مشعل وهنية وآخرون: «آلو» بالجملة من حماس لـ«نخب أردنية»
الشريط الإخباري :
يرتفع بوضوح منسوب الإعلان والإفصاح عن «تلقي» شخصيات أردنية لاتصالات تقدير وعرفان من حركة حماس. ويزيد في المقابل، حتى في مربع القرار السياسي في عمان، منسوب العصف الذهني الذي يبحث عن صيغة ما للتعامل مع فصائل المقاومة لاحقاً وسط خيار تفضله الدولة الأردنية بعنوان «انضمام المقاومة لائتلافات المنظمة وحكومة وفاق فلسطينية».
يوم الجمعة الماضي تحدث القيادي السياسي في حركة حماس خالد مشعل، مباشرة إلى جمهور الأردنيين في إطار المناسبة التضامنية مع المقاومة التي أقامها الكابتن الطيار يوسف الدعجة.
قبل ذلك، نقل مشعل نفسه تحياته للعشائر الأردنية التي بدأت في حراك سياسي متعدد المناطق في إطار التضامن مع القضية الفلسطينية والقدس، وفي إطار دعم وإسناد الوصاية الهاشمية على أوقاف القدس، والتنديد بالاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة ومساندة المقاومة.
في اتصاله مع القطب البرلماني خليل عطية، نقل مشعل تحياته لأبناء العشائر الأردنية التي وقفت مع الشعب الفلسطيني.
وعلى جبهة إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، ثمة اتصالات شبه يوميه مع نخب سياسية واجتماعية وعشائرية أردنية، وكذلك مع بعض النخب السياسية والأمنية، بهدف التوصل إلى صيغة يتم من خلالها التعامل مع حركة حماس أردنياً ومن خلال حلقة اتصالات أو تواصل منضبطة إلى حد بعيد.
تحية للشعب الأردني
في كل تلك الاتصالات الحمساوية تأطير ملاحظ يوجه التحية لوقفة الشعب الأردني، وتحديداً على صعيد الحراك العشائري والقبلي للأردنيين تضامناً مع الشعب الفلسطيني، فقد أعلن أعضاء برلمان وسياسيون محليون تلقيهم اتصالات «هاتفية» من الشيخ هنية، وبين هؤلاء صالح العرموطي، وينال فريحات، ورولا الفرا، وقبل ذلك ثمة تواصل بين مشعل وطاهر المصري.
عدد الأردنيين الذين يتلقون «آلو» من حماس يزيد يومياً. وما يصدر حتى عن مؤسسات مرجعية «لا يمانع» اختبار شخصيات شبه رسمية للتواصل مع قادة حماس.
تلك كانت مستجدات لا يمكن الاستهانة بها في الساحة المحلية، خصوصا أن أهم أحزاب المعارضة التابع للإخوان المسلمين، وهو حزب جبهة العمل الإسلامي، ينشط في الشارع الشعبي الأردني، داعياً وبصورة مباشرة إلى التشبيك مع المقاومة الفلسطينية ووقف وضع الرهانات فقط على السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس، وذلك في إطار التنويع هذه المرة، وفي إطار الحفاظ على مصالح الدولة الأردنية العليا، كما صرح الأمين العام للحزب الشيخ مراد العضايلة، الذي كان قد اقترح عبر «القدس العربي» عدة مرات على حكومة بلاده أن تبادر إلى التحدث، حتى قبل المستجدات الأخيرة، مع نصف الشعب الفلسطيني، و ضرورة إعادة الاعتبار للاتصالات الطبيعية وبالحد المنطقي مع فصائل المقاومة الفلسطينية.
حتى تحت قبة البرلمان الأردني وفي أوساط العشائر التي تشكل بنية الدولة الأردنية وبنية أجهزتها ومؤسساتها، تزيد تلك الاقتراحات والأصوات التي تطالب بسقف جديد في العلاقة مع فصائل المقاومة الفلسطينية.
بعض تلك النصائح تتحدث عن تسليح فصائل المقاومة للحفاظ على تراب الوطن الأردني، وبعضها الآخر يلجأ إلى الحديث عن إقامة علاقة سياسية وإعلامية بشكل سريع وعدم التأخر في ذلك.
في رأي السياسي مروان فاعوري، كل تلك اعتبارات لم يعد من اللائق ولا من المطلوب ولا من المنطقي على السلطة الأردنية أن تتجاهلها.
المستجد كبير في المعادلة الفلسطينية، والأردن غير موجود على الأرض وبالميدان، كما اقترح في نقاش مع «القدس العربي» وزير البلاط الأسبق الدكتور مروان المعشر، وهو يؤكد على ضرورة حماية وتأطير المصالح الحيوية الأردنية عبر التواجد في الميدان الفلسطيني، مما يعني التغيير في نمطية التحالف والتشبيك مع السلطة وأجهزتها على حساب المستجدات المتغيرة، التي على رأسها المقاومة اليوم.
ضغوط
أردنياً وعلى المستوى الرسمي، يزيد تعرض الحكومة للضغط، لكنها صامتة حتى الآن، فيما يبدو أن الأصوات التي تدعم في اتجاه التشبيك مع المقاومة وإقامة صلات سياسية وإعلامية ونظامية معها لا تجد متحمسين كثراً داخل مؤسسات القرار الرسمية؛ فملف المقاومة وحركة حماس المقاومة الفلسطينية لا يزال ضمن الاعتبار الأمني.
وما يرشح عن مؤسسات ومستويات الصف الرسمي حتى الآن هو بقاء هذا الاعتبار، في الوقت الذي يبدو فيه أن اتصالات على مستوى مجلس سياسات الدولة تجري مع مشاورات بهدف التوصل إلى صيغة تتعامل مع المتغير الكبير في المعادلة الفلسطينية. ورغم أن هذه المشاورات مازالت بطيئة وزاحفة، إلا أن التفكير يبدو أنه يتفاعل حتى داخل المنظومة الأمنية الأردنية بعنوان طرح سؤال أصبح في دائرة الاستحقاق الآن، وهو: ما الذي ينبغي أن نفعله في مرحلة لاحقة مع فصائل المقاومة الفلسطينية، وكيف ننتهي إلى صيغة تقيم علاقة وتبقي الأردن فاعلاً داخل هذه المقاومة وعلى طاولة الأحداث دون التورط بمغادرة النمط التقليدي، رغم أن هذه المغادرة أيضاً مطلوبة ولأسباب وطنية أردنية هذه المرة، كما يقترح الشيخ العضايلة؟
في هذه الأثناء، يبدو أن المقاومة الفلسطينية أصبحت أقرب ليس إلى نبض الشارع الأردني فحسب، ولكن أيضاً إلى نبض النشطاء والقيادات في الصف العشائري وفي جميع المكونات الاجتماعية.
وسياسياً، التعامل مع المقاومة أو الاتصال بها أو تبادل حتى التحية معها وإجراء نمط من أنماط التشاور والتنسيق، دخل في إطار الاستحقاق السياسي دون شك، وأصبح من التحديات التي تواجه التيار الذي يؤمن بالتحالفات التقليدية، ويعمل طوال سنوات على إبعاد حركة حماس والمقاومة الفلسطينية عن مساحة التأثير في السياسة الأردنية، وهو نفسه التيار الذي يكثر من الحديث عن شرعية فلسطينية واحدة تمثلها السلطة والرئيس عباس، فيما المقاربة المطلوبة الآن هي عدم مغادرة هذه الشرعية، لكن دون التفريط بقراءة واقعية عميقة أكبر وأوسع تحقق التوازن الذي يمكن أن تستفيد منه المصالح الوطنية الأردنية، كما يقترح السياسي والبرلماني البارز الدكتور ممدوح العبادي. إلى هنا، تبقى المؤسسة الأردنية في حالة تلقّ للاقتراحات والنصائح.
بسام البدارين
القدس العربي