيع ...حساسية البدوي .. هي التي بنت أمة كاملة , بالمقابل ذكاء الليبرالي ..ماذا أنتج ؟ ...غير الخراب .