صراع الوجود في البرلمان الأردني أكون او لا اكون
الشريط الإخباري :
كتب عمر شاهين
أظهرت قضية النائب أسامة العجارمة مدى الازمة غير المتوقعة، في مجلس النواب، الحالي، فقد فتحت الطرق لدى المجلس بظرف استثنائي، ليكون برلمانا موازيا للحكومة، نستطيع وصفه ببرلمان يميني، محافظ، وكل الدلالات السابقة، والنتائج الصادرة منه اثبتت هذه الرؤية التي قيلت مسبقا وتاكدت مع النتائج .بانه برلمان مهمته ان يسير مع الحكومة بخط موازي.
شخصيا أقول منذ سنوات، من يريد رفع سيف الإصلاح، فليس البرلمان مكانه.
لم تنجح التجارب السابقة الفردية، بصناعة قوة ضاربة تؤثر على سياسية البرلمان او رئاسته، ولعل قراءة اغلب رؤساء البرلمان باستثناء قلة كعبد اللطيف عربيات رحمه الله،كانت مهمتهم تخفيض وتيرة البرلمان واستعياب الحالات الفردية الثائرة ، والتي كان اغلبها ان لم يصمت مبكرا او يتم ارضاءه . يغادر قطار المحطة البرلمانية القادمة.
ظهر البرلمان الأخير بزخم عشائري وتم تقليص حجم اغلب المتضادات السياسية، فلم يرجع مثلا عن الثالثة النائب قيس زيادين من التيار العلماني اليساري، ولا د. ديما طهبوب من نفس تيار الاخوان المسلمين المتشدد وهما من دائرة عمان الثالثة ؛وهذا ظهر باغلب المحافظات، ففي الزرقاء لم يستطيع د.طارق خوري الترشح عن محافظة الزرقاء وهو المعروف بدعمه للمحور الإيراني والسوري، وبذات الوقت تقلص عدد نواب جبهة العمل الإسلامي من نفس المحافظة من ثلاث الى واحد وهم الموالون للمحور التركي القطري.
المجلس السابق كان به تصارع سياسي كبير ، بل وتشعب كثيرا لاوجه فكرية واتجاهات متعددة، اما المجلس الحالي فقد سار برتم هادئ عبر شخصيات ذات شعبية عشائرية حققت الاف الأصوات، وترك لاصحاب المال السياسي الفتك بمرشحي جبهة العمل ، ونسبة كبيرة من متقاعدين عسكريين كبار، وان كانت الصناديق صادقة، فالظروف التي جاءت في البرلمان معقدة وصعبة ولها انفاق محددة.
ولكن منطقيا كل هذه التيارات المتضاربة، في البرلمان السابق والتي يوجد بها موالون بشدة لدول عدة خارجية، عجل من حل البرلمان الثامن عشر، وفي ظل صراع عربي داخلي، معقد، كانت جميع المحاور تمد حبل الخناق على الأردن، وهذا ما تبين صحته في الأشهر الأخيرة، سيما امام الجنون والتطرف السياسي الذي صنعه ترامب، وكان على الأردن ان ينتج برلمانا مختلف بمضمونه كليا، ويتناسق مع الخط الحكومة وخط ترامب كما راينا في برلمان 2020.
وكان من الواضح ان البرلمان برئاسة عبد المنعم العودات، يشبه كثيرا حكومة بشر الخصاونة وبينهما تلاقي كبير، ونجد ظهور اسم العين السابق والناطق صخر دودين يوازي صوت فتحت له المايكروفات البرلمانية وهو النائب صالح العرموطي، وان ابدع الأخير باعطاء صوت برلماني مميز ضمن خبرته الطويلة، تلعثم أحيانا وغطى اللسان الإعلامي للحكومة معالي صخر دودين واستقر وهو يقود المشهد الإعلامي للحكومة الصامتة .
اما صديقنا عبد المنعم العودات فهو ليس غريب على البرلمان فقد كان نائبا سابقا، وقانوني مخضرم، ورجل مهذب وله قدرة استيعاب جيدة، وتمكن من قيادة البرلمان حسب الخط الحكومي الموازي ، وذكر اسمه بانه رئيسا للبرلمان قبل تسلمه الرئاسة ، وقد انتبه منذ البداية انه يجاور أسماء قوية كالنواب عمر العياصرة، وينال فريحات، وصالح العرموطي، وكذلك المخضرم عبد الكريم الدغمي، وشخصيا رايت صوتين عشائرين وهما النائب احمد القطاونة عن الكرك و أسامة العجارمة عن عمان .
النائب العشائري يتعرض لضغط داخلي يفوق السياسي، وذلك لانه امام مطالب تريد التحقيق وليس كالسياسي الذي يقدم كلمة نارية ثم يعيد نشر مقتطفات منها، وهذا رصدته مثل بالنائب الأسبق طارق خوري حيث كان يقول : انا نائب سياسي رقابي ان واجهت مشكلة مع مسؤول أتوجه للوزير ولا يمكن ان اتحرك كنائب خدمات لاني افقد حضوري وهيبتي) بينما نائب الخدمات كان كل صباح يتحرك من المحافظة للمؤسسات الأخرى كيف يسير مصالح الناس.
وفي حديث النائب العجارمة الذين شغلت الشارع قضيته فقد ظهر مقدما بصورة غاضبة يوم فوزه عندما وجه رسالة صارخة الى مصانع منطقته، واظن تم تحويلها للمحكمة ثم قضية خلافه مع احد المصانع، ولتاتي قضية شتمه لمجلس النواب والتي على اثرها أوقف عام حتى كتابة هذه السطور.
ما اغضب النائب أسامة العجارمة نقاشه مع رئيس مجلس النواب العودات، فقد طالب بنقاش اقتطاع الكهرباء عن كامل المملكة لعدة ساعات، وفي جلسة مغلقة بينما كان يريد العجارمة جلسة مفتوحة تحت قبة البرلمان، ولان طريقة العودات تهدئة الأمور وليس تضخيمها فلم يكن يريد تفعيل نقاس الكهرباء للمتعطشين خطابيا، ولو على حساب المؤسسة حيث كان يكفي جواب مقنع من الحكومة وانهاء الامر، مما ازعج واستفز العجارمة وقال كلمته المشهور وربط قطع الكهرباء بمسيرات يوم الجمعة وهذا أيضا اتجاه بعيد عن الواقع. الان تم جلسة ثانية كان يريد أسامة العجارمة تقديم اعتذار لبق، والعودات يريد اعتذار واضح ، سيما انه لا يريد الظهور بانه رئيس ضعيف، وخسر باقي مشواره، فلم يصل احدهما الى إجابة شافية، مع ان المخضرم خليل عطية كان يريد انهاء الحدث بوقته، وهو يعلم ان البرلمان هذا لا يحتمل الغام أخرى ، وحدث ما حدث وتم توقيف العجارمة عام كامل، ولاننا امام برلمان تمثيله الاغلب عشائري وليس سياسي، تدخلت عشريته تلقائيا وحدث ما خشيه عطية، ونحن نر من أيام تلك التداعيات.
براي كان من الممكن ان تحل القضية على طريقة العاقلين، ويتراجع المجلس، قبل انتهاء الجلسة العادية، ولكن للأسف النائب أسامة العجارمة ضخم ردود الأفعال، في الشارع، وببعض التصرفات ومحاولة تشكيل تحالف عشائري يواجه قرار العودات، مما جعل القرار السياسي ومنه البرلماني وموقف العجارمة ونائبها امام سؤال هاملت التاريخي أكون او لا أكون . سيما في برلمان يقال كثيرا في الشارع انه لن يتجاوز العامين من عمره.
عمر شاهين
كاتب ومدون اردني