اعتذار الطائر الذي تسبب بانقطاع الكهرباء
الدكتور: رشيد عبّاس
من محافظة حضرموت ومن مدينة المكلا بالذات وبعد أن حط طائرنا العزيز(أبو سعد) هناك بعد رحلته الطويلة الشاقة ومن على شجرة السيسبان المعمّرة والمتكئة عجزاً وهرماً على احد البيوت المهجورة, أرسل أبو سعد للشعب الأردني ذلك الطائر الذي تسبب بانقطاع التيار الكهربائي ولمدة اربع ساعات متواصلة على جميع مناطق الأردن..أرسل للتوّ برقية اعتذار جاء فيها:
بينما كنت مهاجراً من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي كعادتي في أواخر فصل الربع, وبينما كنت فوق الأجواء الأردنية المعتدلة, وصلتني إشارة من احد أجنحتي تشير إلى أن شحن جناحي الأيسر قد أوشك على النفاذ, وعلى الفور قمت بتخفيف السرعة واستخدام مجسّات الهبوط الاضطراري كي أتوقف فوراً على احد خطوط كهرباء الضغط العالي, ولأن وقت الهبوط حرج جدا فلم اتمكن من استئذان مسؤولو الطاقة في الأردن, وبعد الوقوف التام وشحن الجناح الإيسر بالكامل والذي استغرق نحو أربع ساعات متواصلة شعرت أن الأردن قد أظلم بالكامل, كيف لا وأن هذا الشحن الكهربائي لجناحي الإيسر سحب كل التيار الكهربائي الموجود في الضغط العالي أثناء الشحن.
ولأن الرحلة أمامي كانت طويلة, ولأن (الغاية تُبرر الوسيلة) فقد استمريت بالشحن طيلة انقطاع التيار الكهربائي, وتسببتُ ما تسببتُ به من أعطال لمصالح الناس وأعمالهم, فإنني أتقدم من الشعب الأردني وبعد أن وصلت إلى محطي الأولى (مدينة المكلا) سالماً غانماً لانطلق منها فيما بعد إلى الشمال الغربي لمدينة (بكين) حيث محطي الأخيرة هناك..أتقدم بخالص اعتذاري, بعد أن كنت قد تسببتُ بانقطاع التيار الكهربائي عن الذين كانوا منبطحين على بطونهم منشغلين على الفيس بوك, وعلى الواتس أب بــ فلان طويل وفلان قصير, وعن الذين كانوا منهمكين على مواقع التواصل الاجتماعي يوزعوا الجنة والنار على خلق الله, وأتقدم بخالص اعتذاري للذين كانوا ينتظروا التنصيب والــ(توزير) والترشيح والترفيع وفاتتهم هذه الفرصة.
كنت أتوقع أن يكون لديكم محطات توليد كهربائية احتياط كما هو الحال في دياري وأوطاني..ولهذا اطلتُ الشحن, ولأن مواسم الطيور المهاجرة تتكرر كل سنة, ولأن فضائكم جميل ومشجّع للمرور من فوقه, فقد بات عليكم أيها الطيبون أن تسبّحوا الله ثلاث, وأن تحمّدوه ثلاث, وأن (توحّدوه) ثلاث..فكثرة التململ والتذمّر والاحتجاج والعتّاب واللوّم يُقلّل البركة, ويذهب ريحها.
أرجو منكم أيها الطيبون قبول اعتذاري فـ(الضرورات تبيح المحظورات), وأرجوا أن لا يتكرر المشهد معي ثانيةً, وينفذ شحن جناحي الأيمن هذه المرة عند عودتي إلى موطني الأصلي والذي اشتقتُ إليه وهو الشاطئ الغربي لبحيرة ميشيغان الأمريكية أثناء مروري من فوق فضائكم الرائع.
وبعد,
تحياتي لأعضاء اللجنة المشكّلة للتحقق في أسباب انقطاع التيار الكهربائي, فـ(إذا عُرف السبب بطَل العجب)..ومرة أخرى أجددُ اعتذاري للجميع فقد تعطلت ماكنة إنتاج الغيبة والنميمة لديكم ولمدة اربع ساعات, وتسعٌ وخمسون دقيقة, وبضع ثواني.
محبكم أبو سعد..