«تسييس» خطاب الزحف العشائري و«الإخوان» على خط العجارمة

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
«افصلني».. هذه هي الكلمة التي استخدمها النائب أسامة العجارمة، الذي أثار مساحة واسعة من الجدل والمناكفة في مخاطبة رئيس مجلس النواب عبد المنعم العودات، عندما رفض الاعتذار لزملائه بعد أسبوع من الإثارة كان عنوانه الدعوة المتعلقة بالعجارمة للزحف العشائري على خلفية تعطل التيار الكهربائي.
قرر مجلس النواب الأردني، في جلسة صاخبة وبتصويت سري ابتعدت عنه وسائل الإعلام وسط احتجاج الصحافيين والمصورين، عقوبة تجميد عضوية النائب العجارمة فقط بعد تهديدات من أبناء منطقته الانتخابية وأبناء عشيرته وعدد كبير من الأردنيين من أنصاره، رداً على إصراره على الإساءة لمجلس النواب في إحدى المداخلات الشهيرة.
تجنب مجلس النواب أزمة أكبر يمكن أن تتدحرج عندما تقصّد إقرار عقوبة تجميد العضوية لمدة عام بدلاً من فصل النائب العجارمة تماماً، الأمر الذي يعني أن النائب العجارمة لن يحتفظ بحصانته البرلمانية، لكن عقوبته ستقتصر في الابتعاد عن قبة البرلمان ومنعه من حضور الجلسات والاجتماعات الدستورية لمدة عام مع وقف مخصصاته المالية.

أغنية «موطني» وموسيقى «وادي الذئاب» مع كلمة «افصلني»

وهذا النمط من العقوبة قدر الخبراء بأنه الأصلح لضبط إيقاع قضية العجارمة ومنع تدحرجها سياسياً مجدداً. بدوره، وتعليقاً على مسار الأحداث، أعلن النائب السابق الآن أو المجمدة عضويته أسامة العجارمة، أن كل الإشكال ثار بينه وبين زميله النائب مجحم الصقور، عندما اعترض الأخير على عبارة «الزحف العشائري على العاصمة عمان» وطلب شطبها من سجلات محضر اجتماع مجلس النواب.
يجد العجارمة أن عبارة الزحف إلى عمان لا تسيء إلى أحد.
لكنها هي التي فجرت خلافاً كبيراً بين العجارمة وبقية النواب، وأثارت جدلاً واسع النطاق على المستوى السياسي والاجتماعي والعشائري، مع أن العجارمة ربطها أصلاً بقصة الزحف إلى عمان للتضامن مع فلسطين والشعب الفلسطيني والاحتجاج في اتجاه مكاتب السفارة الإسرائيلية في العاصمة، فيما أشارت مصادر رسمية وبرلمانية عدة مرات إلى أن هذه العبارة خارج السياق وتسببت بإرباك الكثير من المواطنين خلافاً لأنها تنطوي على تحريض لأبناء العشائر كان يمكن للعجارمة الاستغناء عنه. وبعد إثارته لقضية الزحف العشائري، شوهدت أشرطة فيديو للعجارمة تتضمن استعراضات وخطابات وتقدمت قبيلة بني حسن، أو بعض نشطاء قبيلة بني حسن، بتسليمه سيف القبيلة وتحول إلى رمز شعبوي يتحدث عن الخونة والعملاء والفاسدين واللصوص ويطالب أبناء العشائر بالتحرك ضدهم، مما أثار قلق السلطات الأمنية على أكثر من جهة وفي أكثر من مسار.
وفي أحد أشرطة الفيديو، شوهد العجارمة يغني أغنية «موطني» مع الموسيقى اللازمة، كما نشرت له أشرطة أخرى مع موسيقى مسلسل «وادي الذئاب» التركي، في الوقت الذي استخدم فيه كل المحسنات والأساليب الفنية لترويج خطاباته ومداخلاته على نطاق واسع عبر منصات التواصل، كما اجتمع المئات من أنصاره أو مؤيديه في منطقه ناعور حتى فجر الخميس، الأمر الذي أثار أيضاً المزيد من مشاعر الاستياء والإزعاج عند السلطات.
حصل ذلك قبل تصوير فيديو لوفد من قبيلة بني عباد، يحضر لمناطق العجارمة تضامناً مع النائب نفسه في ظاهرة تحصل أيضاً لأول مرة. في الأثناء، وفي الدلالات السياسية، ظهر التيار الإسلامي في جملة تضامنية علنية، حيث القطب البرلماني صالح العرموطي يشكك بدستورية القرار الصادر في مسألة العقوبة التأديبية على زميله العجارمة ولمدة عام، وحيث لاحقاً مناقشات في التقدم بشكوى قضائية في المحكمة الإدارية للطعن بقرار إداري لسلطة البرلمان. وحيث أيضاً النائب الإسلامي الشاب الديناميكي، ينال فريحات، يعيد نشر صورة تجمعه مع العجارمة، ويبلغه فيها التزامه بالبقاء مناصراً له، ظالماً أو مظلوماً، تحت قبة البرلمان أو خارجها، وفي التصويت صوت ثلاثة من الإسلاميين أيضاً إضافة إلى فريحات والعرموطي ضد قرار التأديب بحق العجارمة، حسب القوائم التي تنشرها المنصات، الأمر الذي يعني الكثير في الحسابات السياسية إذا ما كان الإسلاميون قد درسوا بعمق خارطة التجاذب ولديهم توقعات بأن لا ينتهي العام الحالي في وجود مجلس النواب بتركيبته الحالية.
الوقوف تضامنياً مع العجارمة من أسرع الطرق الآن بالنسبة لبراغماتي التيار الإسلامي للبقاء في المنصة والقفز على الإعاقات والاستعداد أيضاً للانتخابات المقبلة.
مسألة الزحف العشائري هي التي أثارت الحساسيات، حيث لم يسبق لنائب في البرلمان أن تبنى علناً الدعوة إلى حراك عشائري يزحف إلى عمان ولأسباب سياسية هذه المرة وليست معيشية ومطلبية، الأمر الذي أثار قلقاً واسع النطاق على مستوى الاشتباك بين السلطتين، وهو اشتباك قد يؤدي إلى تحريض نواب آخرين لاحقاً من الصفوف الاجتماعية المحسوبة على تيارات الولاء الكلاسيكي والتقليدي، في مستجد لا يمكن إسقاطه من الحسابات.
بسام البدارين
القدس العربي 
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences